ترامب وسحب الباتريوت من السعودية

> جويس كرم

> قرار الجيش الأميركي سحب أنظمة صواريخ باتريوت وعشرات من الجنود في المملكة العربية السعودية هذا الأسبوع يتماشى قلبا وقالبا مع عقيدة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الخارجية وغير المبنية على تحالفات أو التزامات دائمة بل على مصالح تتضارب فيها الأهداف الأمنية بتلك الاقتصادية.

وزارة الدفاع الأميركية أكدت أن هناك تغييرات روتينية تواكب الوجود الأميركي في الخليج بعد أن كشفت "وول ستريت جورنال" الخميس الماضي قيام واشنطن بسحب أربع بطاريات صواريخ باتريوت ويعض الطائرات التي نشرت في سبتمبر الفائت إثر الهجوم على المنشآت النفطية السعودية.

التغييرات، بحسب الصحيفة، ستطال أيضا خفض الوجود الأميركي البحري في الخليج "ولينهي الإجراءات العسكرية المتزايدة لردع إيران"، لأن طهران، بحسب المسؤولين، "لم تعد تشكل تهديدا آنيا للمصالح الإستراتيجية الأميركية".

دونالد ترامب كان صريحا أكثر من قيادته العسكرية بتفسير التعديلات وقال الخميس الماضي "هناك دول غنية نحميها مقابل لا شيء، وإذا كنا نقدم الحماية لبعض الدول فعليها احترامنا".

الاحترام الذي يقصده ترامب هنا لا علاقة له بالمعاهدات والتفاهمات الدفاعية بين السعودية وأميركا بل هو يرتبط بأسعار النفط وما طلبته واشنطن من المملكة ولم تحصل عليه. فاتصال 2 أبريل بين ترامب وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بحسب وكالة رويترز، حمل تهديدا من الرئيس الأميركي بقطع الدعم عن السعودية إذا لم تتوقف عن إغراق الأسواق. لذلك هناك ثلاث معطيات بارزة تحيط قرار ترامب والعلاقة الدفاعية بين السعودية وأميركا:

1 ـ خفض الحضور العسكري الأميركي في السعودية لا يرتبط بمستوى التهديد الإيراني الذي تزايد في الأسابيع الأخيرة وبعد تأكيد البحرية الأميركية أن 11 زورقا إيرانيا تحرشوا بسفنها في مياه الخليج في منتصف أبريل. وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو أكد منذ أيام أن التهديد الايراني مستمر، مما يعني أن خطوة ترامب ترتبط بأسباب أخرى.

2 ـ حرب النفط وانخفاض سعر الخام لأرقام قياسية وضعت ترامب في صف روسيا وفلاديمير بوتين في مواجهة السعودية. تهاوي الأسعار وعدم تعهد الرياض بكبح الإنتاج، يغرق اليوم الشركات الأميركية وأدى إلى إعادة النظر في الوجود العسكري الأميركي لحماية منشآت نفطية سعودية لا تحمي الأهداف الاقتصادية الأميركية.

لذلك فإن استخدام المسؤولين الأميركيين عبارة عدم تشكيل طهران "تهديدا آنيا للمصالح الاستراتيجية الأميركية" هو بسبب تغير هذه المصالح وليس تغير التهديد. فلم يعد لدى واشنطن مصلحة اليوم بحماية منشآت سعودية لتفادي ارتفاع في أسعار النفط في وقت يسعى ترامب لرفع هذه الأسعار.

3 ـ سحب بطاريات الباتريوت هو خطوة رمزية ورسالة للرياض بأن ترامب جدي في تهديده بقطع الدعم العسكري وأن خطوات أكبر وأكثر جدية قد تلي. فالباتريوت وسحب عشرات الجنود لن يقلب ميزان القوى الدفاع في الخليج إنما قد يدفع الرياض إلى إعادة الحسابات في حال أقدم ترامب على خطوات أمنية أكبر.

قرار ترامب بسحب الباتريوت من السعودية يعزز عقيدته الخارجية بأن هناك ثمنا اقتصاديا ومقايضة بين المصالح التجارية والأمنية. هذه المقايضة كانت حاضرة في العام الأول من انتخاب ترامب وزيارته السعودية كأول محطة خارجية له في مايو 2017. قرار الزيارة تم يومها بعد التأكد من إبرام تفاهمات واتفاقات اقتصادية ودفاعية بمليارات الدولارات بين الجانبين.

خفض الوجود الأميركي العسكري في السعودية يقرب أيضا وجهات النظر الروسية والأميركية حول السياسات النفطية، ويعيد رسم أولويات السياسة الخارجية الأميركية بعيدا عن الشرق الأوسط وباتجاه آسيا وكبح الصين التي تشكل تهديدا أكبر بكثير من إيران على قوة ونفوذ واشنطن.

إيران هي المستفيدة الأكبر من التراجع الأميركي والذي ينافي سياسة "الضغوط القصوى" عليها ويضع المنشآت النفطية في الخليج في مدار صواريخها من دون أي حلول في الأفق تتعاطى مع تهديد الصواريخ الإيرانية أو التوافق على منظومة إقليمية تحمي هذه الدول من دون وجود ضرورة للباتريوت.

"الحرة"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى