«حالمين» طبيعة واعدة وجبال تختزن أنفس المعادن منها الذهب

> كتب/ عبدالقوي الأشول

> سدود المياه المباركة تروي عطش الأهالي
تاريخ تطالعك به قمم الجبال الشاهقة
حين نشير إلى حالمين، إحدى مديريات ردفان الأربع، لابد أن تستوقفنا معالمها وتاريخها الذي هو في الأصل جزء لا يتجزأ من محيطها الاجتماعي والجغرافي، فعلى ارتفاعات جبالها الشامخة تطالعك أبرز معالم تاريخها التي تدل على الحضور البشري المبكر في تلك الأنحاء، وفي سهولها يمكنك أن تقرأ في بقايا الأضرحة والمعابد تاريخها الموغل في القدم، أما في شوامخ جبالها ومنحنيات شعابها فتجد ما يشير إلى بقايا الديار.

على مدى عقود مضت ظلت تلك المديرية النائية تقاوم من أجل البقاء في ظل ظروفها الصعبة التي عانى الإنسان تبعيات ذلك في نمط حياته القاسية. تحت غيوم السماء تتضرع الأكف للخالق بأن يمن عليهم بالغيث وهي الحالة الوحيدة التي تمنح تلك الطبيعة القاسية حياة متجددة وتبعث الأمل في النفوس، فعلى مدرجاتها ترى عند كل صباح ومساء تلك الأيادي التي تنبش الثرى وتقتات الأمل في موسم صيف يبعث الحياة في الأرجاء، وهنا تتداخل أيادي الرجال بالنساء في رحلة حرث لا تنتهي إلا بقدوم الشتاء، عند إذن يعود هؤلاء إلى مخزون سدودهم التي تنجدهم بحاجتهم من المياه، إنها المياه المباركة لاشك، تصديقاً لقول الخالق "وأنزلنا من السماء ماء مباركاً". وبركة تلك المياه عظيمة عند من لا يسرفون في استنزاف مخزونها حتى يأتي صيف آخر.

هكذا يستأنس المساء عند تلك القرى المعلقة في أعالي الجبال، وهكذا يخوض الإنسان معركته الوجودية مع الطبيعة، فحالمين ظلت حتى وقت قريب في عزلة بحكم واقع الطرقات وما فرضت عليهم الطبيعة من سلاسل جبلية لم يكن بمقدور أحد اجتيازها على الأقدام.
الصورة اليوم تبدلت بعد أن شحذ الأهالي هممهم وشقوا في وسط الصخور الصلدة طرقاتهم الحديثة التي وإن كانت غير ممهدة وفق مفهوم الطرقات إلا أنها تمثل الأمل لهؤلاء الذين ارتبطت حياتهم بالمعاناة لقرون خلت.

فإلى طريق (عراعر) نشير إلى واحد من المشاريع الحيوية للمنطقة التي اعتمدت أساسا على ما قدمه الخيرون من أبناء المنطقة، ومنهم رجل الأعمال الشيخ/ علي حسين يزيد الذي كان له نصيب الأسد فيما قدم من دعم، وآخرون نذكر منهم:
1 - قاسم عثمان البكري 2 - نبيل عبيد حسن 3 - حسين علي مثنى 4 - فضل علي مثنى 5 - عواس علي مثنى 6 - طاهر علي الدباني 7 - حمد يحيى سعيد 8 - عبدالفتاح النسري. مع كامل اعتذاري لمن لم تُذكر أسماؤهم من الداعمين.

يذكر أن مشروع "عراعر" يمكنه أن يربط كافة مناطق حالمين ببعضها حتى وادي بناء.
على الجانب الآخر أخذت الطبيعة في حالمين تسترد رداءها بعد أن أفقرها الإنسان والجفاف على مدى الأعوام الماضية إفقاراً لجوانب حياتية عرفت بها المنطقة كما هو الحال في إنتاج أشهر وأفضل أنواع العسل الطبيعي الذي وإن قلت كميته إلا أن جودته لا تضاهي، وهنا أحب أن أشير إلى عسل حالمين بنوعيته الممتازة وإلى عسل الزميل/ محمد ناشر علاية الذي له مع النحل حكاية رحلة جميلة بدأت منذ أن كان شاباً فتياً.

هكذا هي دروب حالمين العصية تكشف عن مكنونات جمالها الأخّاذ وقمم مازالت تروي شواهد سدودها المبنية من الجص عن جيل الآباء والأجداد وما تركت معاولهم من نقش على أحجارها ودورها القديمة، أملاً أن تحافظ الأجيال على ما لديها من موروث حتى لا تمد يد العبث إلى تلك اللوحات الخالدة التي تتلقف مزن السماء بشوق ولهفة لتكون تلك البرك التي تكتنف عذب الماء.

نبع عيون المياه الحارة
تلك ميزة عرفت بها تلك المديرية وهو نبع عيون المياه الحارة المعدنية التي غالباً ما يؤمها الأهالي من المديريات المجاورة ومن نفس المنطقة، وهذا المعلم السياحي أحد مخزونات المنطقة التي تنبغي الاستفادة منها على أوسع نطاق.

يذكر أن المديرية غنية بثروات طبيعية لم تستغل بعد كالأحجار الكريمة والمعادن التي من بينها الذهب، وأورد هذه المعلومة على مسؤوليتي للأجيال والتاريخ، وهي أن حالمين وفق مؤشرات عدة من أغنى المناطق خصوصا بمعدن الذهب، ولابد أن يأتي يوم تكشف فيه الأجيال اللاحقة عن ما لديها من مخزون الثروات في باطن الأرض.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى