لم أجِد توصيفاً حقيقيًّا لما آلت إليه حال اتفاق الرياض، سوى أنه أدّى إلى نوع من مرحلة ما يُعرف في إستراتيجيّة الأُجور بـ (التسكين)، وهو فعلاً يحدث في الرياض.. فقد اتَّفقت سياسة الرياض على ذلك، وقامت بجمع الأطراف (الفُرَقاء)، ولكنها مفقودة بينهم، فظّلّ الشتات السياسي هو العنوان الأبرز في هذا الاتفاق الذي لم يفضِ سوى إلى مزيد من عدم الاستقرار في هذا الجُزء من العالم.
مساعٍ سياسية من قِبل الرياض تُشكر عليها، لكنها لم تعطِ ما هو مأمول منها على أقل تقدير، ولم ينعكس ذلك على حاجة الناس الضرورية، بل كان عبارة عن مجرد (عاجل) ليس إلا. أصبحت الرياض مجرد (دوحة من رياض الجنّة) للفرقاء تجمعهم على أرضها ينعمون بخيراتها، كيف لا، فالشعب لم يرَ نتائج هذا الاتفاق على الأرض، وإعادة الإعمار الحقيقية لم تبدأ بعد وتأخرت، فلم يفسح فيها مجالاً إلا وتمّت عرقلته، وكان البديل هو إفساح المجال لكثير من الفوضى الممنهجة. ونضع السؤال التالي الذي يفرض نفسه لماذا؟.. لأنّ الرياض لم تَتعامل إلا مع نفس الثّلّة والقوى التي على الأرض، وتلك سياسة كثير من الدول والصراعات التي تخلقها على الأرض، وتضع كل الشعب في سلّة واحدة، فيتم التقاسم والمحاصصة!، فتنتج نفس أطراف الصراع بنفس الأدوات والعقليات، (كأنك يا بو زيد ما غزيت).
والأجدى أن يتم فتح باب المشاركة السياسية الفعلية لرؤية جديدة شاملة لهذا الجزء من خريطة العالم كبلد يتحكم، أو لازال كذلك بمجرى مائي مهم هو مضيق باب المندب والبحر الأحمر.
وطاقة كهرومائية عظيمة هائلة ستعيد تشكيل هذا البلد واقتصاده وإمكانياته، وستضع نوازع الأطراف المتصارعة القديمة الحديثة على المحك. وكما قلت من سابق (رياض الاتفاق) هو دوحة ومرحلة تسكين فقط. فقد ترك المرض ليستشري في جسد المريض المتهالك، ولم يعد معه من استطاعة بعد كل هذا الإهمال سوى عملية بتر حقيقية لطرفه المتهالك حتى نستعيض عنه بطرف صناعي جديد يواكب مرحلة أخرى من النّماء وتحسين ظروف وأحوال الناس.