أصم وأبكم وضعيف البصر.. ستيني يعتني بأخته المقعدة

> تقرير/ فردوس العلمي

> لا مصدر دخل لهما والعاهات جعلتهما حبيسي المنزل
انتشر مؤخراً حديث عن معاناة أسرة مُعدمة في العاصمة عدن، أسرة مكونة من أخوين وكلاهما من ذوي الاحتياجات الخاصة، وما زاد من معاناتهما أنه لا معيل ولا دخل لهما.
قادني فضولي الصحفي إلى منزلهما الكائن في منطقة الشيخ إسحاق بمديرية المعلا، للتعرف عما يقاسيانه ويكابدانه عن كثب، منطلقة من المقولة الشائعة "من سمع ليس كمن رأى".

عند دخولي المنزل المكون من غرفة واحدة وصالة وحمام ومطبخ، شاهدت رجلاً كبيراً في السن منحي الظهر يدعى محمود، وقابلت أخته مريم قاعدة على سرير قديم عليه فراش إسفنجي متآكل وهي متورمة القدمين.. مسحت بناظري المنزل فوجدته قد أصبح أشبه ما يكون بمكب للنفايات فيما اتخذت العناكب من سقفه هي الأخرى أماكن لنسج بيوتها، وما بينهما يتنقل الفئران بكل حرية، بل يقاسمانهما وجباتهما اللاتي يحصلان عليها من الجيران وفاعلي الخير.

خرجت من الغرفة إلى الصالة لعلي أجد ما يشير إلى بصيص من الحياة غير أني وجدت أكوما من الخردوات المنزلية وثلاجة قديمة ما زالت تستخدم لحفظ المياه (شبه باردة)، وكمية ملابس قديمة وعلب مياه معدنية، أما المطبخ فلم تشعل فيه النار منذ زمن طويل، وهو ما يؤكده الصدأ والغبار على أدواته كالشولة وأنواني الطباخة وغيرها، وفي المقابل يقع الحمام ذو الباب القديم الذي لا يستر من يستخدمه.

من ذوي الاحتياجات الخاصة
خُلق سعيد أحمد محمود (ستيني العمر) أصمًا وأبكمًا، وخلال الفترة الأخيرة فقد النظر في إحدى عينيه تماماً، وضعف كبير في الأخرى، وهو ما جعله بحاجة ماسة للخضوع لعملية جراحية حتى لا يفقد النظر منها هي الأخرى، غير أن فقره حال دون ذلك.
كما حالَ من قبل كبر سنه وضعف بصره من مواصلة عمله بالأجر اليومي الذي اعتاد عليه طوال حياته كمصدر دخل وحيد له ولأخته.

حالياً يعيش سعيد مع أخته الكبرى والوحيدة مريم (سبعينية العمر) والتي تُعاني هي الأخرى من عِلل خلقية (صماء وبكماء)، وكذا اضطرابات في المسالك البولية، وهو ما أدى إلى تورم قدميها ومنعها من الحركة وممارسة الحياة اليومية منذ عام 2016م.

معاناة بعضها فوق بعض
سعيد ومريم ليس لهما أحد غير الله عز وجل، يعيشان وضعا معيشيا حرجا، فضلاً عن ظروفهما الصحية السيئة، التي ازدادت سوءاً بعد تردي الوضع الصحي لمريم التي كانت تقوم بشغل البيت من طبخ وكنس وتنظيف وما إلى ذلك.
أصيبت مريم بعد حرب الحوثي على مدينة عدن باضطرابات في المسالك البولية ولم تجد العلاج الكافي بسبب الحرب، وما زاد من تعقيد معاناتها تعرض أخيها إلى فقدان البصر، والذي كان يساعدها على قضاء حاجتها في الحمام، بل إنهما أضحيا في الوقت الحالي لم يجدا من يرفع لها الأوساخ والقاذورات من منزلهما أو من يناولهما كوباً من الماء.

تقول عنها جارتها الشابة ن.م.: "كانت مريم امرأة طيبة تحب كل الناس وتزور هذا وذاك، وللأسف الآن لا تجد حتى من يلقي عليها السلام". وعن كيفية قضاء مريم حاجتها في الحمام أجابت لـ«الأيام» قائلة: "كان أخوها سعيد هو من يغسلها ويشيل من تحتها الأوساخ، غير أنه في الوقت الحاضر لم يُعد قادراً على ذلك خاصة بعد أن ضعف بصره"، مضيفة: "بسبب مشكلته هذه كان كلما حمل الأوساخ يسقط فتنكب عليه، ولهذا أصبحت مريم لا تتناول إلا القليل من الطعام حتى لا تتغوط فيجبر أخوها على غسلها".

و ن.م. فتاة صومالية تعيش في المنطقة ذاتها، عملت على مساعدتهما بجمع بعض التبرعات من بنات صوماليا عبر جروب "الواتس آب"، كما حثت شباب الحي على تنظيف سطح منزلهما والذي كان ممتلئا بالقاذورات والقمامة وغيرها.

مساعدة
وبحسب ن.م.، فقد قام الشباب بعد عملية التنظيف ببناء حوش للمنزل من البردين لحماية حدوده من تعديات بعض جيرانهما.
وأضافت في حديثها لـ«الأيام»: "اشتريت من المبلغ الذي جمعته بعض الاحتياجات الضرورية لهما منها أسرّة وفُرش ووسائد جديدة وكذا بطارية وشاحن، وسوف أعمل على تغيير النوافذ واستبدالها بالألمنيوم، وإصلاح المكيف والذي مازال جديداً في كرتونه ولكن نتيجة لعدم تركيبه منذ أن تبرع به فاعل خير منذ فترة عرّض أسلاكه لعبث الفئران والقوارض".

ولفتت في السياق إلى أن سعيد وأخته مريم كان لهما جار يوفر لهما الغذاء باستمرار قبل أن يسافر، ليصبحا في الوقت الحالي يتناولان ما يصلهما من بعض الجيران.
وتتمنى ن.م.  أن تجد من يتكفل بترميم المنزل وتغيير أنبوب شبكة المجاري الخاصة به والتي باتت تنفجر باستمرار حال ما تفيض المجاري.

سعيد وأخته مريم من أعرق القبائل الصومالية ولدا في مدينة عدن، ولهذا يطلق عليهم الصومال العدانية.
 يحاول سعيد أن يكون راعياً أميناً على أخته برغم مرضه، ويعيش في منطقة يسكن فيها جيران له من الصومال ويمنين.

وعلى الرغم من وجود سفارة تمثل الجاليات لصومالية ومكتب تجاري يمثل الصوماليين الشماليين (أرض الصومال) لم تجد هذه الأسرة أي رعاية واهتمام منها، بل لم تجد من يعينها ويساعدها حينما غمرت مياه الأمطار منزلها، فضلاً عن سوء الجوار من قِبل بعض الجيران.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى