«جيش الجنوب».. حكايات قادة لم يكسرهم التهميش والإقصاء

> رصد/ فردوس العلمي

> العقيد عبدالله المطري: الكلية العسكرية والمعهد باقيان والكوادر موجودة لكن المخرج لا يريد إعادتها
العقيد صالح الناخبي: تم تدمير الجيش الجنوبي والتحايل عليه بمساعدة أبناء جلدتنا
العقيد محضار السعدي: لن نبرح مكاننا إلا بتحقيق كل مطالبنا
بين أزقة الخيام الضاربة أوتادها في عمق الأرض القاحلة أمام بواب معسكر التحالف العربي الذي تقوده السعودية ثمة حياة رافضة للذل والمهانة، وعند زيارتك لخيام العسكريين الجنوبيين المعتصمين منذ أكثر من شهرين تسمع نشيد الأرض من قادة عسكريين هزوا عروش الطغاة وأناشيد الجيش الجنوبي يتردد صدها:

أنا مارِدُ الثورةِ الظافرة وحامي حمى أرضيَ الثائِرة

أنا مُقلةُ الأُمّة الساهِرة .. قواتُها قوّة قاهِرة

سأحيا كريا وإمّا أموتُ فِداء هذِهِ التُربة الطاهِرة

أنا شعلة في لواء المُشاة أنارت لِشعبي دُروب الحياة

دمي فوق كفّي إذا ما مضيتُ سلاحي بِكتفي يهزُّ الطُغاة

أخي العامِلُ الحُرُّ روحي فِداه فداء انتصاراته الباهرة

أنا مارِدُ الثورةِ الظافرة وحامي حمى أرضيَ الثائِرة

تسعة وأربعون عاماً ورغم الاستبعاد والإقصاء والتهميش لم تستطع أن تنال من هيبة قادة عسكريين قادمين من الأكاديميات العسكرية المختلفة والانضباط والدورات التدريبية الداخلية والخارجية، قادة مؤهلون يشار لهم بالبنان في قيادة جيش دولة جمهورية اليمن الديمقراطية في مختلف تخصصاتهم.
وأنت تجول بين خيام المعتصمين تلحظ الانضباط العسكري في سلوكهم وتعاملهم، وترى أمامك هيبة ووجوها مشبعة بالتضحية والفداء بقوتها وعنفوانها لم تنل منها عقود من التهميش والإقصاء، وكلما زادت قسوة السلطات المتعاقبة منذ اجتياح الجنوب في صيف 94 زادت قوة وهيبة هؤلاء القادة العسكريين.

صحيفة "الأيام" زارت مخيم العسكريين المرابطين أمام مقر التحالف العربي وأفردت لهم مساحة للتعبير عن معاناتهم.

ماذا يريد المعتصمون؟
في مخيم اعتصام العسكريين الجنوبيين تنتصب لوحة كبيرة حددت مطالب العسكريين أوجزت بنحو خمس عشرة نقطة، وهي مطالب حقوقية بحتة يمكن التعاطي معها وتنفيذها من قبل الحكومة والتحالف العربي الداعم للشرعية بكل سهولة في حال توافرت النوايا الصادقة والعمل الجاد تجاه هذه الشريحة من المجتمع.

ونفذت الهيئة العسكرية العليا للجيش والأمن الجنوبي مطالب العسكريين وشرعت منذ أكثر من شهرين في تنفيذ مخيم مفتوح لإيصال رسائل إلى الأطراف المختلفة حتى يتم صرف المرتبات المتأخرة للأربعة الأشهر من مارس - يونيو 2020م دفعة واحدة، وكذا صرف مرتبات الثمانية الأشهر التي لم تصرفها الحكومة في العامين 2016 و2017 وفق جدولة متفق عليها وبآليات ضامن.

كما يطالب المعتصمون بصرف مرتبات منتسبي المنطقتين العسكريتين الرابعة والثانية للعام 2020 وللأعوام السابقة، وانتظام صرف المرتبات نهاية كل شهر دون مماطلة أو تأخير، وكذا انتظام صرف مرتبات عمال وعاملات المؤسسات والمرافق الحكومية وصرف مرتبات المتقاعدين العسكريين والمدنيين واعتماد علاوة غلاء معيشي.

ويطالب المعتصمون بالإنفاذ الفوري لقرارات رئيس الجمهورية بشأن تسوية أوضاع المتقاعدين والمسرحين والمنقطعين العسكريين والمدنيين، وتسوية أوضاع من لم تشملهم قرارات التسوية السابقة، وكذا الإنفاذ الفوري لقرارات التسوية والحكم القضائي بشأن تسوية أوضاع 533 من ضباط الأمن السياسي. ويؤكد المعتصمون على صرف مرتبات الشهداء والجرحى وتوفير كل أوجه الرعاية للجرحى والاهتمام بذوي الشهداء.

ويرفض المعتصمون ما يصفونها بالحروب العبثية التي أشعلتها القِوَى المعادية والمتآمرة على شعب الجنوب وعلى أراضيه، ويطالبون بوقفها حقنا للدماء الجنوبية الغالية، كما يشددون على تحسين مستوى الخِدْمَات الضرورية للشعب وفي مقدمتها الكهرباء والماء والصحة العامة والنظافة، وتحقيق الأمن والاستقرار المجتمعي المستدام، ومكافحة الإرهاب وظاهرة تفشي المخدرات.

يسعى المعتصمون من خلال مطالبهم إلى إعلاء قيم التسامح والتصالح وبناء وتمتين جسور الثقة والتعايش بما يحافظ على تماسك النسيج الاجتماعي الجنوبي، والعمل على إعادة إعمار ما خربته الحروب العبثية إثر الغزوات العدوانية على الجَنُوب وتعزيز أواصر العلاقات الأخوية والمصيرية مع دول التحالف لتحقيق أهداف الأمن القومي العربي ومكافحة الإرهاب والحفاظ على المصالح المشتركة.

يتحدث القادة العسكريون المعتصمون عن خذلان لحق بهم دفعهم إلى الاعتصام أمام بوابة التحالف العربي، ويقول العميد الركن محضار السعدي مدير الدائرة السياسية مجلس المقاومة الجنوبية/ عدن، نائب مدير اللجنة التحضيرية للاعتصام، لـ "الأيام": "هب المتقاعدون خلال حرب 2015 وكان لهم دور كبير في حسم المعركة، وجرى تقسيم مدينة عدن إلى أربع جبهات منها الجبهة الشمالية من بئر أحمد إلى جولة الكراع، وكان عملي ورفاقي المتقاعدين يهدف إلى المساعدة في تنظيم المقاومة وقيادة الأفراد والشباب في اتجاه جعولة، حيث كنت نائب قائد جبهة وكلفت بهذه المهمة من قبل اللواء العمودي واللواء أحمد سيف".

يتذكر السعدي أيضا يوم الجيش الجنوبي الذي يصادف الأول من سبتمبر، ويضيف: "هذا اليوم المجبد يحتفل فيه الجيش الجنوبي، ولكن تأسيس الجيش يمتد إلى دولة الاتحاد الجنوبي العربي التي شهدت تشكيل عدد من الكتائب كانت نواة لتأهيل الكثير من الخبرات العسكرية، وفي عام 1971 جرى تأسيس الكلية العسكرية لإيجاد جيش نظامي يستند إلى العلم والمعرفة، ولهذا اختيار يوم الفاتح من سبتمبر 1971 مرتبط بتأسيس الكلية العسكرية من أجل جيش وتأهيل خبرات عسكرية في كافة التخصصات".

وأنت تستمع وتدون ذكريات المحاربين القدامى عليك مواصلة الإنصات حتى يكملوا سرد ذكرياتهم، يضيف السعدي قائلا: "القوات المسلحة مذ العام 1971م حتى 22/ مايو/ 1990م كانت قوة ضاربة وكادرا مؤهلا عقيدته وطنية وكل منتسبيها يخضعون للقوانين العسكرية ولا فرق بين ضابط وآخر إلا وفق التأهيل والإمكانات والقدرات، كان هناك احترام بين الضابط والجندي، والضابط يدرك أهمية دوره وواجبه".

ويتابع القائد العسكري والمحارب القديم حديثه مستحضرا ذكريات مآسي نتائج اجتياح الجنوب في صيف 1994 والقضاء على الجيش الجنوبي النظامي المؤهل في كافة الوحدات العسكرية، ومتذكرا تلك الحقبة الأليمة "تم الاستغناء عن الكوادر الجنوبية ووجهت للجيش الجنوبي طعنات بخناجر الغدر وقوة الشقيق المتخلف في لحظة نشوته بوهم النصر عن طريق الإبعاد والاغتيال، وعديد من القادة تم وضعهم في مواقع ملتهبة، والهدف من ذلك التخلص منهم لاسيما في حروب صعدة".

ويتابع السعدي مشيرا إلى عبث وفوضى أنتجها نظام المنتصر دفعت الكثير من القيادة المهنية إلى الاعتكاف في المنازل "حرب 1994 كانت ذروة القضاء على الجيش الجنوبي بعد عمليات اغتيالات وكمائن طالت كثيرا من القادة العسكريين الجنوبيين بعد الوحدة مباشرة في صنعاء وفي عدن وغيرها من المحافظات الجنوبية، وكان الهدف أيضا من هذه الاغتيالات ترهيب قادة وضباط الجيش الجنوبي".

ويضيف: "الإرادة الحرة لا تنكسر، فبعد سنوات من التهميش خرج المتقاعدون في 13 يناير 2007م في ساحة العروض ودشنوا ثورة نضال سلمي، وفي هذه الفترة كانت القوات المسلحة رأس حربة في تغيير الواقع".

وتابع السعدي حديثه بإسهاب: "بعد 2011 أثبت العسكريون المتقاعدون دورهم في إطار المقاومة الجنوبية في عام 2015م عندما خرج الكثير من الضباط وفق تكليفات عسكرية من قادة جنوبيين رحمة الله عليهم، وتم تشكيل النواة الأساسية للمقاومة المنظمة التي انخرط فيها شباب الحراك السلمي واستطاعوا توجيه ضربات موجعة للحوثيين".

وعن مطالب المعتصمين يقول: "عمل نظام صالح على إبعاد القوات المسلحة الجنوبية وللأسف نفس النهج مستمر حتى اليوم وسياسية التهميش قائمة".

وأضاف: "وقفنا مع سيادة الرئيس عبدربه منصور هادي في مواجهة الغزاة ودافعنا عن شرعيته، وللأسف الشديد مارس على القوات المسلحة الجنوبية نفس نمط نظام صنعاء وتم إبعاد كل القادة الذين قاوموا وساندوا المقاومة والرئيس، حتى الشباب رفضت الحكومة القائمة ضمهم في إطار المؤسسة العسكرية كمكافأة لتضحياتهم، نحن اليوم مرابطون هنا أمام معسكر التحالف لمعرفتنا بأن التحالف حاضر وفق تكليف وقرارات دولية من أجل أن يكون منفذا وفقا للبند السابع وعليه مسؤوليات ومهام تجاه المجتمع والشعب، وعليه توفير الرواتب والخِدْمَات، ووقوفنا هنا لإصلاح الاختلالات وتصويب شوكة الميزان".

وتابع حديثه: "الحكومة ينخرها الفساد منذ العام 2015م، وعلى التحالف المكلف من المجتمع الدولي أن يضطلع بمسؤوليته ووجباته تجاه المجتمع الجنوبي، فشعب الجَنُوب لديه قضية، ويجب أن تعالج بعدل وإنصاف ويلتفت التحالف إلى أهداف الشعب وإيجاد حلول عاجلة لتأخر الرواتب وتدهور الخِدْمَات.. نحن هنا منذ أكثر من ستين يوما نقف على باب معسكر التحالف ولم يلتفت إلينا أحد".

وعن فترة انقطاع الراتب قال: "بعض الضباط قطعت رواتبهم بشكل كامل، وهناك قضية في المحكمة وصدرت بشأنها قرارات شملت معالجة أوضاع 533 فردا، لكن للأسف قادة برتبة لواء راتبهم لا تتجاوز 40 ألف ريال أقل من أي مستوى وظيفي موجود، وهذا يعني إهانة وتعذيب، وهناك من يشعر بالنشوة ويتلذذ في تعذيب هؤلاء القادة الذين يفترض تكريمهم، نحن لدينا مطالب حقوقية كالرواتب وحل الأزمات المفتعلة، ونطالب بوقف الحرب في شقرة، إضافة إلى فتح الكليات العسكرية وتأهيل شبابنا".

ترقية واستبعاد بقرارات عليا
العقيد صالح ناصر صالح الناخبي، من قادة تحرير خورمكسر، وساهم بقوة في تحرير مطار عدن الدولي من قبضة جماعة الحوثي، خريج الكلية الحربية، تحدث بإسهاب لـ "الأيام" قائلا: "في تاريخ 1 سبتمبر 2001م حصلت على ترقية برتبة عقيد، وفي 2004 تمت ترقيتي إلى عميد بقرار جمهوري وتم بعدها إبعادي من المؤسسة العسكرية، وفي عام 2013م تمت إعادتي بقرار جمهوري وبتنزيل الرتبة من عميد إلى عقيد وإعادتي للعمل العسكري، وكل هذا السنوات من الاستبعاد خارج المؤسسة العسكرية ومن التميز الذي مارس على القوات المسلحة الجنوبية، ومن صنوف التمييز تم تحديد رقم موحد للعسكريين الجنوبيين، فيما يخص تاريخ ميلادهم 2/1 لتمييزهم عن غيرهم وممارسة الإقصاء والتهميش واستثنائهم من الترقيات، وكانت هذه سياسية نظام صنعاء، ونظام صنعاء يحكم إلى اليوم"، مضيفا "تم تدمير الجَنُوب بشكل مقصود، وفي الشمال علم الجمهورية العربية اليمنية بقي حتى عام 1992 مرفوعا في القصر الرئاسي بصنعاء".

وقال: لم تكن حرب 1994 عبثة فالنية لتدمير الجيش الجنوبي كانت مجودة، وبعد الوحدة تم نقل أفضل الألوية الجنوبية إلى المناطق الشِّمالية وتم إحاطتها بألوية شِمالية من كافة الاتجاهات".
وقال الناخبي: "اللواء ركن صالح علي زنقل عندما عرضوا عليه توزيع الوحدات العسكرية رفض، وقال هذا تدمير للجيش الجنوبي ولن أشارك في ذبح الجيش الجَنُوبي".

وأضاف: "للأسف تم التدمير والتحايل على الجيش الجنوبي بمساعدة أبناء جلدتنا من خلال بعض القادة الذين شاركوا في نهب الأصول وتهميش وتدمير المؤسسات والمصانع التي ساهم فيها الجيش"، مضيفا: "حققنا اكتفاء ذاتي من البدلات العسكرية والأواني والذخيرة وامتلكنا مؤسسة عسكرية منظمة ماليا وإداريا، وكان لها صناديق انتمائية منها صندوق المعاشات، للأسف دمرت".

ويضيف "كانت أعمل مدرسا في صنعاء ونهاية العام 1993 رجعت لعدن نتيجة المضايقات واشتداد الخلاف السياسي ابتعدنا على أساس إعادة بناء أنفسنا وللدفاع عن أرضنا، وعندما رجعنا إلى الكُلْية العسكرية لم نجد لنا مكانا وتم توزيعنا على الألوية كمسيطرين جويين وليس كقادة، وكان رجوعي إلى لواء لبوزة، ولكن لم نجد النظام العسكري بل وجدنا الإهمال والتقاعس وتناول القات داخل المعسكرات، ولم يكن هناك أي اهتمام في الدفاع عن الأرض والوطن، ومنذ العام 1997 أصبحنا من جماعة (خليك في البيت)، وفي العام 2007 كنا ضمن الداعمين لكل المجموعات ونصبنا الخيام في ساحة العروض، وفي العام 2015 اشتدت الأمور وتغيرت الكثير من الموازين وكانت لدينا أرصدة مالية استفدنا منها في تجهيز أنفسنا للدفاع عن أرضنا، وكنت ضمن مجموعة من المجلس العسكري لمحافظة عدن ومسؤولا ماليا للمجلس العسكري، وقمنا بتأسيس النشاط والتوزيع على كافة المديريات لقيادة الشباب، وأول وحدة ساهمت بإنشائها كانت عمليات 22 مايو (مدرسة 22 مايو) لقيادة المعارك والسيطرة، وكنت أدرب البعض ليقوموا بتدريب الشباب والتحرك صوب الخطوط الأمامية وفي النِّقَاط والجولات، وكذا إدارة الدعم اللوجستي والمادي لشراء الذخيرة والنواقص للمقاتلين وتعزيز الجبهات".

يواصل الناخبي حديثه: "استمرينا في المقاومة حتى تم استدعاؤنا من قبل دول التحالف وكنا على اتصال معهم وزرناهم للبحر وقدموا لنا بعض الدعم، وكان دعمهم أخويا، وكنا موحدين دون أحزاب نعمل كفريق واحد لحماية عدن دون إي تمييز.. كنا كلنا يدا واحدة للدفاع عن عدن".

ويشيد العقيد الناخبي بشباب عدن قائلا: "كان البعض يتحدث بسخرية ضد شباب وأبطال عدن، لكن وجدنا أشجع الرجال والمقاتلين، وللأمانة والتاريخ أقولها (أبناء عدن هم من دافعوا عن عدن) وكانوا في الخط الأول لا يتراجعون، وللأسف من غادروا إلى مناطقهم وقت اشتداد المعارك وادوها (الملب) هم من عادوا يحكمون عدن نفس الإدارة والنظام السابق كأنك يا أبو زيد ما غزيت".

يتذكر العقيد الناخبي بعض المواقف التي صادفها في حرب 2015 وقال: "لن أنسى ذلك الشاب الذي ضحى بعائلته من أجل أن يقوم بتوصيل الذخيرة إلى المقاومة في منطقة كريتر، لم أعرف اسمه ولم أسأل، ففي 2015 كنا كلنا موحدين ونقاتل من أجل عدن، هذا الشاب البطل يستحق وسام الشجاعة".

يقول العقيد صالح الناخبي "قدنا الجبهة من كالتكس مرورا بالمطار والإصدار الآلي إلى الممدارة ثم إلى جولة الكراع، بمعنى الاتجاه الشرقي للمنصورة كامل مع السيطرة على العمليات في المنصورة ومعركة تحرير المطار، وعملنا على تجميع كافة القُوَى في اللواء الخامس والبالغ عددهم ستة آلاف مقاتل منهم جديد ومنها من المقاومة، وهذا المعسكر لم يكن مؤمنا وهو ومفتوح من كافة الاتجاهات، وكان لدينا 15 دبابة وبدأنا تأهيل الشباب لاستعادة الجيش الجنوبي، وكان شرطنا أن نقاتل حتى حدود 1990، وعندما وصلنا إلى نقطة كرش أبلغت الأفراد من يتجه إلى الشمال بأننا لسنا مسؤولين عن سلامتهم، وتبقى حوالي 150 من أبناء كرش والمسيمري في الجبهة على خط الدفاع والبعض من الشباب انخرطوا مع (الإخوان) لتحرير الشمال، ورجعنا إلى اللواء الخامس مع بعض الأفراد لنعمل على تجميع القوات".

وتابع حديثه "كنا ننشد دولة، وعملت على تحرير مذكرة بصفتي قائد اللواء لأول مقاومة لعدن، وسلمتها للمسؤول اللوجستي بوزارة الدفاع، طلبت فيها سحب الدعم (التغذية) من التاجر العيسى وتسليمها إلى مخازن وزارة الدفاع، حيث كنا نستلم نصف الكَمّيَّة والنصف الآخر يتم بيعه علينا، وهذه كانت أول مراحل الفساد، ولكن للأسف تم إقصاؤنا وتهميشنا وإرسال البلاطجة لتهديدنا بالقتل والتصفية".

"لن نبرح المكان حتى تحقيق مطالبنا"
العقيد عبد الله مطري حسين مدرس في الكلية الحربية في كل من صنعاء وعدن، ثم في مدرسة قادة الألوية بمعهد تأهيل القادة بصلاح الدين، وهو خريج الكلية العسكرية وتلقى دورات تأهيل في قيادة السرايا ثم الكتائب ثم الألوية، يقول لـ "الأيام": "شاركنا في معارك مواجهة التمدد الحوثي، وفي العام 2015 كنت أعمل في غرفة العلميات مع القادة برئاسة رئيس الهيئة العليا للجيش الجنوبي والأمن اللواء صالح علي زنقل".

وأكد العقيد المطري على عدالة مطالب المعتصمين قائلاً: "مطالبنا هي مطالب عامة لكل شعب الجَنُوب مدنيين وعسكريين، ومنها إيقاف الحرب العبثية في كل شبر من أراضي الجَنُوب، ونطالب بإعادة إعمار ما دمرته الحرب وإعادة فتح الدراسة والاهتمام بحقوق المدرسين ورفع مستوى المعيشة للمدرسين وتوفير المياه والكهرباء والخدمات والصحة، وإعادة عمل المؤسسات والمرافق المدنية والعسكرية والأمنية، وتسليم كافة الرواتب للخمسة الأشهر لعام 2020م، وثمانية أشهر من عام 2017م إلى 2018م، وتسوية المرتبات لإخواننا المتقاعدين، والعمل على تنفيذ قرارات الرئيس بعودة الضباط من الأمن السياسي".

وعن مصير الكُلية العسكرية قال المطري: "الكُلية باقية والكوادر موجودة وكذا المعهد مع كوادره، لكن المخرج لا يريد إعادتها".
وأضاف "كنا حماة مخلصين لبلادنا، ومرت علينا الكثير من الحروب، ولكن بعد حرب 1994 تم تهميشنا بصورة كبيرة، وللأسف مورس علينا الظلم والاضطهاد، وفي 2015 لم نقف مكتوفي الأيادي ودافعنا عن والوطن والأرض وكرامة الشعب، وها نحن اليوم أمام بوابة التحالف ولن نبرح هذا المكان إلاّ بتحقيق كل مطالبنا".

اللواء ركن صالح علي زنقل رئيس الهيئة العسكرية العليا للجيش والأمن الجنوبي يتحدث بمناسبة الذكرى التاسعة والأربعين لعيد القوات المسلحة الجنوبية، وقال "احتفلت جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية وبعدها جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية منذ إعلان الاستقلال في الثلاثين من نوفمبر 1967م رسميا بعدد من الأعياد والمناسبات الرسمية الدينية والوطنية والشعبية، وأول الأعياد الوطنية كان يوم الرابع عشر من أكتوبر 1963م، يوم تفجرت الثورة الأكتوبرية من على قمم جبال ردفان الشماء في ذلك اليوم الأشم بقيادة أول شهدائها المناضل راجح بن غالب لبوزة".

وأضاف: "ذلك اليوم كان يحتفى به منذ الذكرى الأولى بوسائل ثورية من مثل افتتاح جبهات جديدة، ففي ذكراه الأولى احتفي به بافتتاح جبهة الضالع بقيادة المناضل علي أحمد ناصر عنتر بهجوم منظم عشية ذلك اليوم من العام 1964م على القاعدة الرئيسية في الضالع المسماة معسكر حبيل الكريزة من اتجاهات عدة، أربكت المحتل مما جعله يرد عشوائيا بقصف القرى المجاورة ومنها الدَّقَّة والحود وغول صميد والرباط".

وبنفس الوقت احتفلت جبهات ردفان الشرقية والغربية بتكثيف هجماتها المركزة على عدد من قواعد ومعسكرات المحتل، وهكذا غيرها من الجبهات التي فتحت في ذلك الحين وكانت جماهير الشعب تشاركها الاحتفالات بأشكال عدّة.
ثم بعد نيل الاستقلال كان ثاني الأعياد الوطنية الرسمية يوم نيل الاستقلال برحيل آخر جندي من عدن في 30 من نوفمبر 1967م بالاحتفاء من ذلك اليوم، فذكراه العطرة المتوالية حتى يومنا هذا وبأشكال عدّة رسمية وشعبية. ثم توالت الأعياد والمناسبات الوطنية باختيار دقيق لمناسباتها مثل يوم الشهداء ويوم العلم ويوم الأرض.

هموم وأمنيات
في الختام من يفتقد لهيبة الأمن والجيش عليه أن يطوف أو يزور خيام العسكريين التي يرابط فيها القدماء المحاربين والقادة، وكثيرة هي الحكايات والهموم والآمال والأحلام التي يعبر عنها رجال جيش الجنوب الذين ينشدون إعادة الاعتبار لمعاني التضحية والجندية، ويقفون بعد سنوات من النضال على أبواب التحالف كعمالة وافدة تقرر ترحيلها تبحث عن إعفاءات من كفيل لا يرحم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى