الخطاب والإدارة التي نريد

> لا خطاب بدون وعي وفهم وعقل ودراسة، ولا عمل بدون رؤية تستند إلى المراجع التاريخية والوثائق، ولا جمع ينجح إلا بتوافق وصبر وعلى أسس للشراكة.

عدن ذلك المجد التليد والصرح المجيد، مهد الحضارة وفخر التجارة، من مينائها تتعارف الحضارات وتسكنها ويسكنها عشاقها، وأبحر روادها بأشرعتهم متجهون نحوها، يطلبون ودّها. ولكل مقامٍ مقالٌ أو هكذا يُقال، فالمواقف عندما تشتَّد تظهر النوايا وتتحدَّد اتجاهاتها ويكون للبعض بوصلته التي تحدد إلى أي اتجاه يريد السّير، والمراحل تفرز الرجال، والنوايا تسبق العمل، ولكل ما نوى..! لا شك أنَّ الكثير في عدن قد تغيّرت ملامحه وتداخلت فيه عوامل تعرية شديدة ساعدت على هذا التغيير، ولكن العامل المهم الذي كان له بالغ الأثر في أوجه التغيير تلك، هي التراخي والتواكل والانتظار لما سيحلّ لاحقا، والكل شارك في ذلك، والقلّة من كان باعثها الأمل والرؤية البعيدة والعمل. وبوجود هذه العوامل تداعت مناجل الحرث وتصدأت حتى غارت شيئا فشيئا في تراب عدن، في وقتٍ تتعالى فيه أصوات وتصرخ منقسمين، لا يعلمون أين المستقر، حقيقة يتغافل عنها الجميع دون استثناء. وللأسف أن من بيننا من يصنع عوامل الهدم ببناء هشّ مِطوَاعٍ لغيره، وهذا مآله إلى التحطّم لا محالة، والكُره يصيب البعض إلى حدّ العمى، وقد يتحوّل البعض إلى طغاة ورُوّاد عنف وعنف مضاد!!

(الوئام المفتقد) في مدينة عدن يصّعّد لحظة بلحظة، وتتعمّق روح الشّرّ وفقدان الوعي بين طلّابه، الوهم والعجز وانقضاض عوامل التعرية على البعض جعل المشهد في عدن عبارة عن (موقع لقلع الأحجار) حتى لا يبقى فيها حجر واحد للبناء. نحن على أعتاب مرحلة صعبة جدا وهذا مما لاشك فيه، ولابد من التكاتف من أجل عودة الدولة كدولة بمفهومها الحقيقي الأصيل. نعم نادى الجميع على اختلاف رؤاهم بضرورة الحفاظ وصون حقوق الناس وكرامتهم ومحو الزيف الذي لحق به بسبب أفعال عبثية والذي قضى على كل مفهوم للشراكة والبناء والحفاظ على كوادر جنوبية مدربة كل بمجاله، فالكل عانى ولا زال، والذي اندثر ولم يعد إلا عبارة عن هودج ومع ذلك كله، هل نحيل كل هذا التاريخ إلى مجرد انفعال وغضب كامنين ونتركه للرياح لتستثمر فيه قوتها وعواصفها الهوجاء؟

لازلنا في مرحلة تحتاج منّا الصبر والثبات، لكن يقينا لن نركن إلى معانٍ دون مقاصد، على العكس تماما، علينا بالوعي والثقة والإحساس بالمسؤولية تجاه المستقبل، أبناء الجنوب بدون محاصصة يستحقون الأفضل وأن يكونوا قيادات دولة عاملة وفاعلة في المشهد الجنوبي ككل، لقد أنشئت الحكومات لخدمة الإنسان ولم يخلق الإنسان من أجل الحكومات.. الماضي ذهب ولن يعود للوراء فهناك عجلة تتحرك وعلينا أن نتحرك أيضا وأن لا نبقى في موضع الصراخ والتشكي والبحث عن ماضٍ غادرنا بكل أتراحه و/ أو أجاعه.

التقصير ومكامن الخلل لابد من وجودها، لكن علينا أن نظهرها ونقف أمامها بوعي وبحكمة. الحزبية المقيتة مرض العصر والمحاصصة الخبيثة سرطانها، علينا تركها والنظر كجمع واحد إلى البناء والتنمية والتعمير. القيادة مسؤولية عظيمة والوفاء بمستلزماتها أعظم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى