عدن مدينة بركانية

> عياش علي محمد

> لا يستغرب المرء إذا عاد نشاط البراكين، ونفثت حممها على طول وعرض كريتر، عندها ستجد عدن تقوم بهجرة معاكسة للهجرات إليها، والتي جارت بهم نوائب الزمان.. والكارثة الطبيعية التي حدثت مؤخرا في عدن تدل دلالة كافية بأنها كانت لها علاقة بالظاهرة البركانية، وتسببت فيها الجبال المحيطة بعدن جراء عبث الأيادي البشرية فيها، فالأرض الزراعية على سبيل المثال تحتاج إلى فترة من الراحة والتنفس حتى تستعيد نشاطها الإنتاجي مجددا، وكما هي الأرض تحتاج إلى الراحة والتنفس، فالجبال أيضا تحتاج إلى ذلك، جراء الاختناق السكاني والمساكن الملتوية عليها كالتواء الثعبان، والطريقة الشائنة التي يعيش السكان حولها وفي قممها والذين لم يعطوا الجبال حقها في التنفس، فهي لا محالة طال الزمن أم قصر ستظهر ثورانها بعد أن خمد منذ الزمن الجيولوجي الأول، وعندها سيعرفون مدى تماديهم في اتخاذ الجبال البركانية سكنا ومبيتا ولهوا، وسيدركون خطورة ذلك بعد فوات الأوان.

تزايد السكان في عدن، وتكاثرت السيارات المنبعثة منها الأدخنة، وحوصرت البيوت العدنية بجاليات من المهجرين سواء من الريف الجنوبي أو من مدن الشمال الواقعة في المناطق الحربية والصراعات، وأصبح سكان عدن الأصليون لا يتجاوزون 40 % بينما المهجرون إليها قد يفوقون نسبة 60 %، والذين يفرغون عاداتهم ثم على المدى القصير والطويل يسيطرون على سياستها فيندفعون إلى الأحياء الراقية يحتلونها ثم يغزون ميادين التعليم والتجارة والطب والحقوق ويؤدي ذلك إلى تبدلات اجتماعية.

وشهدت عدن في الآونة الأخيرة جاليات ضخمة تسببت في نواحي كثيرة من التقصير في الخدمات وربما تحتل هذه الجاليات مع الزمن قوة النفوذ البرلماني الرئاسي فيصبح طغيان العناصر الريفية على نفوذ أهل المدينة فيكونون عمدة المدينة، لذا يجب التخفيف من ظاهرة التكاثر هذه بحلول آنية ومستقبلية تؤدي إلى تخفيض الشحنات السكانية حتى لا تحدث انفجارات سكانية وتؤدي إلى ثوران بركاني نتيجة العوادم الصادرة عن السيارة، إضافة إلى الزحام وانسداد أنابيب الصرف الصحي ومجاري الأمطار، أضف إلى ذلك وجود الصراعات المسلحة التي تنفث حممها على السكان بالبارود.

والحلول ليست مستحيلة فربما من الممكن تحويل العاصمة الإدارية من عدن إلى مدينة الشعب كما كان الحال أيام الاتحاد الفيدرالي، حتى يتم تخفيف الأعباء على أحياء عدن وكثرة المترددين عليها، فيقل الزحام وبواعث السيارات وتقل نسبة المباني الهامشية وتتحسن عدن ويتحسن مناخها ومزاجها بإعطائها هذه الراحة والتنفس الطبيعي والسكينة، أو يبعد عنهم التوتر ويستعيدون نشاطهم الفكري والثقافي كما كان ذلك النشاط المشهود بعدن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى