الوجه الإيجابي لكورونا!

> تناول الأطباء والباحثون ووسائل الإعلام المختلفة شرور جائحة كورونا الذي يسببه الفيروس التاجي كوفيد 19، وذكروا بشيء من التطويل والإسهاب كل ما يتعلق بأضراره وآثاره السلبية المدمرة سواء علي صحة الإنسان، أو ما ألحقه -وما يزال- من ضربات وهزات عنيفة في حركة التجارة والاقتصاد العالمي، وما إلى ذلك، وأنا في هذا المقال المقتضب سأطرح الوجه الإيجابي لهذا الفيروس.

فلولا هذا الفيروس المتناهي في الصغر الذي حير العالم بأسره وجعلهم يقفون عاجزين أمامه دون أن يستطيعوا قهره واكتشاف الدواء الناجع له أو حتى التخفيف من حدته وأعراضه، ولسان حالهم يقول: لكل داء دواء يستطب به إلا كورونا أعيت من يداويها، فلولاه لما عرفنا أصحاب الضمائر الميتة والمستغلين والانتهازيين والمحتكرين والمتاجرين بمعاناة الناس وغيرهم من النرجسيين والماديين البراجماتيين المنتشرين على طول وعرض بلدنا المثخن بالجراح والمحاصر بالأوبئة والأمراض والحميات، والذين لا هم لهم سوى تحقيق الثراء الفاحش والسريع، حتى وإن كان بطرق غير مشروعة وعلى حساب الفقراء والمساكين.

وما يحسب لفيروس كورونا أنه قد أماط اللثام عن الوجه الحقيقي البشع والدميم لبعض الأطباء الذين تدثروا بدثار الإنسانية وتظاهروا بالطيبة والاستقامة، واستطاعوا بتلك المساحيق التجميلية خداع الناس وتضليلهم ردحاً من الزمن، حتى احتاج الناس إلى خدماتهم واستشاراتهم الطبية، تواروا عن الأنظار تاركين المستشفيات خاوية على عروشها بدون أدنى اعتبار لقيمة الإنسان وشرف المهنة التي تحتم عليهم تأدية مهامهم الإنسانية حتى في أسوأ الظروف وأصعبها باعتبار الطب في المقام الأول مهنة إنسانية وليست تجارة واستثماراً، وفي أفضل الحالات قاموا بإيصاد أبواب مشافيهم أمام المرضى، ومنعوا كثيراً من الحالات المرضية غير المصابة بكورونا من الدخول إليها رافضين معالجتها في تصرف غير مسؤول أقل ما يوصف بأنه بلطجي إجرامي يوجب المسائلة والعقاب الشديد، لاسيما أنه قد تسبب في وفاة الكثير من تلك الحالات المرضية، بينها أطفال في عمر الزهور!

ولولا فيروس كورونا المستجد، لما اكتُشف أمر المسؤولين الفاسدين الذين استغلوا الجائحة واسترزقوا منها دون أن تنهاهم ضمائرهم ونفوسهم الأمارة بالسوء من مد أيديهم إلى الدعم المقدم من المنظمات الدولية لمجابهة كورونا وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، بل راحوا ينهبون ويتلاعبون بذلك الدعم بلا خوف أو وجل؛ ليقينهم التام أن يد العدالة لن تطالهم، وبالطبع من أمن العقوبة أساء الأدب.

وبفضل كورونا عرفنا التجار الانتهازيين والجشعين الذين احتكروا السلع والبضائع لاسيما الأدوية والمستلزمات الطبية، ورفعوا أسعارها أضعافأً مضاعفة على ما كانت عليه مستغلين حاجة الناس.

فشكراً كورونا، فلولاك لما عرفنا أولئك الأنانيين. وتحية إجلال وإكبار لكل المخلصين والأوفياء والشرفاء الذين أثبتت هذه الأيام العصيبة أصالة معدنهم، وفي مقدمتهم أفراد الجيش الأبيض الذين يعملون بكل طاقاتهم من أجل مساعدة المجتمع في مواجهة هذه الجائحة وتجاوزها، والذين يرابطون في مشافيهم يعالجون الناس، ويقدمون لهم خدمات جليلة غير آبهين بما قد يلحق بهم في حال انتقل الفيروس إلى أجسادهم الشريفة النقية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى