قطر تواجه منتقديها بتعديلات شكلية على قوانين العمل

>
أدخلت قطر تعديلات جديدة على قوانين العمل، في وقت باتت فيه سلطاتها واقعة تحت ضغط الوقت والانتقادات الحقوقية لها بسبب إساءة معاملة مئات الآلاف من العمال الأجانب يشتغل أغلبهم في ورش إقامة منشآت نهائيات كأس العالم 2022 التي يسلّط اقتراب موعدها المزيد من الأضواء على البلد الساعي إلى تحسين صورته لدى المجتمع الدولي، ويتخذ من احتضان المناسبات الرياضية الكبرى إحدى أهم الوسائل لتحقيق ذلك.

وتضمّنت التعديلات زيادة الحد الأدنى للأجور وتسهيل إمكان تغيير جهة العمل. وجاءت الخطوة القطرية بعد أسبوع على صدور تقرير لمنظّمة هيومن رايتش ووتش الحقوقية تحدّث عن تقصير في توفير الظروف الملائمة لكثير من العمّال الأجانب الذين يشكّلون الغالبية المطلقة من سكّان قطر.

لم يكن ذلك التقرير هو الأول من نوعه الذي يهاجم قطر بسبب إساءتها معاملة العمال الأجانب، حيث سبقته الكثير من التقارير الحقوقية والإعلامية التي وثّقت مجموعة كبيرة من مظاهر انتهاك حقوق هؤلاء العمّال واضطهادهم، وصولا إلى تشبيه ما يجري في هذا البلد الخليجي الغني بموارد النفط بـ”العبودية المعاصرة”.

ويخشى حقوقيون من أن تظل تلك التعديلات حبيسة نصوصها القانونية وغير قابلة للتطبيق على أرض الواقع، كون السلطات القطرية مضطّرة لمسايرة المشغّلين ومجاملتهم على حساب العمّال سعيا لتحقيق مصلحة حيوية تتمثّل في استكمال بناء منشآت ومرافق كأس العالم في آجالها المحدّدة.

وتلغي التعديلات على قوانين العمل القطرية والتي تم إعلانها في أكتوبر 2019 وتم توقيعها الأحد لتصبح قانونا، شرط حصول العمّال على شهادة عدم ممانعة من صاحب العمل لتغيير وظائفهم.

وقالت وزارة التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية في بيان إنه تم إصدار القانون الرقم 17 لسنة 2020 بشأن تحديد الحد الأدنى لأجور العمال والمستخدمين في المنازل بمبلغ 1000 ريال قطري شهريا (حوالى 275 دولارا) بزيادة عن مبلغ 206 دولارات سابقا.

وفي حال عدم توفير صاحب العمل السكن الملائم أو الغذاء للعامل أو المستخدم، يكون الحد الأدنى لبدل السكن 500 ريال قطري، والحد الأدنى لبدل الغذاء 300 ريال. كما تم إصدار مرسوم بقانون نص على تسهيل الانتقال بين جهات العمل، الأمر الذي سيزيد من المنافسة نظريا ويتيح للعامل فرصة تغيير جهة عمله.

وقالت الوزارة إن التغييرات ستعزز الاستثمار في الاقتصاد المحلي وتدفع النمو الاقتصادي. ولطالما ذكرت المنظمات الحقوقية أن نظام الشركات الخاصة القطري الذي يكفل العمال الأفراد والذي يستخدم في جميع بلدان الخليج، يغذي الانتهاكات.

وأكدت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية قبل نحو أسبوع أن العمالة الأجنبية الضخمة في البلد الخليجي لا تزال تتعرض للاستغلال من قبل المشغلين الذين يحجبون الأجور ويهددون بالطرد وينتقصون من الأجور، ما يجعل بعض العمال غير قادرين على شراء الطعام.

وأجرت المنظمة مقابلات مع أكثر من 93 عاملا وعاملة وافدين يعملون لدى أكثر من 60 شركة أو صاحب عمل، وراجعت وثائق وتقارير قانونية تحضيرا لهذا التقرير.

وساهمت جائحة كورونا التي غزت قطر على غرار سائر بلدان العالم، في لفت النظر إلى ظروف عيش العمّال السيئة، حيث يتكدّس عشرات الآلاف منهم في معسكر قرب العاصمة الدوحة ويتقاسمون غرفا ضيقة كما يتقاسمون المطابخ والحمامات بشكل جعلهم عرضة للإصابة بالفايروس أكثر من سائر سكّان الإمارة.

وفي شهر مارس الماضي، ومع تسارع انتشار وباء كورونا عبر العالم، أطلقت منظمة العفو الدولية تحذيرا من تعريض الحكومة القطرية للآلاف من العمال والمهاجرين في المنطقة الصناعية بالعاصمة الدوحة لخطر الإصابة بالفايروس، حيث أشارت المنظمة الدولية إلى إقدام السلطات القطرية على إغلاق المنطقة التي تؤوي الآلاف من العمال ما جعلهم محاصرين في ظروف مهيأة لانتشار الفايروس في أوساطهم.

وجاء ذلك بعد أن تسرّبت معلومات بشأن بلوغ الأوضاع السيئة للعمال الأجانب في قطر حدّ عجز كثيرين منهم عن الحصول على الغذاء، وفق تقرير نشرته صحيفة الغارديان البريطانية وجاء فيه أنّ أعدادا من هؤلاء العمّال باتوا مجبرين على التسوّل للحصول على الطعام بعد أن وجدوا أنفسهم عاطلين عن العمل من دون مرتّبات بفعل توقّف المشاريع والأعمال التي يشتغلون بها.

وقالت منظمة هيومن رايس ووتش في تقريرها الأخير “إنّ جهود السلطات القطرية لحماية حقّ العمال الوافدين بأجور دقيقة ومنتظمة هي إلى حدّ كبير غير ناجحة. ورغم بعض الإصلاحات خلال السنوات الأخيرة، يستمر عدم دفع الأجور، بالإضافة إلى انتهاكات أخرى منتشرة ومستمرة لدى ستين صاحب عمل وشركة على الأقل في قطر”.

وقال مايكل بيج، نائب مدير الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة “عشر سنوات مرت على فوز قطر باستضافة كأس العالم 2022، ولايزال العمال الوافدون يعانون من تأخير دفع الأجور، أو دفعها ناقصة، أو عدم دفعها”.

وأضاف “علِمنا بعمال يعانون من الجوع بسبب تأخير الأجور، وعمال مثقلين بالديون يكدون بالعمل للحصول على أجور ناقصة، وآخرين عالقين في ظروف عمل سيئة خوفا من الانتقام”. لكن السلطات القطرية اعتبرت أن هيومن رايتس ووتش “عمدت إلى تضليل الرأي العام في تقريرها، وأضرت بمن تزعم أنها تقدم المساعدة إليهم”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى