عندما تسود المناصب على وجود الدولة

> عندما نستمر في مراجعة شاملة لمواقف منظومة الشرعية و تناقضها فعلى القارئ لها أن يتجنب التسرع في تلقيم قلمه وسرعة الإجابة بنعم أو لا! لماذا؟

لأنها -أي الشرعية- لم تلتزم بأدنى القواعد في اللعبة السياسية الماثلة أمامها، بل تجاوزت كل الخطوط التي تمكنها على الأقل من الوفاء بتعهد واحد يمكن أن يكون محفزا للآخرين؛ لأجل الوثوق والتيقن بأنها "ذات وفاء".

ومع تجدد المعارك في محافظة أبين العطاء والوفاء، لم تستطع منظومة العمل في ديوان الشرعية أن تكون على قدر ذلك العطاء، فعهدت بنفسها إلى تقليص الفارق بشكل كبير بينها وبين متعهديها من الذين آمنوا وعملوا غير الصالحات، وهم يريدون من أبناء عدن والجنوب تلك الصالحات كيفما كانت الطريقة التي ترسي لهم ملامح دولة هي قاب قوسين أو أدنى من الانهيار التام، أي تسليمها خالية الوفاض لأبناء الجنوب. نعم فالحرب لم تكن موجهة لساحات القتال والذود عن حياض العاصمة صنعاء بقدر ما كان نسفا لكل تعهد واتفاق من شأنه وضع النقاط على الحروف، في الوقت الذي ارتفعت وتيرة التصعيد ضد الجنوب أرضا وثروة، فعلى النقيض من ذلك تجد الجنوبيين أحرص منهم على الوفاء بتعهداتهم التي ترسي ملامح السلام وحقن الدماء التي لا يدفع ضريبتها إلا أبناء جلدتنا وهم براء منها.

يدرك إخواننا الجنوبيون ونحن معهم حجم الاستثمار السياسي الذي تقوم ببذله عناصر محسوبة على تلك الشرعية رغما عنهم وتعامل البعض بشكل عنيف وغير مبرر معهم، أدى بهم إلى عدم قبول الاستمرار فيها، خصوصا إذا ما كان هذا هو الحل الوحيد لتلك المنظومة المحسوبة على العناصر في منظومة شرعيتهم.

اليوم، لا نجد نحن الجنوبيين إلا التمسك بالأرض والإنسان أينما كان؛ لأنها غايتنا، وإن خطواتنا لن تتحقق بالبحث عن مصير مجهول تسطره أنامل لم تعهد الوفاء والحق، بل بذلت الرخيص من أجل مصالحها الذاتية، وهي ترى أن المنصب السيادي لا بديل له عن وجود دولة لم تقدر على حماية شعبها من الانجرار وراء دهاليز الإخوان الإرهابية ودول التطرف وتمويل الإرهاب التي تتزايد الحملات الرافضة لتدخلاتهم جهارا نهارا في شؤون دول وشعوب المنطقة العربية وتلك التي تقع على بحر المتوسط.

في الجنوب، يدرك ويعلم أبناؤه أنهم قادرون على التغيير وبخطى ثابتة لتصحيح المسار السياسي الذي غلب عليه التهميش والإقصاء وفقا لمعايير الأمن والسلامة وتحليل المخاطر التي ما فتئ نظام الشمال بكل أطيافه على تدميره وزرع الشقاق في أسلوب لا يتعدى أساليب أي محتل جنح ليلا لأرض غيره متجاوزا كل النظام والقانون اللذَينِ كانا يسودان الجنوب.

ليس عيبا أن ندرك الخطأ وأن نعالج مكمنه الذي ينبعث منه، فنحن نستطيع تغييره بما يتناسب مع حاجياتنا نحن فقط وفق رؤية مدروسة تستشرف آفاق المستقبل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى