هكذا يتم التخطيط لإجهاض مهمة محافظ عدن

> برغم الفترة القصيرة التي مرّتْ على تولي السيد أحمد حامد لملس مهامه محافظاً لعدن، إلّا أنّها كانت كافية له ولنا ليكتشف ونكتشف أن ثمة جهات وقوى سياسية وحزبية ومراكز قوى فاسدة لحسابات سياسية وحزبية ومصالحة نفعية تتربص به لإفشاله وإفشال الجهة التي يمثلها المجلس الانتقالي الجنوبي، وإجهاض اتفاق الرياض المتعثر أصلاً. فتصريحات الرجل التي أدلى بها لصحيفة "الأيام" يوم الأربعاء الماضي كانت طافحة بالامتعاضِ والتذمُــر -إن لم نـقل إنها تلويح بالاستقالة- من تصرفات تلك الجهات التي أتهمها (دون أن يفصح عنها صراحة مع أن المقصود بها قطعاً هي قوى حزبية وسياسية داخل السلطة المسماة بـ "الشرعية" فضلاً عن مراكز قوى الفساد والنفوذ التي باتت معروفة بالاسم والانتماء للجميع) اتهمها بالعبث بموضوع الخدمات في العاصمة عدن، وتعمدها بث حالة من عدم الاستقرار وتحطيم العاصمة مستغلةً قدراتها ونفوذها السياسي.

فالخدمات الضرورية صارت لدى هذه القوى هي الجدار القصير الذي تخطط للقفز من فوقه صوب إفشال المحافظ وكبح أي جهد له، لمعرفة هذه القوى أن ثمة تركة مثقلة ينوء بها كاهل عدن وسائر المحافظات الجنوبية التي شهدتْ عملية تدمير مُمنهج لهذه الخدمات وكل مؤسسات الدولة ومسخ دورها ونشاطها طيلة ربع قرن مضى يصعب استعادتها وتجاوزها بسهولة، وتأتي في طليعة هذه الخدمات خدمة الكهرباء التي ستمثّلُ عنواناً صريحاً لفشل أو نجاح هذا المحافظ النشط ومعه مشروعه السياسي الجنوبي، ولا نبالغ إن قلنا: ذلك قد يحدد مصير اتفاق الرياض، ويغير من خارطة التحالفات المحلية والإقليمية بالساحة الجنوبية واليمنية برمتها. فأيّ دعم أو عرقلة لعمل الرجل يمكن أن نلتمسه بسهولة وضوح من خلال بوصلة تحسن هذه الخدمة أو تدهورها، والذي يبدو أن شوكة مؤشر تحسُّـنها تشير نحو الأدنى، وأن التحسن المنتظر ما يزال بعيد المنال بفعل فاعل، مما يعني بالضرورة أن الدعم يفترض أن يتلقاه لملس من الجهات المحلية التي تستأثر بكل الموارد المالية، والتي هي ملزمة بتوفيرها وإطلاقها هو دعم شبه معدوم -إن لم نقل معدوماً نهائياً- وأن العرقلة وإفشال مهمته هو سيد الموقف لهذا الوضع، اعتقاداً من تلك الجهات أن إفشاله سيكون إفشالاً للجهة التي يمثلها (الانتقالي الجنوبي) ولمشروعها السياسي الاستقلالي. فما نسمعه عن فتات الوعود ليست أكثر من مسكنات آنية تقوم بها تلك الجهات مجبرة خشية انكشاف المستور حد التعري والانفضاح. كما أنها وعود أصلاً لا تلبي الطموح ولا تلامسه حتى، فهي تتحدث عن مجالات أقل أهمية من خدمة الكهرباء، وأقل أولوية من خدمات الماء والنظافة، والقود الذي يتم افتعال أزماته بين الفينة والأخرى وموضوع المرتبات التي يتم المساومة بها بطريقة مثيرة للاشمئزاز في محاولة لجعلها قنبلة سياسية واجتماعية بوجه المحافظ ووجه المجلس الانتقالي الجنوبي وسائر القوى الفاعلة بالثورة الجنوبية "مجالس الحراك الجنوبي الثورية". حتى هذه الوعود على هزالتها وعرقوبيتها لم نرَ منها حتى الآن أكثر مِـن صخب إعلامي ومجرد تكرار لنصب أحجار مشاريع افتراضية أمام عدسات التصوير لا تلبث أن تتآكل أمام عوامل الرطوبة.

فتلك الجهات التي تسعى اليوم لإفشال هذا المحافظ هي ذاتها التي أفشلت وأطاحت بمن سبقوه من المحافظين في فترة ما بعد 2015م لذات الغرض السياسي وبذات الأدوات، ويضاف لها اليوم سبب وجيه من وجهة نظرها يستدعي الإفشال والعرقلة، ونقصد هنا خشيتها من تنفيذ اتفاق الرياض وإنفاذه كواقع لا مناص منه بعد أن أخفقت بإفشاله بواسطة البندقية وعبر أسلوب التملص منه ومحاولة إفراغه من بنودها وجوهره باستصدار نسخة معدلة منه بين الحين والآخر، مستغلةً حالة التخبط والتيه التي تعتري تفكير الطرف الراعي"السعودية"، وممارسةً بوجهه أساليب الابتزاز والتلويح بالتحالف مع الخصوم في صنعاء.

إجمالاً نقول أن المهمة اليوم في عدن وعموم الوطن ليست مناطةً على عاتق المحافظ لملس وحده، بل على عاتق كل الشرفاء والخيّرين أفراداً وكيانات بكل مشاربهم السياسية والاجتماعية والجغرافية والفكرية. كما أن نجاحه سيعني نجاحاً له ولكل القوى الخيّرة، فأن فشله -أو بالأحرى إفشاله- سيعني فشلاً لهذه القوى الخيّرة مجتمعة، وسيضاعف من حجم المعاناة التي يكابدها البسطاء من الناس. ولذا نطلقُ هنا صرختنا بالجهات الأربع بكل لغات العالم بضرورة تكاتف الجميع وتعاضدهم لإنجاح مهمة هذا المحافظ والانتصار لهذه المدينة التي نكبتها أنانية الساسة، وعبثت بها حماقات الأحزاب، وسطوة الفاسدين والفوضويين والانتصار لعموم هذا الوطن المنهك.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى