القعايد" في عدن.. رمزية الموقع وتعلق مرتاديه أعطته مكانة عريقة

> تقرير/ وئام نجيب

> ​"القعايد" في عدن.. من لوكندة إلى ملتقى لكبار السن والباحثين عن الأنس
> يميل الناس في عدن إلى البساطة وتجنب التكلف خاصة عندما يتعلق الأمر بأسلوب حياتهم، وما يزال كثير منهم يحتفظ بالعادات القديمة التي كان يشتهر بها أهالي عدن، فالظروف العصيبة التي تمر بها البلد لم تمنعهم عن ذلك، ولم تستطع أن تغير جواهرهم وإن غيرت الظاهر، فنجد الكثير من كبار السن اعتادوا على الذهاب إلى مقاهي المدينة العريقة لشرب الشاي ومن ثم الجلوس بمعية رفاقه في حوافي وأزقة عدن لتبادل أطراف الحديث ومناقشة الأحداث التي تعيشها البلد، والرجوع بالزمن لأيام عدن الخوالي حرصاً منهم على إحياء ذكريات ماضيهم الجميل؛ محاولين الهروب من الواقع الصعب الذي يقاسونه بعد أن أرهقتهم الصراعات والحروب والأوبئة.

مكانة تاريخية
تحتل "القعايد"، الموجودة في أقدم أحياء مدينة عدن وأكبرها في منطقة الخساف بمديرية صيرة منذ سبعينات القرن الماضي، مكانة تاريخية؛ لعراقتها وتعلق الناس بها. وقد كان الهدف من إنشائها في ذلك الوقت مساعدة الأفراد الذين يعيشون ظروفا مادية صعبة، وتسخيرها للقادمين من المناطق الأخرى بأسعار رمزية، لتصبح بعدها ملاذ كبار السن خاصة والباحثين عن الأنس عمومًا.

​"القعايد" في عدن.. من لوكندة إلى ملتقى لكبار السن والباحثين عن الأنس
​"القعايد" في عدن.. من لوكندة إلى ملتقى لكبار السن والباحثين عن الأنس

فـ " القعايد" التي تعود فكرتها الأولى للحاج علي قاسم كانت "لوكندة" للنوم، فقط أسرّة في الشارع ودون أسقف، بالإضافة إلى حمامات، وكانت تلك الأسّرة التي يطلق عليها أهالي عدن "قعايد" مكونة من الخشب والحبال في بادئ الأمر ثم تحولت إلى أسرة حديدية كما هي الآن، ويتراوح عددها ما بين 30 و40 سريرا.

القعايد" في عدن.. رمزية الموقع وتعلق مرتاديه أعطته مكانة عريقة
القعايد" في عدن.. رمزية الموقع وتعلق مرتاديه أعطته مكانة عريقة

وموقع "القعايد" على شارع رئيس في منطقة الخساف جعل منها موقع جذب وراحة، يألفها الساكنون في المنطقة، ومكان تجمع. ولا نختلف على أن كافة الفئات العمرية في عدن يتجهون لما تألفه أنفسهم مهما كانت بساطته وقلة إمكاناته، وكثيراً ما نلمس أن كل شيء قديم يمتاز برونقه الخاص الذي لم يتغير مهما طرأت التحديثات، وهذا ما يؤكده الساكنين في منطقة الخساف لـ«الأيام» قائلين: "موقع القعايد له مكانة خاصة عند العدنيين، نجد فيه راحة أنفسنا ومتنفسا لنا، مع أن لدينا منازل في هذا الحي، ولكن جرت العادة بنا المجيء بشكل مستمر للقاء أقراننا، وبحثاً عن نسمة هواء باردة خاصة عند انقطاع التيار الكهربائي عن المنازل، لأنه يطل بشكل مباشر على الشارع، وكنا ننام هنا بفترة حرب 2015. وللأمانة لم نجد مضايقات سابقاً أو الآن، ولم يكن هنالك أي فروقات منذ إنشائها حتى الآن، ونرى أن وضعها حاليا هو أفضل مما كانت عليه في السابق، ولا نرغب في أي إصلاحات أو إضافات إليها، نحبها بحلتها الحالية كما ألفناها وبنفس النمط، ونحرص على زرع محبتها في نفوس أطفالنا، فنحن نأتي بهم معنا إلى هنا ليعتادوا ذلك ويشعروا بأجواء المكان هنا".

بساطة الساكنين
ويؤكد سكان منطقة الخساف: "نسكن في هذه المنطقة منذ زمن طويل، فقد كانت عدن أم المساكين ومثالاً لكل جميل، وموقع "القعايد"، بداية الأمر، لم يكن عليه إقبال كبير، أما الآن فقد ازداد إقبال الناس عليه، لاسيما مع أزمة السكن التي تشهدها المدينة، وزيادة نسبة القادمين من المحافظات الأخرى، ناهيك وانخفاض أسعار إيجارها التي تقدر بـ 200 ريال في اليوم الواحد مقابل الحصول على فرش وسرير والاستلقاء في الهواء الطلق".


الحاج عمر سعيد أحد الموجودين في "القعايد" قال: "يا ابنتي، الناس هنا بسيطة، تتشارك الوجبات فيما بينهم، يقضون معظم أوقاتهم سويا، بينما نجد أن غالب الأشياء العريقة في حبيبتنا عدن قد ولى عهدها بفعل الصراعات والأوضاع التي تمر بها المدينة بين الحين والآخر، ونأسف أن يكون أبناء جلدتنا مشاركين في الإهمال والدمار الذي حل بالمواقع العبقة التي لها مكانتها في قلوبنا، وقلما نصادف موقعا ما يزال محتفظا بمكانته وأصالته، ونيابةً عن أبناء عدن، نقدم شكرنا لسعيكم  في صحيفة "الأيام" لإلقاء الضوء على مثل هذه المواقع العريقة كموقع "القعايد" موطئ الضباحى، ومتنفس قليلي الحيلة".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى