مع حلول ذكرى ثورة الجنوب سنكرم آباءنا

> مع حلول ذكرى ثورة الرابع عشر من أكتوبر في الجنوب أتقدم لكل من حمل راية النضال سواء بالكلمة أو من خلال حمل السلاح أو من خلال تحمل مسؤولياته تجاه وطنه من أبناء عدن والجنوب، في ظل سياسة استعمارية تمكنت من خلق بواعث التشتيت التي عمدت إلى زرعها تحقيقاً لمصالحها في المنطقة.

فالثورة ليست وليدة مرحلة معينة، بل هي تراكمات أدت إلى رحيل إمبراطورية لم تغب عنها شمسها. لقد خاض آباؤنا على اختلاف توجهاتهم نضالاً طويلاً متعدداً ومتنوعاً لمجابهة السياسة الاستعمارية، وقد أخلصوا في نضالهم ولم يتحيز أحد ضد مضامين الحرية والعدالة والاستقلال، بل كان هذا دأب الجميع دون استثناء، والأمثلة عديدة لأوجه النضال من جميع أبناء الجنوب.

نعم أدت بعض عوامل التشتيت التي مارسها المستعمر البريطاني ضد المناضلين رغم اختلافهم محل نظر من جانب السلطة الاستعمارية في عدن والجنوب، لكن بقي الجميع متوحداً في الهدف مهما كانت النتائج في سبيل تحقيقه. قد تكون المعرفة بالسياسة البريطانية وتطورات المنطقة قد أضعفت سبل النضال في تلك المرحلة وأدت إلى ما أدت إليه من بعض التخبطات التي رافقت تلك المرحلة أثناء فترة الثورة حتى بعد رحيل وجلاء المستعمر، كقوة في المنطقة التي بدأت معالمها تتشكل آنذاك.

لا أريد أن أخوض في تلك المرحلة وتاريخ أحداثها لأنها مؤلمة، لكن يجب الوقوف عليها لاستخلاص العبر والاستفادة من الدروس.

أما اليوم فإنني كأحد أبناء المناضلين كبيت وأسرة قدمت تضحيات، ورفضت أن تتلقى المقابل من أجل هدف أسمى وهو حرية الجنوب وتنمية موارده وإسعاد أبنائه وخلق جيل، وأجيال تلحق به مسلحة بالعلم والمعرفة والتوافق السياسي والتاريخي، لأن بساطة ما جمعهم قبلُ، هو ما يجمعنا اليوم. نحن من أبناء هؤلاء الرفقة الطيبة في حب عدن والجنوب.

اليوم تحل علينا ذكرى ثورة بسواعد الآباء الذين آمنوا وعملوا من أجل مستقبل تضمن فيه الحريات وتستنشق الأجيال من أبنائهم وأحفادهم ليحصدوا ثمار هذا النضال دون مرارة ألم، أو يتجرعون ثقل طابعه الذي اتسم به في وقت من الأوقات.

اليوم من خلال منبر مؤسسة "الأيام" للطباعة والنشر والتوزيع، هذه الصحيفة المؤسسة التي لم تكن في منأى عن رحلة نضال طويلة ومريرة ومستمرة لرفع صوت شعب حقق حريته بشكل باهظ بما لحق ذلك من تعثرات.

اليوم لتوجه إلى جميع آبائي رجالاً ونساءً ممن حملوا حياتهم وحياة أسرهم على أكفهم، بل قدمت تضحيات كبيرة ومؤلمة فيها فقط حتى نستطيب بعيش كريم وآمن يلتقي حوله ومعه الجميع منهم دون فرقة أو مميزات، بل كجمع واحد همه رفعة هذا الجنوب بجميع تفصيلاته وتجانسه. واحتراماً لكل من ناضل منهم وأكررها دون استثناءات أو عبر تكتلات وأحزاب، إني كبرت وأنا استمع وأشهد على ما أسمعه من أبي وأمي وأسرتي ككل عن نضالهم، ومن الذين ناضلوا منهم رغم اختلاف بعضهم في التوجه الوطني، رافضاً في ذات الوقت توجيه أي تهمة بالعمالة في موضع اتهام باطل وغير سوي.

ولي شرف الانتماء لهذا البلد قولاً وفعلاً من تاريخ يجسده جميع من ناضلوا ضد إرادة استعمارية سلباً أو إيجاباً. والتاريخ يصنع أحداثاً، ويحدث تغييرات غير متوقعة.

علينا أن نسترشد بسمو الهدف النبيل وطرق التعافي من الماضي وسلبياته والنظر نحو استشراف المستقبل دون هوادة، بحكمة تؤدي إلى مصلحتنا جميعاً مرة أخرى دون استثناءات، وذلك من أجل الجنوب ككل. تذكروا الجميع واعملوا على تكريمهم في حياتهم حتى من غادرنا بعيداً في الغربة، واجعلونا نتذكر نحن أيضاً كأبناء وأحفاد بأننا معنيون بالتعريف بكل من ناضلوا جميعاً دون تمييز أو تفرقة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى