تكافؤ الفُرَص في (ظّلّ) محاصصة !

> أي دولة لها تشريعاتها وقوانينها التي تسير عليها وتنظم بها شؤونها حتى تستقيم معها أمور الحياة العامة، وبدون الالتزام بها يحدث إخلال بنصوص ومواد هذه التشريعات ونظمها. والبرلمان هو من يقر هذه التشريعات ليتم نشرها في الجريدة الرسمية ويصبح العذر بالجهل بها غير ذي حُجّة.
معروف ومعلوم أن هناك شروطا يحددها قانون الخدمة المدنية ولائحته التنفيذية والتنظيمية للمتقدمين لشغل الوظيفة العامة، وهي محددة في تشريع يضم مواد ونصوصا قانونية أقرها البرلمان وصادق عليها، وبالتالي، إن أي متقدم للوظيفة العامة يكون له سجل وملف خاص به لدى وزارة ومكتب الخدمة المدنية، يحدد درجته العلمية والمهنية والتصنيفات المحددة لشغل الوظائف والتقسيمات الموضحة في مواد قانون الخدمة المدنية ولائحته. وهدف أي تشريع هو تنظيم الإجراءات التي تكفل تكافؤ الفرص بين المتقدمين على حد سواء، وحسب القوائم التي قد تأخذ سنين طويلة من عمر المتقدم.

المضحك المبكي أن التوازنات السياسية والحزبية جعلت من تكافؤ الفرص مجرد سياسة وتشريع بديل عن التشريع والقانون الأصلي، سواء مدني أم عسكري، فالتعيين في إحدى وظائف الدولة ومرافقها في هذه الصورة والشاكلة يكون حَسَبَ المنطقة والولاء والطاعة وتنفيذ الأوامر، حتى التعيين في الحراسات يكون عبر ذلك، فيتم تسجيل الأفراد وترتيب مواقعهم وصرف مرتباتهم وفقا للرؤية العقيمة تلك، دون مراعاة للقانون ونظمه. وهكذا يكون تسيير شؤون الدولة حَسَبَ الولاء للطبقة التي سعت في تعيينه في الموقع والمنصب المحدد خدمة لأهدافها.

المصلحة العامة لم تعد كذلك، فالحصة هي التي تتحكم والتقاسم السياسي والحزبي والمناطقي هو من يفرض نفسه بالولاء والطاعة فقط!
قوائم المسجلين في الانتظار من طلاب الوظيفة العامة يهلكون وهم يأملون بحقهم من غيرهم وكدهم وتعبهم من أجل فرصة وكرامة ... امتيازات وترف يحصل عليه من لم يتقدموا أصلا لشغل الوظيفة، وتختلف مواقعهم ومناصبهم بحكم المحاصصة تلك.

توازنات وتقاسم سلطة ووظيفة لأجل أهداف تختص بها طبقة معينة تتحكم في مصير آلاف من الشباب الطالبين وظيفة عامة. فما وظيفة القانون هنا إن لم يكن منصفا لهؤلاء حكما وقضاء؟ كيف يسن لغيرهم ويشرع ما كان مفترضا أن يكونوا هم في تلك المواقع والمناصب دون محاصصة بل من خلال (تكافؤ الفرص)؟ وعجبا من حق يراد به باطل!

"بروتوكولات" الطبقة الحاكمة وضواحيها تستنزف الخزينة العامة للدولة، ولا نعلم كيف تسيّر شؤون هذا البلد المُحاصص، وأعباء تكلف حياتنا الثمن الباهظ والمرتفع في المعيشة من بعض لأجل بعض.
هذا بخلاف أن نص القانون يشير في مادته الرابعة إلى أن وزارة الخدمة المدنية والإصلاح الإداري مكلفة، ويقع عليها واجب مراقبة سلامة تطبيق القانون وقرارات الوحدات الإدارية.

فلا يحق لأي موقع حكومي أو منصب يكون شاغله خاضع للقانون أن يعمل ويسعى لفرض تعيينات خارج أطر القانون ونظمه. وأن لا يستغل منصبه لذلك لأغراض سياسية وحزبية ومصالح خاصة بشؤون موقعه متجاوزا التشريع الذي هو ملزم لكافة مواطني الدولة، وأن لا يقوم بالتوجيه بالتعيين في مواقع ومناصب محددة دون خضوع الأشخاص لقوائم التسجيل والتقدم لشغل إحدى الوظائف المحددة قانونا حَسَبَ الشواغر، وأن لا يتجاهل قوائم المنتظرين المقيدين، وهم من فيهم من الخريجين الشباب من الجنسين، وبمؤهلات ودرجات علمية. حتى في المجال العسكري يتم عالميا اختيار من بين الوحدات أفرادا يصلحون ويؤهلون ليكونوا حراسات دولة وليس حَسَبَ المنطقة!​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى