الحل السياسي في اليمن.. أنعدم الاستراتيجية الواضحة

> علي أحمد الديلمي

> المبعوث الأممي إلي اليمن وتحركاته الأخيرة ونتائج زيارته للرياض تؤكد انعدام الاستراتيجية الواضحة في عمله لحث الأطراف اليمنية على الوصول إلى الحل النهائي.
مكتب جريفيثس غرد في «تويتر» قائلا إنه "قابل مجموعة من المسؤولين اليمنيين والسعوديين، كجزء من عملية الوساطة المستمرة للتوافق حول إعلان مشترك بين حكومة اليمن وأنصار الله للاتفاق على وقف لإطلاق النار، ومجموعة من الإجراءات الإنسانية والاقتصادية والاستئناف العاجل للعملية السياسية".

في أثناء الزيارة، يقول المكتب إن المبعوث "التقى نائب الرئيس اليمني علي محسن صالح، ورئيس الوزراء معين عبد الملك والتقى بالسفير السعودي محمد آل جابر ومجموعة من المسؤولين اليمنيين والسعوديين والدوليين… وتضمن النقاش الحاجة لاتخاذ خطوات عاجلة لتحييد الخطر الذي يمثله خزان صافر النفطي العائم".

وكما يبدو لي –أنا المتابع البسيط لما يقوم به المبعوث- أنه لا يمتلك استراتيجية واضحة للحل الشامل، وأن معظم جهوده تركز علي التهدئة وجمع الأطراف دون المعرفة الكاملة بتعقيدات الوضع في اليمن، ويعتمد في ذلك بالتأكيد على بعض الخبرات اليمنية والدولية التي تقوم بعملها وفق ما يطلب منها، في نفس الوقت، إن غياب الرؤيا والاستراتيجية الواضحة في كيفية تنفيذ هذه النجاحات علي أرض الواقع هي المعضلة الرئيسة التي سوف تواجه الجميع، وفيهم المبعوث الأممي قليل الخبرة بدهاليز اليمنيين؛ لأن الوصول إلى توافق حول القضايا التي تم الاتفاق عليها، كما أشار المبعوث الأممي، لا يمكن أن يكتب لها النجاح؛ لأنها، كما أري، مرتبطة إلى حد بعيد بالاتفاق السياسي الشامل والأهداف النهائية لأطراف الصراع الذي، بلا شك، ستكون أول النتائج الهامة لحدوثه هي وقف الحرب وإعادة فرض الأمن الذي يعتبر تحديا لكل الشركاء المحليين والإقليمين والدوليين، والذي يجب أن يشارك الجميع فيه من خلال الحوار المباشر بين جميع الأطراف، والذي تكون أول مهامه إعادة بناء الجيش اليمني وفق أسس وطنية؛ لكي يعيد فرض النظام وحماية مؤسسات الدولة وحدودها الدولية بعيدا عن هيمنة الأطراف السياسية.

إن تحديات ما بعد ذلك تحتاج إلى جهود كل اليمنيين والشركاء، فكما نعرف جميعا أن أي اتفاق سياسي تصل إليه كل الأطراف السياسة في اليمن سينتج عنه بكل تأكيد تشكيل حكومة توافق وطني، وستنتقل كل الخلافات بين الأطراف السياسية إلى داخل الحكومة، وهو ما يجب التفكير به من الآن، بالإضافة إلى أن انفراد طرف واحد يعني استبعاد الآخرين واستمرار الاقتتال الداخلي.

وهناك تحديات إعادة البناء وما دمرته الحرب، وما الأولويات في ذلك، بالإضافة إلى الموضوع الاقتصادي والتكلفة الكبيرة لإعادة البناء.
موضوع الجنوب والقضية الجنوبية وضرورة المعالجة المتوازية مع أي اتفاق وعدم تأجيل بعض القضايا التي يمكن أن تكون سببا لحروب قادمة نظرا للاتفاقات الجانبية وتقاسم المناصب والمحاصصة المناطقية.

العلاقات بالإقليم ودول الجوار وضرورة وضع ملامح واضحة واستراتيجية لإعادة التوازن لأمن اليمن والمنطقة بما يحقق العلاقة الاستراتيجية الكاملة بدول الجوار لحفظ الأمن المشترك والمصالح الدائمة.

الأمل الذي يعبر عنه المبعوث الأممي غريفيثس طيب، لكن العمل المسبق والتفكير بالواقع والحقائق على الأرض هي التي ستحقق السلام للناس، أما الترقيع واستباق بعض الأمور هو ما سيجعل الألغام تنفجر في مرحلة التنفيذ غير المدروسة؛ لأن كل طرف يراهن أنه حقق إنجازا وعند التنفيذ يستطيع الالتفاف على هذه الاتفاقات وتنفيذ ما يراه على أرض الواقع.

إن البقاء في اعتماد الأطراف السياسية في بلادنا على الأطراف الإقليمية والدولية والأمم المتحدة ومبعوثها في تقديم الحل وإنهاء الحرب لا يمكن أن يتم إذا لم يدرك اليمنيون حجم المصالح والصراع بين دول الإقليم والعالم التي يمكن أن تحول اليمن إلى نار مشتعلة، وقودها اليمنيون.
هي دعوة للتفكير بالمستقبل وفق مساهمة مجتمعية مع شركاء اليمن، وعدم انتظار الحظ، فالخالق -جل في علاه- أمر عباده بالعمل وعدم الركون إلى خبايا الأمور.

* "سفير ودبلوماسي يمني - رأي اليوم"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى