أطباء بالمهجر حولوا مواقع التواصل إلى وسائل للاستشارات الطبية

> تقرير/ عبدالقادر باراس

> في ذروة تفشي الجائحة رفضت مستشفيات عدن استقبال المرضي..
حينما أغلقت مستشفيات العاصمة عدن أبوابها ورفضت استقبال المرضى خوفا من وباء كورونا، لجأ أطباء جنوبيون في ألمانيا وعدد من بلدان الاغتراب وآخرون من الداخل لتحويل مواقع التواصل الاجتماعي إلى وسيلة لمساعدة المرضى في التعامل مع الحالات وإعطاء الاستشارات الطبية، وكان لهذه الوسيلة دور فاعل في علاج كثير من الحالات التي لم تتمكن من الذهاب إلى المستشفيات والمراكز الصحية.

مما لا شك فيه أن شبكات التواصل الاجتماعي لها العديد من الأدوار الإيجابية والسلبية على حد سواء، ولعل ذلك يتجلى بوضوح في جائحة كورونا، ففي الوقت الذي كانت سببا في تعريف الناس بالجائحة وتبيان سبل الوقاية والتعامل معها، إلا أن بث الإشاعات وانتشارها ناهيك عن الفبركات الكاذبة ساهم في زرع الخوف والهلع في صفوف المواطنين، فمنهم من يتهم جهات فقدت مصالحها لعدم هيمنتها على التكسب من المساعدات الدولية فلجأت إلى إخفاء الحقائق، ومنهم من أراد الاسترزاق الرخيص من خلال بث الأخبار المغلوطة والشائعات التي يتناقلها المغرضون، وهذا يعكس مدى قلة الوعي بين أوساط الناس بتصديقهم لتلك الشائعات، كما شكلت الأحوال المتدهورة التي تعانيها البلاد في جميع المجالات بما فيها انهيار المنظومة الصحية عاملا إضافيا في ازدياد حالة الذعر والهلع التي بثتها تلك الشائعات في نفوس المواطنين.

في المقابل أسهمت منصات التواصل الاجتماعي بدور ريادي في تخفيف أزمة التباعد حين غدا التواصل المباشر صعبا أو مستحيلا بفعل المخاوف من تفشي الوباء، إذ آثر أطباء يمنيون أن يتطوعوا لمساعدة المرضى من أبناء بلادهم عبر شبكة التواصل الاجتماعي في نطاق معين ووقت كانت معظم المستشفيات في عدن الحكومية والخاصة مغلقة في ذروة تفشي الوباء في شهر رمضان - مايو المنصرم، حيث لم يجد المرضى أطباء مختصين للاطلاع على حالاتهم، وكان لافتا كيف تحرك هؤلاء الأطباء باستجابتهم السريعة على مساعدتهم للمرضى كخدمة وواجب إنساني في عمل يستحق كل التقدير والاحترام.

وبدأ واضحا من خلال تواصل الأطباء مع المرضى عبر شبكة التواصل الاجتماعي، ليطلعوا على نتائج فحوصاتهم المخبرية وأشعتهم المرسلة وتقديمهم الاستشارات والرد على استفساراتهم، وهناك كثير من الأطباء الذين مثلوا صورة ناصعة في وقوفهم ومساندتهم لأبناء وطنهم في زمن الجائحة التي مرت عدن في شهر رمضان.
أجرت "الأيام" حوارا عبر شبكة التواصل الاجتماعي مع الطبيب العدني د. فراس أبوبكر سالم، أحد أطباء المهجر في ألمانيا، بعد أن أتيحت له الظروف بحثا عن مستقبل أفضل ساعدته على مواصلة دراسته العليا، والذي يعمل هناك استشاري جراحة المسالك البولية في مستشفى هوفيلاند كلينكم، شرق برلين، وكانت له بصمات إنسانية في مساعدة أبناء بلده، إذ يقول: "أنشأنا جروبات مع مجموعة كبيرة من الأطباء عبر شبكة التواصل الاجتماعي، كان معي د.أسامة ناشر، ود.بسام بلكم، ونخبة من الاستشاريين من مختلف التخصصات منهم في الداخل سواءً من عدن أو ممن يتواجدون في خارجها، في البدء تعرضنا لانتقادات مثل هذه التجربة لتواصلنا مع المرضى نتيجة إغلاق المشافي والعيادات الخاصة أبوابها، هدفنا كان لمساعدة المواطنين والرد على استفساراتهم، كذلك عملنا برتوكولا علاجيا خاصا لعدن، بعدها أصبحت الأساس في تعالمنا مع المرضى في عموم اليمن".

وقال "من خلال ما يصلنا من رسائل من المرضى وجدنا أن الجائحة منتشرة في كثير من محافظات اليمن إن لم تكن جميعها، فالاستشارات الطبية التي تصلنا وجدنا بأن هناك اختلافا بين المرضى من حيث الوعي، منهم من وجدناهم أكثر وعيا وإدراكا عن غيرهم من المدن وأكثر تطبيقا لما يتطلب منهم عمله عن غيرهم، لذلك أغلبها تماثلت للشفاء وبوقت قياسي".

ويضيف: "كما قمنا بعمل مبادرات وجمعنا التبرعات لعدن من ألمانيا ووصلت تبرعاتنا قرابة 13 ألف يورو بقيادة د. أسامة ناشر، كدعم لأدوات وقاية للكادر الطبي في عدن في ظل ذروة الجائحة، وكذا قيام اتحادنا (اتحاد الأطباء اليمنيين في ألمانيا) بتقديم أجهزة ومعدات طبية وأدوية لمستشفى ابن خلدون بلحج". 
وأضاف: "الكارثة التي حلت في عدن بسبب الجائحة والحميات فقد تفشت بين الأهالي وفقدنا نخبة من أبناء عدن من أطباء وكوادر، لأن هناك من كان يستهين بالفيروس فلم يلتزموا بالعزل والوقاية، نتيجة الاستهتار ونكرانهم بعدم وجود الفيروس على الرغم من تأكيد فحوصاتهم المخبرية والإكلينيكية، بل إن بعض الأطباء أنكروا وجودها. لهذا لم يتم التعامل مع الجائحة أو الحميات في القضاء السريع على الأوبئة المعروفة أسبابها وعدم توفر الخدمات الأساسية وبصورة إسعافية، للأسف بلادنا لم تأخذ الأمر بشكل جدي منذ الوهلة الأولى للجائحة، إلى جانب ما يشهده القطاع الطبي من تدهور في منظومة الخدمات في ظل غياب الدولة وسلطاتها، وهو ما قد ساهم بشكل ما في تفشي المرض، حتى إن موقفها (موقف الدولة) لم يكن موفقا منذ بداية تفشى الجائحة، إذ لم تضع وزارة الصحة بروتكولا لمكافحته، فبرتوكولها كان في إدراجها مع أنهم يعلمون بوجود المرض حتى أنزلته ولم يكن إلا مجرد كلام إنشائي ونصائح عامة ولا يوجد نص علاجي يعتمد عليه الكادر الطبي".

واوضح الدكتور فراس، من خلال تقديمه الشروحات عن مخاطر انتشار الفيروس قائلا: "ما يعمله الفيروس من تغييرات في الرئة فتظهر علامات الالتهاب في الأشعة بشكل تكتلات بيضاء متفرقة كعاصفة الثلج نتيجة لعاصفة التهابية تضرب الرئة، ويؤدي إلى استسقاء الرئة وتمتلئ الرئة بالسوائل ويصعب على المريض التنفس ومن ثم نقص الأكسجين في جميع أنسجة الجسم ومن ثم يموت".

كما أوضح الدكتور فراس مخاطر التشخيص الطبي ونتائج الفحوصات المختبرية الخاطئة في اليمن قائلا: "بحسب علمنا هناك من قام بتقديم وصفات علاجية كالمضادات الحيوية بشكل عشوائي، لأن في أي حالة من الحميات التي قد يكون سببها فيروسي قد يؤدي إلى نتائج سلبية بل كارثية على المريض، كما أن هناك تحاليل لبعض المختبرات كانت نتائجها خاطئة وينطبق كذلك على محال بعض الصيدليات، إذ أغلبهم لا يحملون الشهادات في صرفهم الدواء، ومن غير مراجعة الطبيب أو إعطائهم أدوية قد تكون مخالفة لما هو مكتوب في الوصفة".

كما تطرق الدكتور فراس، أثناء مشاركته ضمن صفوف الطاقم الطبي لعلاج كورونا بألمانيا، وقال: "خلال جائحة تفشي كورونا منذ مارس الماضي تلقينا كثيرا من المحاضرات التدريبية في التعامل مع الحالات المختلفة للجائحة منذ مشاركتنا في افتتاح قسم العزل في المشفى الذي نعمل فيه، وكان أول أيام الجائحة بالنسبة لي كارثة، وخصوصا عندما طلب منا الابتعاد الأسري والعزل المنزلي لمدة أسبوعين بعد الاكتشاف عن مخالطة أحد المصابين من الطاقم الطبي، واستمرت الجائحة في قوتها إلى قرابة ثلاثة أشهر، كان علينا تشديد أثناء عملنا في قسم العزل نمضي قرابة 12 ساعة، كنا نُمنع حتى من استخدام جوالاتنا ومقتنياتنا الشخصية حتى ملابسنا الداخلية كنا نبدلها هناك، وكان تواصلنا محصورا بين غرفتي العزل والإنعاش، تحسبا لحدوث تدهور لحالات المرضى مع طواقم التمريض، والآن الحمد لله قسم العزل لم يعد هناك حالات، فأغلب المرضى يتعالجون في منازلهم والعزل سيقفل قريبا".  

وعن نجاح التجربة الألمانية من الجائحة قال: "التجربة الألمانية إلى الآن أثمرت بنجاح من حيث الحفاظ على حياة آلاف المرضى المصابين، فمع بداية مرحلة الذروة في عدد الإصابات بفيروس كورونا ألغت العمليات غير الطارئة في جميع المشافي وقامت بتجهيز لاستقبال الحالات الطارئة للجائحة، لهذا يمكننا القول بأن ألمانيا هزمت كورونا، ليس لأنها دولة عظمى بل لأنها، بعد مشيئة الله، تمتلك البنية التحتية".
- الدكتور فراس أبوبكر سالم تخرج من كلية الطب جامعة عدن العام 2004م، عمل متطوعا في مستشفى الجمهورية بعدن.
- رافق والده الدكتور أبوبكر سالم، استشاري باطني وأستاذ بكلية الطب بجامعة عدن، خلال عمله بمستوصف الحكمة، وأكمل بعدها دراسته الجامعية بقسم الباطنة بدرجة امتياز.
- عمل متطوعا في مستشفى باصهيب العسكري قسم جراحة المسالك البولية لمدة سنة مع البعثة الكوبية في العام 2006م.
- حصل على منحة دراسية بالدراسات العليا بألمانيا، وعمل في قسم الجراحة البولية في مشفى (فيفاننيس ببرلين) ثم انتقل إلى مشفى آخر بولاية (تورينجن) ليتحصل على البورد الألماني في العام 2013م، ترقى إلى استشاري ونائب رئيس وحدة المسالك البولية.
- كما نال شهادات في العلاج الدوائي للأورام والتشخيص الإشعاعي في المسالك البولية للبالغين وللأطفال وفي حالات الطوارئ، ورئيس وحدة الليزر بقسم المسالك البولية.
- أجرى دورات ودراسات في عدن منها دورات متعددة في أمراض سلس البول وطرق معالجته، وأجرى دراسة في تشخيص أنواع قسطرات الحالب الدائمة.
- عضو الاتحاد الألماني والأوروبي لجراحة المسالك البولية.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى