ملك المراوغة الساكن في القلوب الحضرمية

> فؤاد باضاوي

>
* يتربص بك في أضيق مساحات الملعب ، ويتخلص منك بلعبة جميلة وحرفنة ، لا يتقنها إلا هو المهاجم البديع الحريف (الكابتن سالم محمد بامطرف) إبن الشيبة رحمة الله عليه .. والمراوغة كانت من مهاراته الأساسية المفضلة ، ومتعته في الملاعب ، يحتار المنافس من أين يأتي لإبن الشيبة ، وكيف يستخلص منه الكرة ، إذ أنه بلمسة وتغيير اتجاه ، تجد نفسك خارج اللعبة والمنافسة ، لأنه من القلائل الذين يتلاعبون بالكرة في أضيق المساحات وأصعبها ، إنه ملك خط الـ 18 وهو مهاجم مقدام وهداف كبير.

 * كان الجمهور الرياضي للأهلي وكل حضرموت يرقبه ويتتبعه ويرصد تحركاته طمعا في لعبة وحرفنة خاصة ومراوعة مجيدية، تنتزع الآهات والتصفيق من مدرجات الملعب وتتلاعب بالمشاعر والوجدان ، وتجدد الشوق لهذا الفنان المبدع ، الذي صال في خط هجوم المتعة والرعب في النادي الأهلي ومنتخب حضرموت ، فقد مثلنا في المنتخب المدرسي في الدورة العربية، التي أقيمت في الصومال ، فكان مثالا للحضرمي الرائع والأنيق والمتألق، وكان حضوره يعني حضور الكرات الراقصة ، والمراوغات الجميلة ، والتمريرات المتقنة ، والألعاب الساحرة والكرات الماكرة.

 * عاشق الغيل وسر متعتها ، الأرض التي قدمت نجوماً وأفذاذاً في لعبة كرة القدم ، وفي التربية والتعليم ، وفي السياسة ، وفي غير مجال من مجالات الحياة ، أرض التمباك والطباشير والمعايين والنخيل والمواهب الكبيرة والرائعة، وقد أحب الراحل (إبن الشيبة) أزقة وشوارع وقهاوي الغيل ومزارعها وباغها الجميل وأهلها الطيبين ، فبادلوه العشق والوفاء بالوفاء ، فكان بحق أيقونة غيلية جميلة ، وصورة رسمتها ملامح الزمن في كل حضرموت وفي كل ملاعبها ، الكابتن الذي ودعنا وكل عشاقه مبكراً خلف بسمة وهمسة ولمسة وفاء إخترقت القلوب والأفئدة وحلق بالعشاق في سماوات المحبة والعشق الأزلي.

 * أن تكون مهاجماً ، بل ولاعباً في النادي الأهلي خلال أيام العز ، فالأمر يتطلب الكثير من الموهبة والرسوخ والوهج الكروي ، ولكن أن تكون ضمن (رباعي الرعب) في المقدمة الأهلاوية ، فذلك يتطلب منك الكثير ، وأولها الموهبة الكبيرة ، وإبن الشيبة، ولد كبيراً عملاقا في الملاعب وأفصح عن موهبة سحرت القلوب جعلته نجماً فوق العادة عانق المجد والكؤؤس والألقاب والنفوس فتوقفت عنده المتعة وازدانت ساحات الغيل بفنه وحرفنته البديعة.

 * لم أعاصر كل تاريخه الرياضي ، ولكنني تابعته في مراحله الأخيرة في الملاعب ، إلا أن كل من تابع بداياته ، قال : "إنك لم تر المتعة الحقيقية والمراوغات الجميلة والرشاقة واللياقة التي كان عليها هذا الفتى المتفوق في بداياته وأسلوب كرته الراقي، أثناء وجوده في الملعب وكيف كان يتراقص بالخصوم مثل غزال شارد أراد الفرار في صحراء المجد الكبيرة.

  * "سيذكرني قومي إذا جد جدهم وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر" .. نعم لقد رحلت بدراً في سمانا في زمن إفتقدنا فيه تكريم النبلاء ، ولكن ثق أيها الراحل العظيم ستذكرك الأجيال وستكرم فيك الموهبة الكبيرة أنت والراسخ (المرحوم عمارو) في قيادة جوقة الأهلاوية في الزمن الكروي الجميل ، وربما يأتي في الغيل وحضرموت من يكرم الأحياء من العمالقة الأفذاذ ، وعلى رأسهم كبير الموهوبين الكابتن عبد الله باعامر أطال الله في عمره .. وزمان كانت لنا أيام يالعباد.

 * سيذكرك التاريخ يا ابن الشيبة ، وسيحكي الزمن للأجيال قصة وفائك وقوة موهبتك ، وسيأتي من يقدر عطاءك ، ومن يعترف بالمواهب ، والعطاءآت الكبيرة ، ستتذكر الأجيال لمحاتك ولمساتك الفنية النادرة ، وسيقول الزمن للأجيال : هنا كان ملك حقيقي للمراوغة إسمه سالم بن الشيبة .. هنا كان للفن الكروي عنوان وشنة ومقام ، هنا كان لاعباً يحرك المدرجات بأسلوبه الممتع ، ومراوغاته البديعة ، هنا كان فنانا يرسم بقدميه لوحة جمال ن ويبدع ويصول ويجول ، والكرة بين أقدامه تطيعه ، وتتطوع مع جسمه الرشيق ، هنا كان سالماً مسالماً أنيقاً هدافاً .. هنا كانت كرة الأهلي للمتعة والإبداع .. والله كانت لك أيام لا تنسى أيها الراحل البديع.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى