زنجبار أبين.. تدهور في الخدمات وتخاذل حكومي

> تقرير/ عبدالله الظبي

> تعاني محافظة أبين ومدينة زنجبار عاصمة المحافظة من تدهور كبير في الخدمات نتيجة للحروب المتلاحقة التي أنهكت بنيتها التحتية ليكمل الفساد الإجهاز على ما تبقى من خدمات.
بعد كارثة حرب 2011م وعقب عودة سكان زنجبار وغيرها من مديريات المحافظة إلى مناطقهم كان أملهم كبير في انتشال الخدمات من واقعها المتردي لكن الأمل تبدد عندما استيقظوا على كارثة حرب أخرى.

عقب تحرير محافظة أبين من الجماعات المتطرفة في العام 2011 عاد أهالي زنجبار إلى منازلهم وقد تحول كثير منها إلى أطلال وفي العام 2015م علق الأهالي آمالهم بالتحالف العربي لإصلاح ما دمرته حرب تحرير أبين من قبضة مليشيا الحوثي وقوات الرئيس السابق صالح الحوثي، لكن خابت كل الظنون وتبخرت كل الآمال.
مر العام تلو الآخر ومضت منذ تحرير أبين خمسة أعوام ولم يلمس المواطن أي تغيير أو تجديد أو انتشال لوضع الخدمات المنهارة.
واليوم رحى الحرب وأصوات الدانات والمدافع على أطراف مديرية زنجبار، التي تعاني من تدهور الكهرباء وخدمات الصرف الصحي خدمات النظافة والصحة، والطرقات والناس تأن من وطأة الجوع و قلقهم يتزايد مع سماع أصوات القذائف في المدى البعيد.

واقع مرير
تدهور الأوضاع الخدمية، ارتفاع أسعار السلع، التضخم الاقتصادي، وتدهور صرف الريال يتجرعه المواطنون والفشل الإداري فاقم من حدة معاناة أهالي المحافظة، ويقول مواطنون إن السلطات المحلية بالمديريات عاجزة على تلبية أبسط الخدمات للمواطن.
ويعتبر مواطنون تحدثوا لـ "الأيام" إن الحلول التي تقدمها السلطات المحلية في المديريات والمحافظة ليست أكثر من معالجات ترقيعية لا تصمد أمام الأزمة الحاصلة، حيث إن الوضع قد تأزم ووصل إلى أبعد مداه.

ويقول المواطن أبو أصيل: "محافظة أبين تعيش اليوم ظروف سيئة وفي غاية الصعوبة، داخل مختلف المؤسسات الخدمية والاقتصادية والأمنية".
وأضاف في حديثه للصحيفة: "يعاني المواطنون من أوضاع إنسانية سيئة ومتدهورة، صيف ساخن يندر فيه وجود خدمة الكهرباء وأيضا طفح مياه الصرف الصحي. تحاصر منازل المواطنين فضلاً عن ارتفاع أسعار المشتقات النفطية".

مضيفا: "تدهور القطاعات الخدمية في المحافظة، ضاعف من معاناة المدنيين الذين باتوا يعانون أوضاع إنسانية سيئة لم يسبق أن شهدتها المدينة، وذلك نتيجة للعجز الذي تعاني منه مؤسسات الدولة والدوائر المحلية وعدم قدرة السلطات الرسمية في تلبية أبسط الاحتياجات الرئيسية وتأمين إمدادات المياه والكهرباء وتأمين حياة المواطنين من خلال أجهزة الأمن ومراقبة الأسواق والسلع الأساسية".

وتابع حديثه قائلا: "مع تزايد تدهور الأوضاع الاجتماعية في أبين تتزايد حدة الغضب والسخط الشعبي، إزاء الفشل والإخفاق التي ما انفكت تعتري خطط ونشاط مؤسسات الدولة، فالمعالجات إن وجدت فإنها تظل جزئية وليست جذرية، المواطنين غارقون في بحر متلاطم من المعاناة بسبب الإخفاق والعجز الرسمي حيث لا تلوح في الأفق حتى الآن بشائر تعيد ولو بصيص من الأمل والرجاء الذي ينتظره المواطن الأبيني".

تردي الخدمات يزيد الطين بلة
من جهته قال مروان جبور الشاطري: "شكرا لصحيفتكم الكريمة على تسليط الضوء على هذا الجانب الهام من حياة المواطن الأبيني وما يعانيه، حيث أصبحت الخدمات عبارة أزمات تثقل كاهل المواطن الأبيني المثخن بالجراح إثر الحروب والأزمات المباشرة والغير مباشرة، وكل محنة من هذه المحن تحتاج إلى صفحات ربما لأنه سيطول شرحها ولكن لم لا نأخذ نظرة سريعة بإيجاز، ولنبدأ بمشكلة تردي الكهرباء حيث يرجع جانب كبير من أسباب تردي خدمات المؤسسة العامة للكهرباء إلى القرارات الكارثية التي اتخذتها الإدارات المتعاقبة على الوزارة والمحافظة والمؤسسة من تسهيلات لإدخال الطاقات المشتراة، وعدم عمل تحديثات للشبكات وعدم اعتماد ميزانيات كافية للصيانة وعدم اعتماد إنشاء محطات استراتيجية تواكب التوسع العمراني وتعمل بأنظمة اقتصادية وصديقة للبيئة، وكل هذه التأجيلات والمماطلات والمساومات في ملف الكهرباء على المدى البعيد والقريب ظهرت آثارها الكارثية اليوم على المواطن الذي أصبح بين ليلة وضحاها بدون خدمة كهرباء تذكر إلا فيما ندر أو فيما تجود به عليه الشركات المستأجرة الخاصة في مناطق ساحلية تشهد كل عام ارتفاعات غير مسبوقة في درجات الحرارة.

وأضاف: "تردي خدمات الكهرباء يزيد الطين بلة من حيث ارتفاع عدد الوفيات بالجلطات والذبحات الصدرية ولا نظن أن من تولوا أمرنا ونسوا حالنا لا يعلمون عن ذلك".

وقال: "بخصوص مبالغ إعادة الإعمار فحدث ولا حرج! فأبين تعرضت لحربيين متتاليتين ولم يتم تعويض إلا جزء يسير من تلك الأضرار ثم تم إغلاق الباب في وجه المتضررين حتى اليوم ولا ندري لماذا؟ فعن أية أضرار أحدثكم التي لحقت بالمنازل أم مقرات الدولة أم الأراضي الزراعية والثروة الحيوانية والبنى التحتية، ومن يظن أن المواطنين بالتعويضات عن الأضرار المادية والنفسية التي لحقت بهم جراء الحروب والنزوح المتكرر سوف تسقط بالتغاضي فهو إنسان جاهل يسيء إلى أبين أكثر مما يخدمها، فالأضرار لاتزال شاهد عيان حتى يومنا هذا وهي أكبر دليل على تقاعس السلطات في أداء مهامها.

وأضاف :"نريد أن نلفت الانتباه إلى قضية أخرى في غاية الأهمية ألا وهي تزايد طرق الموت في محافظة أبين المنكوبة فالحوادث اليومية في ازدياد بسبب تهالك الطرق الرسمية وأقصد طرق أبين -عدن و طريق زنجبار جعار والطريق الذي يربط جعار والحصن باتيس، كل هذه الطرقات وغيرها أصبحت مليئة بالحفر المميتة على مرأى ومسمع من كل المسئولين الذين يمرون على هذه الطرقات يوميا وكأن الأمر لا يعنيهم وهنا تبرز تساؤلات كثيرة، أين مؤسسات الدولة المعنية؟ ألا يستطيعون ردم بعض الحفر؟ إلى أين تذهب ضرائب محافظة أبين اليومية والشهرية والتي تقدر بالمليارات؟ أليس الأولى بهم أن يعملوا على تدويرها لصالح خدمة المواطن والصالح العام وإنقاذ الأرواح؟ لماذا هذا الصمت المطبق من السلطات؟.

وتابع حديثه قائلا: "من هنا ومن منبركم الحر أحب أن أوجه رسالة إلى كل الجهات الدولية والمحلية لدعم ومساندة المؤسسة العامة للمياه والصرف الصحي. وهي المؤسسة الوحيدة التي تعمل بكل جهد ولديها قيادة شابة وسريعة التجاوب مع شكاوى المواطنين، ورسالة أخرى أوجهها لأهلنا في أبين بخصوص سداد فواتير الاستهلاك والتي تعتبر رمزية مقابل الخدمات التي تقدمها المؤسسة العامة للمياه والصرف الصحي تجاه المواطن، فالماء أساس الحياة وهو ما تبقى لنا في أبين ويجب أن نحافظ على هذه النعمة.

وضع مأساوي
من جانبه قال الصحفي نايف الرصاصي: "محافظة أبين تعيش وضعا مأساويا صعبا بسبب تردي الخدمات في كثير من المرافق والمؤسسات والبعض منها أصبح على وشك الانهيار بسبب المشاريع الاستهلاكية واستيطان الفساد المتفشي في ظل انعدام الرقابة والغياب التام للسلطة المحلية.

مشهد مألوف
وأضاف: "طفح مياه المجاري وتكدس القمامة أصبح مشهدا يتكرر يوميا و مؤسستا المياه والصرف الصحي وصندوق النظافة جهات إيرادية قادرة على وضع الحلول والمعالجات المستدامة للخروج من مشكلات طفح مياه الصرف الصحي وتكدس القمامة والنفايات. واستدرك قائلا: "للأسف هاتان المؤسستان اجتهدتا في الحلول الترقيعية و تحصيل الفواتير وتركتا تحسين مستوى الخدمات بل وصل الحال بصندوق النظافة إلى حرمان العمال من استحقاقاتهم وتهديدهم بالزج بهم في السجون بسبب الاحتجاجات المتكررة التي ينظمها عمال الصندوق ومطالبتهم بتغيير المدير الحالي.

مياه بدون صرف صحي
مضيفا: "وضع مؤسسة المياه والصرف الصحي هي الأخرى أخذت على عاتقها تحمل مسؤولية إدارة المياه من أجل الجانب الإيرادي وتناست الأهم وهو الصرف الصحي وطفح مياه المجاري ومخلفات مياه الأمطار والتي تترك لأيام حتى تجف مخلفة الكثير من الأمراض والأوبئة بسبب تكاثر البعوض الناقل للحميات".

شركات متعددة وساعات محدودة
وعن خدمة الكهرباء قال: "وضع الكهرباء هو الآخر ولد استياء عاما بين المواطنين بسبب الانطفاءات المتكررة خصوصا في فصل الصيف".

الكهرباء في أبين أصبحت معضلة القرن ومن المشاكل الأكثر تعقيدا شركات متعددة وساعات محدودة وبرنامج غير منضبط وإدارة الكهرباء تتنصل عن مهامها في تحسين الخدمة وتلقي باللوم في الوقت ذاته على حكومة الشرعية الغائبة كليا عن المشهد وتحملها المسؤولية والتخلف في تنفيذ وعودها ليصبح المواطن في أبين بين مطرقة إدارة الكهرباء وسنديان حكومة المنفى.

واختتم الرصاص حديثه لـ "الأيام" قائلا: "مدينة زنجبار تعرضت لتدمير ممنهج، شنت عليها عدة حروب دمرت كل بنيتها التحتية وشلت فيها الحركة التجارية بسبب الوضع الراهن وغياب معظم الخدمات. والحكومة تنصلت عن واجباتها بخصوص إعادة الإعمار وتعويض المواطنين الذين دمرت منازلهم فأصبحوا مهجرين في مناطق ومدن مجاورة على حسابهم الخاص وتركت المنظمات تقوم بعملها نيابة عنها بترقيع بعض المباني".

وقال: "ما تبقى من إنجازات حكومة الرياض استكملتها السلطة المحلية بالمحافظة من خلال استلام مخصصات للإعمار فتم تخصيص جزء من مخصصات إعادة الإعمار لمحتلي المرافق والمؤسسات الحكومية نظير ما عملوه لحمايتهم ونهبهم لتلك المؤسسات وما تبقى من المخصص تم تقسيمه. وفقا لقاعدة (الأقربون أولى بالمعروف) و(العاملون عليها)".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى