الهوية والسيادة في اليمن

> كل المجتمعات المسكونة في الخارطة اليمنية لها هويتها ولها سيادتها على أرضها، وظلت تلك المجتمعات متعصبة في هويتها وسيادتها.
وكل الحروب والغزوات التي جرت في اليمن كان عنوانها إلغاء هوية الآخر، وبسط السيطرة على أرضه وسيادته، وهذه المحاولات كانت تقوم بها كل مدعية بأنها الأصل في الهوية، وجعل المجتمع الذي تتم غزواته مجرد (فرع) من واجبه الطاعة، وتبجيل الغازي، وتقديم الخراج له.

لكن الاقتصاد في اليمن ظل بلا هوية ولا سيادة في كل المجتمعات اليمنية قاطبة، فالاقتصاد ممنوع أن يتربى في أي من تلك المجتمعات، وإذا حاولت إحداها المبادرة خلق نواة اقتصادية تجد من يوضع العراقيل ضدها، بما في ذلك غزوها، باعتبار أي نهضة اقتصادية في إحدى المجتمعات تحدياً بائناً يجب تدميره حتى لا يجد صداه في الهوية الكبرى، ويؤثر على حياتها، وبنائها الاجتماعي، وفكرها المتزمت والسلالي.

هكذا حصل حين غارت (سبأ) على النهضة الزراعية والتجارية في عدن ولحج وأبين، وهذا أيضاً ما حصل في حرب عام 1994م، ودمرت كل من فيه روح وحياة في تلك البلدان، وتحولت إلى صحراء غزاها الجراد وأكلها إلى آخرها، ولم تجد في اليمن أي محاولات لبناء اقتصاد كلي يحافظ عليه وعلى استمراريته، بل ظلت التعصبات حول الهوية والسيادة والقوة، التي يجب على البقية إبداء واجبات الطاعة الخضوع تجاهها.

ولولا أدركت تلك المجتمعات فائدة وجود اقتصاد وطني لا يلبي حاجات الوضع وحسب، بل يقلل من معدلات البطالة، ويحسن معيشة المواطن إلى آخره، لكن ظلت فكرة الأصل في الهوية هي المتحكمة في المسار الذي عانى منه المجتمع في كل مقاطعته.
وأرى في آخر المطاف، فيما إذا تشكلت حكومة وفقاً لاتفاقية الرياض من الأجدى أن يتفق الجميع على برنامج اقتصادي شامل، في زراعته وصناعته وخدماته وسياحته، لا يتطبق ذلك البرنامج على طول وعرض اليمن.

وعلى هذه الحكومة التي سوف يتم تشكيلها أن تأجل أي نقاشات سياسية، فالتغيير السياسي لا يجلب إلا المشاكل البائنة المدفونة، وهذا ما حصل في دول بدأت بالتغييرات السياسية فوقعت في المحظور، بينما التي بدأت بالتغييرات الاقتصادية لا زالت في طليعة الدول المتقدمة.
وبعد أن يستقر البناء الاقتصادي يمكن العودة إلى السياسة بآفاقها الجديدة والرحبة، التي ستراعي مصالح كل مجتمع في هويته وسيادته.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى