«الكفاح لأجل المرضى».. "جليلة" تقطع الجبال لمساعدة المرضى في ظل كورونا

> علي قاسم «الأيام» اليونيسيف

> اليونيسيف: بدون هؤلاء الأبطال الرائعين في القطاع الصحي في اليمن ، لم نكن لنصل إلى الأطفال والأمهات في أكثر المناطق النائية والوعرة في البلاد.

في الرمق الأخير من منقطة المسيمير التابعة لمحافظة لحج، والحدودية مع محافظة تعز، يقع مركز صحي بين طرفي الصراع في اليمن، وعلى الرغم من رائحة الموت القريبة فما زال مركز حبيل حنش يقدم الحياة متحديًا كل الموت الذي يحيط به.
ومع انتشار فيروس كورونا في اليمن ( كوفيد - 19 )، يواجه المركز تحدٍ أكبر في الاستمرار في تقديم خدماته الصحيّة في منطقة نائية، ومتدنيّة الخدمات، وتبعد عن مركز المديرية لمسافة لا تقلٍ عن ثلاث ساعات في طريقٍ جبليةٍ وعرة.

القابلة جليلة عباس صالح 31 عامًا، أمٌ لأربعة أطفال، وهي تعمل كمتطوعة في مركز حبيل حنش الصحي، تقول: " نحن ما زلنا نقدم خدماتنا، ولكن بحذر؛ خوفًا من فيروس كورونا"، ومع انتشار المرض في العديد من المحافظات اليمنية، فهذا لم يدفعهم للتوقف عن العمل، فتقول : " رفضنا إغلاق المركز الصحي؛ لأن هذا هو الوقت الحرج الذي يحتاجنا فيه المجتمع، وللاستمرار في توعية الناس عن فيروس كورونا".

مركز حبيل حنش الصحي، يقدم خدمات صحية على مستوى بسيط في القِبالة، التغذية، ورعاية صحة الطفل، وفيه يحرص جميع العاملين على توعية كل المرضى المستفيدين من المركز، ولم يقتصر عملهم فقط على أداء واجبهم في رعاية مرضاهم، بل يرشدونهم في الطرق الصحيّة في الوقاية من فيروس كورونا، فتقول القابلة جليلة: " نؤكد لجميع المترددين على المركز على أهمية التباعد الإجتماعي وأخذ مسافة كافية فيما بينهم، التعقيم المستمر للأيدي بالماء والصابون، والاهتمام بلبس الكمّامة والقفازات، وكل هذا يعتبر من الضروريات".

لم يكتفِ المركز في الاهتمام بتوعية الناس داخل المركز، بل ويقوم العاملون فيه بالنزول الميداني إلى أماكن تجمّعات الناس، مشددين عليهم بضرورة التباعد، إيقاف تجمّعات الأعراس، وكما تقول القابلة فالناس متعاونون جدًا، حيث توقفت الأعراس، وأصبح السلام تحيّة؛ لأن الكل فعلًا يشعرون بالخوف من فيروس كورونا.

" لم يقل اهتمامي بالنساء الحوامل أو المرضعات، على الرغم من المخاطر وخوفنا على أنفسنا، فقد إستمرينا في توعيتهم عن ضرورة تغيير نمط حياتهم، والتركيز بشكل أكبر على الاهتمام بصحة أطفالهم، وإتبّاع سُبل الوقاية من فيروس كورونا".
جليلة تواصل عملها بشجاعة خلال جائحة كوفيد-19 مع تطبيق التدابيرالوقائية المناسبة
جليلة تواصل عملها بشجاعة خلال جائحة كوفيد-19 مع تطبيق التدابيرالوقائية المناسبة

ساعة كاملة تقضيها القابلة جليلة في العبور عبر طرقٍ جبلية وعرة وملتوية؛ لتصل إلى المركز الصحي، وكما تقول فهي لا تبدأ عملها إلا بعد أن ترتدي الكمّامة والقفازات الطبية، وتعمل على المباعدة بين المرضى؛ للمحافظة على مسافة كافية تقيهم فيها من انتقال العدوى.  يستمر هذا العطاء والعمل من قبل جليلة من الصباح وحتى الساعة الثانية ظهراً لتعود بعدها إلى بيتها لتقضي بعض أمور حياتها، ومن ثم تخرج إلى جيرانها وإلى الناس الذي لا يستطيعون القدوم إلى المركز ناصحةً وموعية لهم بسبل الوقاية الصحية، تقول : " أنصح الحوامل والمرضعات بالإهتمام بأطفالهنّ، وألّا يخرجنّ أبداً إلّا للضرورة للحد من انتشار فيروس كورونا، وألّا يسمحنّ لأطفالهنّ باللعب خارج المنزل"، وتضيف بأن كل شيء بيد الله، ولكن علينا أن نعمل بالأسباب.

يعاني المركز الصحي من من بعض النقص في أدوات الحماية الشخصية، ولكن العاملين فيه يحاولون على قدر الاستطاعة الالتزام بلبس أدوات الحماية، كما يعاني المركز من شحة في توفير الأدوية، فتقول القابلة جليلة: " أتمنى أن تتوفر الأدوية في المركز الصحي الخاصة بالنساء الحوامل؛ لأن هناك حالات نحولّها إلى مراكز أخرى لأننا لا نقدر على إجراء بعض العمليات الخاصة بالولادة؛ لأننا نفتقد لوجود بعض الأدوية الهامة"، تقول القابلة جليلة، وبصوت مليء بالحماسة تضيف: " "نريد أن نخدم وطننا، وأن نساهم في رعاية الحوامل والمرضعات، ونحافظ على صحة الأطفال".

تقول القابلة جليلة: "العمل متعبٌ وشاق، ولكن هذا من أجل وطننا، ولخدمة وحماية أبناء مجتمعنا، وإلا فالظروف الصعبة تمر على الجميع، وأنا لا أستطيع التخلي عن معالجة أبناء منطقتي وتوعيتهم من كل مرض قد يصيبهم"،وتؤكد: " الاستمرار في التوعية يعني الاستمرار في الاستجابة من الناس".
جليلة، أثناء قيامها بواجباتها في مركز حبيل حنش الصحي وهي تحاول مساعدة مجتمعها على البقاء بصحة جيدة والنجاة من الأمراض بكل طريقة ممكنة
جليلة، أثناء قيامها بواجباتها في مركز حبيل حنش الصحي وهي تحاول مساعدة مجتمعها على البقاء بصحة جيدة والنجاة من الأمراض بكل طريقة ممكنة

تبقى الأعمال الإنسانية، وفي ظل الأوقات الصحيّة الصعبة التي تمر بها البلاد ممر نجاة للكثير من الناس العاجزين تمامًا عن حماية أنفسهم، والذين تنقصهم المعرفة الكافية في التعامل مع مخاطر فيروس كورونا،" حبّنا لمنطقتنا، ولأهلنا المتواجدين في هذه الأماكن يدفعنا لنكون على قدر التسمية التي أطلقوها علينا، الجيش الأبيض "، تنطق القابلة جليلة الكلمات السابقة بالكثير من الحب.

بدون هؤلاء الأبطال الرائعين في القطاع الصحي في اليمن ، لم تكن اليونيسف لتتمكن من الوصول إلى الأطفال والأمهات في أكثر المناطق النائية والوعرة في البلاد. مع كل حالة عدم اليقين والقلق التي جلبتها جائحة كوفيد-19إلى العالم ، يستمر العاملون الصحيون اليمنيون مثل جليلة في المخاطرة بحياتهم للوصول إلى أكثر الأمهات والأطفال ضعفاً وبذل قصارى جهدهم لإنقاذ حياتهم. بفضل شركائنا الحيويين في المملكة العربية السعودية (مركز الملك سلمان للمساعدات الإنسانية والإغاثة) والمساعدات الإماراتية من خلال صندوق إمداد والذين يواصلون دعم اليونيسف للوصول إلى كل ركن في اليمن لتقديم الخدمات الصحية المنقذة للحياة.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى