الاحتفال بيوم القهوة.. شراب الولي الذي أصبح مشروب الملوك

> صنعاء «الأيام» وكالات:

> في اليمن، يتم تذوق أنواع مختلفة من حبوب البن المحلية الطازجة والمحمصة في مهرجان في العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون، بمناسبة يوم القهوة العالمي.
اليمن، الغارقة في حرب أهلية منذ عام 2014 وواحدة من أفقر دول شبه الجزيرة العربية، اشتهرت في يوم من الأيام بصناعة البن.

يقول عبد الخالق العبرات، مدير مؤسسة تصدير وإنتاج البن: "لم يكن اليمنيون في السابق على دراية بأهمية وجودة وقيمة حبوب البن اليمني العالمية".
"اليوم استبدل المزارعون ثقافة القات بحبوب البن، ويشرب البدو القهوة كل يوم في الصباح أو أثناء فترات الراحة. جودتها العالمية معروفة لكل يمني يعرف الآن أن القهوة هي كنز اليمن".

يأمل منظم مهرجان القهوة وتاجر القهوة جلال جرما أن تعود القهوة اليمنية إلى مجدها السابق. وأوضح أن "البن اليمني وميناء المخا (حيث يتم تصدير البن) اشتهرت بتجارة البن وتصدير البن في جميع أنحاء العالم منذ 600 عام".
يوم القهوة العالمي هو مناسبة للترويج للقهوة والاحتفال بها كمشروب، حيث تقام الأحداث الآن في جميع أنحاء العالم.
تقديم القهوة المفلترة خلال فعالية نظمت في يوم القهوة العالمي في صنعاء
تقديم القهوة المفلترة خلال فعالية نظمت في يوم القهوة العالمي في صنعاء

كما تُستخدم للترويج لقهوة التجارة العادلة وزيادة الوعي بمحنة مزارعي البن، الذين يواجهون الآن الوضع غير المسبوق لوباء كورونا الذي أثر سلبًا على العرض والطلب بالتوازي لأول مرة.

مزاد في أمريكا على القهوة اليمنية
وفي الجهة الأخرى من العالم وفي الولايات المتحدة الأمريكية تحديداً قامت شركة أمريكية متخصصة في تحميص القهوة في ولاية تينيسي بصرف كافة مدخراتها لشراة عدة أنواع مكتشفة حديثاً من القهوة اليمنية.
وجرى مزاد على حبوب القهوة استقطب العديد من الشركات في الولايات المتحدة وبيع الرطل الواحد من القهوة اليمنية بسعر 140 دولارا للرطل.

وقال رئيس شركة "ماد بريست"، مايكل رايس، بعد المزاد: "أريد أن أكون جزءًا من التاريخ، أريد أن تكون شركتي عبارة عن وعاء لثورة القهوة العالمية من خلال هذه الأنواع الجديدة من القهوة. لن أكسب المال من هذا. ولكن كشركة، نريد أن نوفر إمكانية الوصول إلى شيء كبير مثل هذا لعامة الناس. نريد أن نمنح الناس فرصة شراء هذه القهوة من اليمن، وبذلك نلعب دورًا في تغيير مستقبل صناعة البن. نحتاج جميعًا إلى أن نكون جزءًا من شيء أكبر من أنفسنا".
يتم عرض مجموعة متنوعة من حبوب البن الطازجة والمحمصة في صنعاء
يتم عرض مجموعة متنوعة من حبوب البن الطازجة والمحمصة في صنعاء

القهوة اليمنية ليست جديدة على شركة التحميص "ماد بريست" ماد بريست ليست جديدة إذ قدموا قهوة من اليمن سابقًا، في عام 2017، وكانت القهوة إصدارًا خاصًا. وأضاف السيد رايس أن هذه القهوة اليمنية الجديدة هي عالم جديد تمامًا، ومن الواضح أن سعرها أعلى. ستكون قهوة اليمنية متاحة للشراء في المتجر وعبر الإنترنت ابتداءً من 1 نوفمبر في أكياس سعة 4 أوقية، وسوف تستضيف العديد من حجامة القهوة والفرص التعليمية المحيطة بالإصدار لشهر نوفمبر.

وكتب الكاتب علي حسين الضبيبي على صفحته في فيسبوك عن القهوة اليمنية: قدح "القهوة" الذي انتقل من يد "ولي" في اليمن إلى مشروب مفضل في أيادي الملوك.

وقال الكاتب في تاريخ القهوة: في مطلع القرن السادس عشر الميلادي، كان البرتغاليون يجوبون السواحل الغربية لليمن، وعندما رست إحدى سفنهم بالقرب من قرية يمنية متكئة على الشاطئ، نزلت مجموعة من البحارة إلى البر واختطت طريقها باتجاه بيت ومسجد أبيض صغير في طرف القرية، وهناك استقبلهم شيخ جليل تحت سقيفة من النخل وضيفهم على قهوة.

هذا الشيخ هو الفقيه الصوفي علي بن عمر الشاذلي، وهو أول من شرب القهوة في اليمن، كما تقول الروايات، والبرتغاليون الذين ضيفهم، في بيته، هم أول من ذاق طعم القهوة من الأوروبيين. ومع مرور الزمن تحولت تلك السقيفة إلى أكبر سوق عالمي للبُن، أو ما بات يعرف بـ "موكا كوفي" (ميناء المخا).

لا تمنح "قهوة البُن"، عشاقها النشاط والحيوية فقط، ولكن أيضا توقظ فيهم الروح وتبعث المزاج والكيف. ولعل قائد جيوش سليمان القانوني، قد أخطأ التقدير، في نهاية القرن الـ 16 عندما انكسرت جيوشه على أبواب "فينا"، وفي حوزته 500 كيس من القهوة، كان مصطفى باشا قد جلبها من اليمن، ليشربها لاحقا، مع جنوده خلال احتفالات النصر، لكن خطته فشلت وخسر المعركة!
يتم تقديم مجموعة متنوعة من القهوة خلال حدث تم تنظيمه ليوم القهوة العالمي في صنعاء
يتم تقديم مجموعة متنوعة من القهوة خلال حدث تم تنظيمه ليوم القهوة العالمي في صنعاء

كان على جنود السلطان أن يشربوا قهوتهم أولا!
لم تكن القهوة معروفة لدى جيش الإمبراطورية النمساوية، الذي صد وكسر "التُرك"، على بُعد 80 كم من العاصمة، وإلا لما أحرقوا أطنانا من البُن، ورموها في نهر "الدانوب".
مئات الأكياس والمعدات التي تركها الجيش المهزوم، وقفل عائدا إلى إسطنبول، ورائحة البُن المحروق وراءه والقهوة المسكوبة في النهر تفوح في سماء الجيوش الإمبراطورية المنتصرة.

أحد جنود "النمسا"، الذي وقعت إحدى يديه على بضعة أرطال من البُن، والأخرى على أسير من الأتراك، دفعه الفضول أن يسأل الأسير، عن قيمة هذه المادة، وهما يستنشقان رائحة البُن المهدورة تفوح وكيف يتم تجهيزها، فأنجز له الأسير المهمة، ثم أعطاه فنجانا من القهوة العربية. ومن لحظتها افتتح هذا الجندي أول مقهى في "فينا". ومن هناك، من مدينة الإمبراطورة "ماريا تريزا" وعاصمتها الأثيرة، انطلقت رحلة القهوة اليمنية، إلى بقاع أوروبا والعالم، ولكن، ويا للأسف، تحت اسم: القهوة التركية.

من عادة المزارع اليمني، أن يبدأ يومه باحتساء أقداح من القهوة الدافئة قبل الشروق. وهذا طقس قديم انتظمت به حياتهم منذ مئات السنين. وفي المساء، كانت القهوة هي المشروب المفضل للزُهاد والمتصوفة، إذ تمدهم بالنشاط والقوة في صلاة الليل.
مجموعة متنوعة من حبوب البن الطازجة والمحمصة معروضة في صنعاء ، يتم عرض مجموعة متنوعة من حبوب البن الطازجة والمحمصة في حدث تم تنظيمه في يوم القهوة العالمي في صنعاء
مجموعة متنوعة من حبوب البن الطازجة والمحمصة معروضة في صنعاء ، يتم عرض مجموعة متنوعة من حبوب البن الطازجة والمحمصة في حدث تم تنظيمه في يوم القهوة العالمي في صنعاء

قهوة محمد علي باشا القادمة من جبال اليمن
كيف انتقلت حكاية هذا المشروب العجيب من قدح في يد ولي وفقيه صوفي فقير في أقاصي اليمن، إلى شراب مفضل في يد الملوك والبحارة وقادة جيوش الإمبراطوريات العظيمة؟!
بعد أن أجهزت حملات محمد علي باشا على الوهابية في الدرعية ومكة، عام 1818 اتجه الجيش المصري جنوبا وطمر السهل التهامي حتى وصل إلى "المخا"، ليشرب القهوة اليمنية هناك محتفلا بنصره المظفر.

وعندما قرر خليل باشا العودة إلى مصر تم تسليم ميناء المخا إلى المهدي عبدالله إمام اليمن، مقابل 3 آلاف قنطارا من "البُن" يسوقها الإمام سنويا، إلى مطبخ حضرة سلطان الزمان محمد علي باشا، سلطان مصر. وجرت مفاوضات طويلة بين القاهرة وصنعاء، بشأن قهوة السلطان، كشرط لابد منه، للانسحاب والتسليم. وعندما قبل إمام اليمن ذلك الشرط أخذت الكمية تقل مع مرور الأعوام، فوجه سلطان مصر وكيله على الحجاز أحمد باشا يكن، بأن يوصل هذا الإنذار إلى إمام صنعاء، قائلا: "لقد أعطيته بدل البُن بلادا واسعة في نظير المقدار من البُن المتفق عليه.." (3000 قنطار من البُن، أي ما يعادل 135000 كيلوجرام).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى