أسباب الصراخ على سقطرى

> صلاح السقلدي

> سببان -على الأقل- يقفان وراء انزعاج السلطة اليمنية المدعومة من السُّعُودية وقطر مما جرى في سقطرى بالأيام الماضية حين تمكنت القوات الجنوبية من بسط وجودها على الأرخبيل الإستراتيجي في بحر العرب.

الأول: إن ما جرى في نظر هذه السلطة هو وضع عقبة كأداة أخرى في طريق مشروع دولة الستة الأقاليم الذي تم نسج منواله اللئيم ذات يوم في فندق الموفنبيك بصنعاء من قبل قِوَى غزو عام 1994م، بتغييب واضح للجنوب واستهتار بإرادته الوطنية وبثورته الشعبية، فسقطرى وفقاً لهذا المشروع هي أحد أضلاع إقليم حضرموت المزعوم، وفقدانها يعني تفكك هذه الأضلاع وانفراط سبحة هذا الإقليم المزعوم إلى الأبد، خصوصاً أن إعادة غربلة هذا الإقليم ستحتاج إلى إجماع واجتماع لهذه القِوَى، وهو أمرٌ مستحيل حدوثه بالمطلق، في الأقل بالمدى المنظور.

فخسارة هذه الجزيرة لا عِلاقة لها بموضوع استعادة صنعاء ومحاربة الحوثيين أو أنه يضعف الحرب ضد الحوثيين كما يزعمه إعلام هذه السلطة من الرياض ومن قناة الجزيرة، وإلا لاعتبرنا أن الوصول إلى صنعاء يمر عبر سقطرى، وليس عبر محافظة البيضاء التي سقطت كل مديرياتها بيد الحوثيين بنفس الأسبوع الذي جرت فيه أحداث سقطرى دون أن تنبس حكومة الفنادق ببنت شفَة، بل إن ثمة أصواتاً داخلها تشفّت بما حدث نكاية بالخصم القديم "المؤتمر الشعبي العام".

ثانياً: البعد الإقليمي المتعلق بالصراع الدُّوَليّ الإقليمي المحموم في البحرين العربي والأحمر في القرن الأفريقي الذي بات في قبضة تركيا، هذه الدولة القوية الناهضة التي لها باعها وذراعها بالمنطقة منذ سلطنتها العثمانية حتى اللحظة التي تعيد إحياء السلطنة بوتيرة عالية. فأرخبيل سقطرى يقع على مرمى حجر من القوات التركية الموجدة بالصومال، ففي غمرة الحملة الإعلامية الصاخبة المستمرة حتى الآن والمطالبة بتدخل عسكري تركي باليمن، والتي أطلقتها الآلة الإعلامية للحكومة اليمنية الموجودة بالرياض ضاعفت لدى المملكة من منسوب عدم الثقة بهذه الحكومة التي لا تُخفي غرامها بتركيا وبرجلها القوي (أردوغان)، وبدعوتها له صراحة بالتدخل في اليمن على غرار ما فعله حديثاًَ بليبيا، وهي الدعوة التي أخذتها السُّعُودية على محمل الجِد من التهديد والإهانة لها، باعتبارها تهديداً وجودياً لها، وتمثل قلب ظهر المجن بوجه هذه المملكة التي قادها سوء حظها العاثر لوضع خزائنها تحت تصرف حكومة عاقة ومعوقة، وكأني بحكام السُّعُودية يرددون بحسرة وأسى قول أبي الطيب المتنبي:

ومن نكد الدنيا على المرء أن يرى
                                عدواً لهُ ما مِن صداقتهُ بدُّ

فالسعودية الموجوعة من دور تركيا وحاكمها ذي الميول الإخوانية من المنطقة العربية وأفريقيا، فضلت أن ترفع يدها عن حماية القوات اليمنية الموالية لها في سقطرى ليلتقط المجلس الانتقالي الفرصة، ويستفيد من حالة اضمحلال عامل الثقة بين الطرفين السُّعُودية والحكومة الموجودة بالرياض، ويحرك قواته صوب المواقع الحيوية بعاصمة المحافظة "حديبو"، وينال ما تمناه، وهو ما أصاب تلك الحكومة بحالة من الصرع، فخسارتها لهذه الجزيرة فشل مشروع الستة الأقاليم يمثل خسارة لنافذة حيوية ببحر العرب وملتقى القارات، ويفقدها بالتالي حلقة الوصل مع الحليف التركي القابع على بعد كيلومترات من الجزيرة، وعلى هذا فلا غرو أن يكون الصراخ على قدر الوجع.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى