غزال الفيحاء ساكن الوجدان

> فؤاد باضاوي

>
* الحديث عن الكابتن المعروف (وجدان محمود الشاذلي) ، يتطلب التطرق إلى أوجه عديدة ، في مشواره الرائع مع الساحرة المستديرة محليا وعربيا ودوليا لأنه نجم سطع نوره وتألق في الجناح الأيمن ، حيث كانت المنطقة اليمنى في الملاعب ، ماركة وجدانية مسجلة بإسمه فقد تميز وجدان برسم صور بديعة مع فريقي الشرطة والوحدة العدني ، وكذا في صفوف المنتخبات الوطنية ، التي صال وجال معها ، في بطولات كثيرة ، ودونت أهدافه بماء الذهب ، ومازالت الذاكرة تحتفظ له بأجمل اللقطات والتدخلات والتوغلات والغزوات الكروية الجريئة  والإرتقاءات والمراوغات المدروسة والجميلة .. كيف لا وهو غزال هيج الأشجان ، وباح بالأسرار وسطر أجمل قصص الحب والوفاء مع أبناء الفيحاء ، وقد كان مثالاً للود والإخلاص ، ولكن (وآه من كلمة لكن هذه) ، فقد تدخلت السياسة لتضع حداً لتوهج وجدان شاذلي ، وهو الذي كان قد بلغ قمة نضوجه ومستواه ، وبات يقود الأخضر العدني من نصر إلى نصر ، ومن إنجاز إلى آخر ، ويقدم لمحات ومحطات كروية بديعة ، في المستطيل الأخضر ، ولا غرابة أن تشهد له ملاعبنا والملاعب الخارجية بأنه من صناع المتعة والجمال والانتصارات.

 * كان حكاية عدنية يمانية ، حاكت فصولها الأيام والأنغام الجميلة ، فغزال الفيحاء هذا ، والعاشق الودود لبلاده أحب عدن وأهلها ، وكان وما يزال حديث أهلها الشجي في (قهاوي الشيخ عثمان) ، حيث عشاق الرياضة المهووسين بالكرة ، وجلاس الفن الكروي البديع ، يحكون ويتذكرون الزمن الكروي والرياضي الجميل .. تلك الأيام التي سكنت الوجدان والقلوب وغردت في سماء الأهل والخلان والأحباب ، حيث كان فتى الفيحاء وجدان الشاذلي (كروان الكرة الجميل) هو من يغزو القلوب دون إستئذان ، لتصبح سيرته العطرة في كل شارع وبيت وإن باعدت بينه وبين عدن (جنة الدنيا) الهجرة المرغمة ولسان حاله يقول ما قاله فناننا الراحل أبوبكر سالم بلفقيه : "ما تخيرت غيركم شاهدي ربي ، هم مرادي ومقصدي ، وهم عز مطلوب ، حين سافرت ، سافرت مغصوب" .. نعم عدن كانت وما تزال تسكن وجدانه وكيانه ، وله فيها ذكريات وذكريات لا تعد ولا تحصى ، وهو الذي عاش في كنفها عمره كله وعرفته الجماهير نجماً في ملاعبها ارتبط بأرضها الطيبة وأهلها البسطاء.

 * وللرحيل أو اللجوء إلى سويسرا ، حكاية أخرى يعلمها القاصي والداني ، ففي المباراة المشئومة التي لعبها فريقه الأخضر العدني أمام فريق وحدة صنعاء على ملعب الشهيد الحبيشي بكريتر ، حيث اندلعت حينها أحداث الشغب وإطلاق النار في المباراة، بينما كانت الجماهير تتابع وقائع اللعب ، وحينها حاول من حاول إلصاق تهمة إثارة الشغب بالقائد النجم وجدان الشاذلي ليقدموه ككبش فداء لتلك الأحداث ، وهم يعلمون أنه برئ من هذه التهمة المدسوسة ، فأرغمته تلك الظروف على المغادرة إلى سويسرا ، طالباً حق اللجوء هناك مرغماً إذ لا كرامة لنبي بين قومه ... وفي (سويسرا) أكمل مسيرة العطاء لموسمين ، قاد خلالهما فريق إحدى الجامعات السويسرية إلى تحقيق البطولة ، فلفت مستواه أنظار مدرب فريق الجامعة ، الذي سأله : "هل أنت كنت لاعب كرة معروف في بلادك يا وجدان؟" : فرد عليه وجدان قائلاً : "نعم كنت ألعب لمنتخب اليمن" ، فازدادت ثقة المدرب السويسري في الكابتن وجدان شاذلي، الذي أخرج كل ما تبقى في جعبته من فنون كروية رائعة في الملاعب السويسرية ، لكنه توقف بعدها عن مداعبة كرة القدم لتبرز موهبة أولاده، التي بدأت في التفتح تحت نظر والدهم ومثلهم الأعلى الوالد وجدان الشاذلي ، الذين سيعرفون عنه الكثير والكثير مع مرور الأيام سيعرفون أن والدهم كان نجماً لا يشق له غبار ، رافقته المتعة والعطاء الجميل والأخلاق الرياضية وحبه لأصدقائه ، مهما باعدت بينه وبينهم الأيام .. وحتماً سننتظر أن يعلن أحد أولاده عن ذاته وموهبته بجينات (وجدانية شاذلية) تعيدنا للزمن الجميل لنتذكر من جديد موهبة والدهم الفذة والكبيرة.

 * الكابتن وجدان محمود الشاذلي سيرة عطرة ومسيرة طويلة ومشوار بديع مع كرة القدم ، نجم ارستقراطي، أجاد اللعب بالشوكة والسكين في طاولة جميلة اتسعت دوائرها وتعدد عشاقها بين صغار وشباب وكبار السن ، وحتى النسوة، كان لهن دور في اقتسام العشق والإعجاب مع فتى فاقت شهرته الحد المعقول، وذهبت بالعقول وطالت كل شبر في الوطن .. نعم وجدان علامة فارقة في تاريخ الكرة اليمنية وبصمة ثابتة في سجلات المجد والعشق الكروي لا يمكن للأجيال أن تنساها أو تتناساها ، بل ستتناقلها جيلاً بعد آخر، وستحكي للزمن قصة الأمس الوجدانية الجميلة ، وحكاية حفرت مجدها في القلوب والعقول لتتخطى خزعبلات الزمن المر وحكايات الهدم والتدمير ممن ليس لهم علاقة بلعبة كرة القدم لا من قريب ولا من بعيد.

 * وستردد جماهير الفيحاء ، مع كل طلعة شمس حكايتك وقصتك الجميلة يا وجدان وستقول : "عايزنا نرجع زي زمان ، قل للزمان إرجع يازمان" .. فسلاماً إبن الشاذلي ، على كل ما قدمت وأبدعت وأمتعت وحركت فينا الوجدان ، وستظل في ذاكرتنا ، وذاكرة الأجيال التي لن تكف عن التحدث عن (غزال شارد جميل) مر من هنا ، وقدم لمحات ولقطات وفنيات لا تنسى وتغلغل حبه ووفاؤه وإخلاصه في ديرة أهله وعطر منافساتهم الكروية بالفل والكاذي والعود والبخور ، ونشر الأفراح في شوارع الشيخ عثمان، وكل حاراته أيام كان لوحدة عدن سيرة وبيان أيام الملك الأحمدي ، والخالد عفارة ، وياسين محمود ، وفضل الأوبلي ، وشكري صعيدي ، ولطفي عبدالله سالم ، والحارس الأمين محمود ، ومهاجم المنتخبات (الأسمر الخطير فضل الأوبلي) ، وماهر حسن ، وماهر قاسم ، وهاني عبد الكريم ، ومشتاق محمد سعد عبد الله ، والعبادي ، وعبدالله هادي ، وجمال سندو ، وغيرهم كثر ، فكلهم نثروا الورود في مشوار الأخضر ، وسطروا المجد والانتصارات والفنون الكروية الجميلة.
 * ويا رسولي خذ معك وجدي وأشواقي وطير ، قف على شمسان ، واجزع ساحل أبين والغدير قل لهم قلبي على الهجران، ما يحمل كثير   ، وكل شيء مقبول ، كل شيء معقول ، إلا فراقك يا عدن.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى