ماكرون بونابرت وأردوغان الفاتح!

> سلام مسافر

> يهيج إيمانويل ماكرون ذكريات الماضي الاستعماري لبلاده في نفوس المسلمين، ويستنهض رجب طيب أردوغان العثمانية الجديدة.
فمنذ تصريحات الرئيس الفرنسي الموصوفة بأنها معادية للإسلام، والرئيس التركي، الذي يقاتل على أكثر من جبهة، لا يتوقف عن قذف ماكرون بأسوأ النعوت إلى حد أثار حفيظة أشقاء فرنسا الأوربيين. حتى أنهم اعتبروها إهانة موجهة للعلمانية والقيم الأوربية.

وفيما كانت أنقرة، تراقب بقلق اتساع حملة مقاطعة تركيا، في السعودية وفي الإمارات وفي أقطار أخرى، ترى في أردوغان عدواً، أنقذ ماكرون غريمه التركي، الذي تحول في عيون ملايين المسلمين إلى حام للإسلام والمسلمين، وتحولت حملة مقاطعة المنتجات الفرنسية، إلى أكثر الهاشتاجات انتشاراً على مواقع التواصل الاجتماعي.
وانتشرت تقارير وفيديوهات عن إخلاء المحال التجارية في بلدان إسلامية مختلفة من البضائع الفرنسية.

وقدم العلماني المتطرف، ماكرون، خدمة غير متوقعة، للعثماني المتعصب أردوغان، على وقع حملة الشجب والاستنكار المتصاعدة في العالمين العربي والإسلامي لتصريحات الرئيس الفرنسي.
وانضمت المطربة أحلام للحملة حتى أنها من شدة انفعالها نشرت فيديو قديماً لتظاهرة في اليمن على أنها تظاهرة في جمهورية الشيشان، مسقط رأس أبوي الفتى الذي ذبح المعلم الفرنسي.

صحيح أن المطربة الغنوج سحبت الفيديو بعد حين، لأن أحداً ما نبه إلى حقيقته، إلا أنها واصلت رفع راية المواجهة، واستمرت تهيب برجال الأمة أن يفيقوا ويدافعوا عن الإسلام والمسلمين، مع صورة لوجه العبد الفقير ماكرون، مزركشة بطعنة حذاء!
في هذه الأثناء نشر ناشطون فيديو قالوا إنه من مدينة رأس العين لمتظاهرين يجوبون شوارع المدينة حاملين لافتات وصور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ويرددون هتافات تندد بالإساءة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم.

ومدينة رأس العين تقع في منطقة شرقي الفرات، ومنها أطلق الجيش التركي في أكتوبر 2019 بمشاركة ما يسمى بـ "الجيش الوطني السوري" عملية "نبع السلام"، وأعلن حينها أن هدفها تطهير المنطقة من "إرهابيي العمال الكردستاني" و "داعش"، وإنشاء منطقة آمنة لعودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، وفي 17 أكتوبر علق الجيش التركي العملية بعد توصل أنقرة وواشنطن إلى اتفاق يقضي بانسحاب الإرهابيين من المنطقة، وأعقبه اتفاق مع روسيا في سوتشي نهاية أكتوبر.

الملفت أن متظاهري رأس العين حملوا لافتات وأعلام "داعش" و "جبهة النصرة" المدرجتين على قوائم الإرهاب، الأمر الذي يثير السؤال، في ما إذا كانت السلطات التركية التي تتولى إدارة المدينة، بتوافق مع روسيا، توفر الحماية للتنظيمين.
ولم يمر إلا يوم حتى تعرضت قواعد لمسلحين ينسبون لـ "جبهة تحرير الشام" المدعومة تركياً لقصف عنيف.

فهل فتح قطع رأس المعلم الفرنسي في عملية إرهابية بشعة ملف خلايا "داعش" و "النصرة" النائمة في "رأس العين"؟
وهل يمثل قصف مناطق، تعتبر تحت رعاية أنقرة بداية النهاية لما يعرف بخفض التوتر في المناطق خارج سيطرة السلطات السورية؟

ليس من باب الصدفة أن تسعر تصريحات لم تتسم بالحذر للرئيس الفرنسي، مشاعر عداء كامنة في نفوس الملايين، وتعريض المصالح الفرنسية إلى الضرر، فقط لأن ماكرون يسعى لإرضاء اليمين الفرنسي المعادي للمهاجرين في بلاده، وكسب أصوات دعاة، فرنسا أولاً.
يبدو أن تصعيد الرئيس التركي للحملة ضد فرنسا يستهدف التغطية على إشكاليات التدخلات التركية شرق المتوسط، وحرب مكامن الغاز، وترسيم الحدود البحرية، مع عدوتها التاريخية اليونان، والأعمال العسكرية للجيش التركي، ومن يوصفون بالمرتزقة في ليبيا وإقليم ناغورني قره باخ المتنازع عليه بين أرمينيا وأذربيجان.

واضح أن الطموحات الانتخابية لماكرون، ومطامع أردوغان العثمانية، بإحياء مشروع "بان ترك"، في القوقاز، تخلق مزيداً من الأجواء الملبدة إقليمياً ودولياً في وقت يحتار العالم في مواجهة جائحة كورونا التي تكشف يوماً بعد آخر عن أنيابها دون أن يلوح في الأفق، أن الطب سيتمكن في وقت منظور من السيطرة على عربدة كائنات أقل من مجهرية، فيما غطرسة ماكرون وأردوغان تلوث أجواء العالم أكثر فأكثر بحروب باردة، ليس مستبعداً أن تلتهب.

"روسيا اليوم"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى