قلّما تجد مُجتَمعا من المُجتَمعَات يسعى ويعمل للنهوض من موقع السقوط، بل ويجتهد إلى رؤية يؤسّس عليها طريقا للخروج من الأَزمَة التي تُحيط به، وعلى الرغم من المُنزَلقات المتعدّدة التي تُوضَع في طريق هذا المُجتمع، من خلال بعض قِوَى تعمل وبكل ما أُوتِيت و/ أو ما بوسعها للعمل على التّقَوْقُع على محيطها وتَجمُّعها ذي الحلقات الضيّقة، وهي من خلال تلك الحلقات تستعين بقدرات متنوعة ومتعددة لخلق بيئات لها تُعِينها على الاستمرارية والديمومة، فمثلا، تعمل على تأسيس كيانات مالية من خلال استقطابات لأبرزها وأثقلها محيطا، وتستزرع مساحات لتبعث منها مختلف الزروع المشوّهة والمختلطة بأخطر أنواع التكوينات، فتعمل على تسويق منتجاتها بأبخس الأسعار وبأقل جودة. فتعمل على إيداع مختلف الشرائح من مجتمع مفتوح لتقوم بفرزه وتدريبه على عدة أمور، ولها بنك مفتوح يؤدي مهمّته لتسهيل خطواتهم بكل عناية، ومن أبرز تلك الأمور والمعايير أن يكون عضو التجمّع المطلوب ضمّه من العيّنة التي تطيع الأوامر، وخاضعا وقابلا للكسر، وأن يكون مِطواع الذات والنّفس، منتفعا، متبلّد المشاعر، سهل الانقياد، يقبل ويرى الظلم ولا يردّه، ويقوم بنشر تعاليم تجمّعه المسموم الضيّق في وسط مجتمع منفتح على الجميع.

حَقيقةً أقول، ما أكثر مصالح هذه القلّة القليلة، في ظّلٍّ ظليل يحميه ويقيه حرّ وقيظ المجتمع الكبير والبسيط والحقيقي، الذي تظّلّ شمسه ناسِجةً أشعتها ونورها على من يرغب فعلا للعمل على التنوير والعلم والحق.
سَيبقى هؤلاء يلعبون بأوراقهم ويتناقلونها بينهم البين، وسيظل بعضنا وليس جميعنا مجرّد متفرّجين ليس (إلاّ خمسة) وفي اللحظة الأخيرة، بيدهم مفاتيح التغيير الحقيقية.

والنهوض قادم ولو تعثّرت خطواته، لكنّه سينهض شاء هؤلاء أم لا.. قد نكون في مجتمعنا الكبير وأمامنا (بئر معطّلة) تغرق بكثرة الأحجار التي تملأ قاعها، وقد يطول بنا انتظارنا لسبيل وطريق للوصول إلى هذا القاع وإخراج الكُتَل الحجرية حتى نستطيع جلب الماء وتوزيعه بشكل عادل على الجميع (إلاّ الخمسة)، وتلك هي المرحلة الحقيقية والحاسمة قبل الميقات وبخمس دقائق.