الحرب منعطف خطير للفوضى.. مختصون: الحوثيون يلغمون طريق المصالحة الوطنية في اليمن

> «الأيام» الوفد المصرية:

> أكد المختصون بالشؤون الجماعات الإسلامية أن المجتمع الدولي يجهل حقيقة الصراع بين المكونات اليمنية التي تؤمن بالدولة الوطنية وبين ما تحمله الحوثية من خطاب يناقض كل مفاهيم أسس الدولة الحديثة، فالحوثية كجماعة تؤمن بالحق الإلهي ولا تؤمن بالدولة الوطنية ولا بالنظام المدني لدولة فهي جماعة تؤمن بمفاهيم الدولة الدينية المبنية على أساس الولاية والأحقية بالحكم بصفتهم ظل الله في الأرض لا بصفتهم مواطنون يمنيون كغيرهم.

وتدعي الحوثية بأنها ورثت الحكم عن النبي وآل بيته ومن ينازعهم فإنه كافر بما جاء على محمد ولا تؤمن بالنظام السياسي القائم على المساواة والعدالة الاجتماعية باعتباره نظام يتناقض مع مفاهيم ومعتقدات الزيدية المنبثقة من المذاهب الشيعية.

وتستمد الحوثية خطابها من فكر الخميني وتعمل على تنفيذ مشروع نظام ولاية الفقيه وهو ما لم يعد سرا فالحوثية تعلن منذ أمد بعيد عن علاقتها الممتدة مع إيران منذ قيام الثورة الإيرانية سنة 69 وهي الحقبة التي عاش فيها بدر الدين الحوثي والد مؤسس الحركة حسين الحوثي في مدينة قم الإيرانية ليعود منها إلى صعدة لتأسيس الحركة الحوثية.

المصالحة الوطنية خطوة مهمة
وقال رئيس منظمة شركاء لحقوق الإنسان عبدالإله سلام "إن الدعوة إلى المصالحة الوطنية هي خطوة مهمة نحو تقريب وجهات النظر بين المختلفين أو المتصارعين على مكاسب سياسة والسلام كمفهوم عام يدعو لتحقيق توائم وطني ينهي الخلاف بين الفرقاء ويدفعهم إلى اتخاذ وسائل وتدابير تنهي حالة الحرب وتعمل على تحقيق المصالحة بين المكونات الاجتماعية".

وأضاف عبدالإله سلام قائلا إن المشكلة في الحرب اليمنية دخولها منعطف الفوضى وتتوه الفرق المتقاتلين حول الهدف من القتال فالجماعات العقائدية التي تدعي أحقيتها بحكم الناس أو بأن لديها تفوضي ألهي لحكم الشعب تشكل عائقا أمام إيجاد المصالحة فهي جماعة تحمل منعطف جديدة وخطير من الصراع ما يجعله صراع يصعب إيقافه والتحكم بمعطياته متوقف على مدى رغبة هذه الجماعات في المصالحة والتخلي عن الأوهام وتغليب مصلحة الوطن والتعامل مع الجميع كشركاء وهو ما يعد مستحيلا مع جماعة ترى نفسها تحمل تفويضا ألهي للحكم.

ما يعيق إدارة عجلة البلاد وإيقاف الحرب ورفع المظالم عن رقاب الناس وستظل مستمرة في تخندقها حول أفكارها العصبوية أو العقائدية فقد تكون المصالحة مع هذه الجماعات بمثابة محطات استرداد النفس وترتيب الصفوف للانقضاض مجددا على المصالحة وبنودها. ولنا شواهد عدّة في تاريخنا اليمني السياسي الحديث، وما أكثر الاتفاقيات التي توقعها وقبل أن يجف حبرها تندلع موجة حرب جديدة.

السلام والولاية لا يلتقيان
وأكد القيادي البارز في حزب المؤتمر الشعبي العام الدكتور عادل الشجاع أن الحديث عن السلام مع جماعة الحوثي يعد حديث طوباوي لا يرتكز على أسس ومبادئ توصل إليه فهي جماعة لا تؤمن بالنظام والقانون ولا بتنافس السلمي على السلطة، فرغم أن الحرب ومرارتها هي التي تجعل الناس يفكرون بإنهاء الحرب ولا يفكرون بالكيفية التي توصلهم إلى ذلك.

وبحسب الشجاع، فإن الوصول إلى السلام لا يتم إلا من خلال طريقين: الأول الحوار، والثاني الحرب.. الحوار في اليمن منعدم لأنه يحتاج إلى طرفين يعترف بعضهما ببعض والحوثي لا يعترف بأي طرف سواه، لذلك الحوار معه مستحيل.. أما الطريق الثاني وهو الحرب للوصول إلى السلام أيضا هي فاقدة لهدفها لأنها تحولت إلى اقتصاد ولم تعد هدفا لإجبار الطرف الآخر (الحوثي) للجلوس على طاولة الحوار.

وأضاف أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء. ومن هنا فإن السلام في اليمن بعيد المنال، خاصة إذا أضفنا إلى ما سبق فكرة الولاية والاصطفاء الإلهي التي يرفعها الحوثي في وجه الآخرين أمام الاصطفاء تسقط الإرادة الشعبية ويسقط مفهوم الدولة المدنية المرتكزة على الديمقراطية والتعددية السياسية والإرادة الشعبية.

وقال الدكتور الشجاع "على هذا الأساس يجب على من يتحاور مع الحوثي أن يدرك أن الحوثي لن يفاوض على نظام الحكم مهما كان الثمن وعليه أن يدرك أيضا أن من يؤصل ليوم الولاية ولنظام الخمس لن يتعامل مع الشعب إلا كغنيمة، ولهذا وجب المراجعة والتعاطي مع واقع هذه الجماعة التي لن تسلم إلا بمنطق القوة وعلينا أن نخلص لهذه الحرب لأنها أداة من أدوات السلام ينبغي أن تخضع الحوثي لقانون الدولة لحمايته من نفسه وحماية الشعب اليمني من جنونه".

السلام لا يتم إلا بين فرقاء السياسة
وقال الباحث بالجماعات الإسلامية الدكتور مصطفى محمود الشميري "نعم الحوثيون يريدون مصالحة وطنية ولكنها مبنية على قاعدة الاصطفاء الإلهي ولا يمكن القبول بغير ذلك المفهوم الذي كان وراء ظهور الجماعة، فمن الصعب إقناعهم بأن يكونوا مجرد مواطنين عاديين أو حتى يقبلون بأن تحكم اليمن عبر صناديق الاقتراع، فالجماعة ترى أن الحكم فيهم ولا يجوز التنازل عنه فالتنازل عنه يعد كفر بنظرهم وخروج عن التعاليم الإلهية، فهم السادة النجباء واليمنيون رعايا، هذه المصالحة إن قبل بها اليمنيون حتما ستحقق نجاح".

وأشار محمود إلى أن الدعوة إلى المصالحة لا تعني غير الجهل بحقيقة من يراد مصالحتهم، فالكثير ممن ينادون بها هم بالتأكيد يجهلون من هي جماعة الحوثي وبما تؤمن وهي جماعة تستمد علومها من المذهب الشيعي الذي يرى أن الخلافة والحكم في آل البيت، وأن الاصطفاء الإلهي فوق القوانين الوضعية وأن قبولهم بما هو خارج عن الاصطفاء يعد عصيان لأوامر الله الذي أمرهم بذلك.

وبحسب الدكتور مصطفى محمود، فالمصالحة لا تتم إلا بين قوى سياسية اختلفت مصالحها فقاتلت أو بين مكونات عنصرية تقاطعت مصالحها وليس بين جماعة تعيش على خرافات التميز الرباني، الذي منحهم الأحقية في كل شيء في السلطة والثروة والسلاح حق منحهم الله وهؤلاء لا تجدي معهم المصالحة وإنما استمرار الحرب حتى يأن كل بيت بما فقد عندها فقط ستأتي قناعة جديدة تغير كل معتقداتهم وتجعلهم يبحثون عن الدولة للحفاظ على ما تبقى منهم.

الخمس في دولة الاصطفاء الإلهي
وقالت الحقوقية بشرى العامري "كيف لنا أن نأمن ونتعامل مع جماعة ترى نفسها تمثل الله اصطفاها دون سواها من البشرية وخصها بالولاية والوصاية على الناس أجمعين ولها حق حكمهم بالقوة وبالحديد والنار وأخذ أموالهم تحت مبرر الخمس، وهو أسلوب ممنهج لإفقار الشعب ونهب أمواله تحت طائلة قانون الخمس وما تحملها هذه الجماعة من مفاهيم عجيبة؟!".

وأكدت بشرى العامري أن هذه الجماعة لا تؤمن أصلا سوى بالقوة والعنتريات والفيد، ولا تؤمن سوى بمبدأ نحن أو هم، ونحن جراء ذلك نؤمن بذات المبدأ فلا يمكن التعايش معهم إلا بعد توقفهم عن قتل الشعب وتسليمهم السلاح كاملا وإسقاط كل قراراته المخالفة للقانون ومحاكمة كل من تورط بأي جرائم وانتهاكات وجبر ضرر جميع من تضرر جراء الحرب وإقامة الدولة الاتحادية وتحقيق عدالة اجتماعية حقيقية تضمن المساواة العادلة لأفراد الشعب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى