ثلاث تجارِب تكشف حقيقة مشاركة القاعدة وداعش في معارك شقرة

> كُلّ المعلومات الآتية من مدينة شقرة شرق عدن وأبين تُفيد وجود التنظيمات الإرهابية إلى جانب القوات الحكومية المتمركزة في شقرة وضواحيها، لأسباب موضوعية بحتة مضافة للأسباب الأخرى التي يقف على رأسها الهدف الاستراتيجي لجماعة الإخوان اليمنية (حزب الإصلاح) المتمثل في الإمساك بزمام السيطرة والتحكم.
تتمثل الأسباب الموضوعية في إحاطة تموضع عناصر التنظيمات الإرهابية بجو أمني صارم من السرية والتكتم لا يُفشي سراً عن المكان الذي توجد فيه هذه العناصر المطلوبة دولياً.

لدينا ثلاث تجارب عملية من الاستخدام الحكومي اليمني للعناصر والتنظيمات الإرهابية التي أغارت على العاصمة عدن جنوبا. الغارة الأولى في حرب صيف العام 1994م، والغارة الثانية في حرب العام 2011م، والغارة الثالثة في حرب العام 2015م. جميعها اتّبعت أساليب الإحاطة الأمنية لنفس الأسباب الموضوعية الآنفة الذكر إلى جانب الأسباب والأهداف الاستراتيجية الأخرى لقوى الشمال اليمني.

يُستشفّ من حاضر الأداء المتبع حالياً في شقرة من الحكومة اليمنية، على صعيد الإغارة رقم 4 على عدن في التاريخ المعاصر غير المعلومة الرقم في تاريخ الحروب اليمنية على الجنوب، إذا ما اعتبرنا الغزوات العديدة للدولة القاسمية منطلقاً للعد والإحصاء، أنّ أمرين اثنين ماثلان للحدوث الفعلي:

- الأول يُثبت عملياً سطحية الادعاء أنّ الحرب الدائرة في أبين حالياً حرب جنوبية – جنوبية، بدلالة حضور الأسباب الموضوعية في عملية تموضع العناصر والتنظيمات الإرهابية في شقرة وضواحيها إلى جانب الأسباب الأخرى لمصلحة تمكين الإرادة اليمنية على المسرح العملياتي ومجرياته على حساب هامشية المجاميع الجنوبية وضعف وهيافة دورها المستخدم للدعاية والإعلان الخارجي فقط. فما آلت إليه أوضاع الدولة اليمنية بعد حرب العام 1994م من تهميش وإقصاء لدور بعض الجنوبيين المشاركين في غزو عدن يثبت ذلك.

- والثاني إلى جانب إثباته حدوث العكس تماماً، أيّ إنّ الحرب الدائرة في أبين ما هي إلا حرب يمنية - جنوبية، فهو يثبت عملياً صحة ادعاء الجنوبيين القائل بأنّ حربهم الدفاعية تندرج في إطار الحرب الدولية والإقليمية على الإرهاب لإحلال السلم والأمن الدوليين.
في تجرِبة حرب العام 1994م انفلتت الأسباب الموضوعية نوعاً ما، التي تقضي بإحاطة عناصر التنظيمات الإرهابية إحاطة أمنية صارمة، بسبب منطق الجهاد الإسلامي الفاحش المدعوم دولياً وإقليميا في المنطقة آنذاك.

بعد أحداث 11 سبتمبر 2001م الإرهابية التي ضربت أمريكا أُحيطت تجارِب الحرب اليمنية على الجنوب واستخداماتها المتعددة للتنظيمات الإرهابية بالأسباب الموضوعية اللازمة. ففي 2011م إبان سيطرة التنظيمات الإرهابية على محافظة أبين ظلت بيضة قيادة التنظيمات تحيط نفسها بمنهجية خاصة تُصنّف العناصر المنخرطة في التنظيم إلى صنفين "مبايعين وأنصار"، المبايعون هم العناصر الأصيلة، والأنصار هم العناصر غير الأصيلة، معظم المبايعين هم من المهاجرين الوافدين من خارج أبين والجنوب بينما كل الأنصار هم من شباب أبين والجنوب المحليين؛ لهذا اصطلحت تسمية التنظيم المسيطر على أبين حينها ب "أنصار الشريعة" كتسمية تُضفي على التنظيم طابعاً محلياً يحاول أن ينتسب للأنصار المحليين الذين هم في حقيقة الأمر هامشيون لا يؤخّرون ولا يقدمون شيئا.

حينها بدا تنظيم "أنصار الشريعة" وكأنه دائرة ضوء هامشية بعيدة منبثقة عن تنظيم القاعدة الأم القابعة قياداته الحقيقية في المحافظتين اليمنيتين مأرب والبيضاء، بدلالة تفويج وإرسال كل غنائم حرب التنظيم في أبين إلى مأرب باعتبارها بيت مال المسلمين، وذكر قائد اللجان الشعبية في مديرية لودر شرق أبين، توفيق الجنيدي الملقب بـ "حوس" - اللجان التي قارعت تنظيم القاعدة وهزمته - في تسجيل فيديو يُلقي فيه شعراً من كلماته لينشده بعض الشباب في أحد أعمال التوجيه المعنوي لقتال التنظيم يقول فيه "إمارتُهم وسط أبين وبيت المال في مأرب..."، الأمر ذاته حدث لسيطرة "أنصار الشريعة" في العام 2015م على كلٍ من المكلا وأجزاء من أبين وشبوة.

عملياً يشي واقع الحرب الدائرة في أبين بأنّ قوى الشمال اليمني تُنحّي القوى الجنوبية المنضوية تحتها من السيطرة والتحكم بمجريات الحرب وأهدافها السياسية والعسكرية، وهذا يتضح جلياً في عدم الانصياع لأوامر والتزامات الرئيس هادي بوقف الحرب وتنفيذ بنود اتفاق الرياض بين الحكومة اليمنية والانتقالي الجنوبي، ناهيك عن هامشية القيادات الجنوبية الموجودة في شقرة بمعزل ضعف عن قوة وتحكم وسيطرة القيادات اليمنية المنتمية لجماعة الإخوان (حزب الإصلاح) لكل الأسباب الموضوعية وغير الموضوعية التي ذُكرت هنا في لحظة تبدو فيها التنظيمات الإرهابية قد امتلكت السبب العقائدي الكافي الذي يحاول الربط بين عدن وأبوظبي للإغارة على عدن بحجة التطبيع مع إسرائيل، وبما يسمح بتشكيل دائرة ضوء أخرى منبثقة عن تنظيم القاعدة الأم من الممكن تسميتها بدائرة "أنصار الشرعية" وليس الشريعة. هذه المرة يبدو حرف العين متقدماً على حرف الياء في شقرة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى