الدودحية التي حصلت على البراءة

> منير طلال

>
منير طلال
منير طلال
الدودحية قصة فتاة عادية بإحدى القرى اليمنية التقليدية، كان من الممكن أن تحدث في أي مكان، فتاة أحبت ابن عمها الشاب، ولأنه فقير، رفض أبوها زواجهما، فارتكبت معه الفاحشة وحبلت وتم تجريمها.
وعملوا للحكاية شعراً شعبياً، كثر وتطور مع مرور الأيام، حتى بلغت أقاصي اليمن، ولأن إذاعة عدن كانت جديدة آنذاك، فقد تطرقت للموضوع، وهكذا اشتهرت قصة الدودحية في اليمن كله.

تقول كلمات أول أغنية على لسان العمة تخاطب بنت أخيها الدودحية:

والدودحية توصي لعدن

يدوا لش العطر والباقي كفن

أمان يا نازل الوادي أمان

لا عاد به ظن ولاعاد به قروش

والولد يرجف من تحت الكروش

أمان يا نازل الوادي أمان

يا دودحية وقومي اتعطري

قد صاحبش سار صنعاء يشتري

أمان يا نازل الوادي أمان

والدودحية من أغوى عقلها

تقوم من الصبح تصيح من بطنها

أمان يا نازل الوادي أمان

يا دودحية أبوش كان مستريح

واليوم أمش تعزي وأبوش يصيح

أمان يا نازل الوادي أمان

والدودحية تكبر بطنها

ولا استحت من أبيها وأمها

أمان يا نازل الوادي أمان

وكتب عدد من الأغاني تعرف الآن باسم "الدودحيات"، كقصيدة عبدالله سلام ناجي التى لحنها وغناها محمد عبده زيدي التى يقول فيها:

يا دودحية وانا ابن عمك انا

والتي تدري بمو تم بيننا

لا الذنب ذنبك ولا ذنبي أنا

ذنب الذي من تجاه الباب ردنا

وقبل الحرب بأعوام قليلة، كتب المؤلف المسرحي والقاص مختار مقطري نصاً مسرحياً بعنوان "مهر الدودحية" يبرئ فيه الدودحية من تهمة الزنى، ويقدم فيه قراءة جديدة للحكاية باعتبار الدودحية وابن عمها حافظا على علاقة حب بينهما طاهرة حتى النهاية، هذا النص المسرحي للمقطري أخرجه الفنان محمد الرخم، لكن وفي اليوم الأول للعرض، عندما كان الممثلون فوق خشبة المسرح يتألقون والجمهور يملأ قاعة المسرح في المركز الثقافي بصنعاء، دخل إلى قاعة المسرح مجموعة من الرجال المسلحين من آل الدودحي وأحدثوا فوضي وأوقفوا العرض المسرحي وهم يظنون أنه يسيء إليهم، ولا يعلمون أنه يثبت براءة الدودحية من تهمة الزنى، وفي العام الماضي 1919م، قام المؤلف والمخرج بالمشاركة بعرضهما المسرحي، بعد أن غير عنوانه إلى "البريئة" في المهرجان الأول للمسرح الوطني بعدن.

الأمر المؤلم أن قبيلة الدودحي غيرت اسمها واختفت بوادي "بنا" ليحمل أفرادها ألقاباً غير ألقابهم بسبب الإعلام الذي أساء إليهم، وأصبحوا يحملون ألقاباً أخري إلا فيما ندر.

وهنا علينا أن لا نسيء إلى قبيلة أو أسرة يمنية لاك الإعلام شرفها.

أما الأبيات الشعرية التى تذكر أسماء بنات من أسر قحطانية أو هاشمية، فهي من باب الإساءة المرفوضة والمعيبة، ويجب علينا أن لا ننزلق إلى هذا الدرك حتى وإن اختلفنا سياسياً أو حتى مذهبياً، فالطعن في الأعراض مرفوض ومقزز، وسوف يرجع على الشخص الذي يخوض فيها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى