العقلية الاقتصادية والاقتصاد المنحرف

> البلاد اليمنية يبدو أنها تعيش حالة من التمزق الداخلي، لكننا سوف نتجاوز ذلك التمزق ذهنياً على الأقل، حتى يصلح حال اليمنيين، ويجدوا حلولا ناجحة، يتجاوزوا بها ذلك التمزق، ويسيروا ببلادهم نحو الطريق العلمي في تخطيط التنمية الاقتصادية، وأول الطريق العلمي هي معرفة حدود إمكانيات اليمن وموارده المحتملة، ويعرفون الخارطة الاقتصادية لبلادهم الذين معظم السكان على غير علم بها مثل المعادن، وجبال، ووديان، وصحراء ، وحيوان، وبشر، هذه هي البداية الأولى لمعرفة اقتصاد بلادهم، وأول طريق علمي لتخطيط التنمية الاقتصادية.

ومع هذا التمزق الداخلي، يتنوع الاقتصاد في تمزقه فتظهر اقتصاديات غريبة الأطوار، وأولها يظهر الاقتصاد المتخفي، الذي يشتغل بعيداً عن نظر الحكومة، فهو محاط بالسرية وبالسياج، بعيدا عن عيون الآخرين، فينتج بضاعة أو يقدم خدمات، ويضعها في السوق مستفيداً من الظروف التي تمر بالبلد وانشغال الحكومة في صراعاتها، فيتجنب دفع الضرائب الحكومية، ويستفيد من بيع منتوجاته بلا منازع.

والاقتصاد المتخفي ينتعش دائماً عندما تكون الدولة هشة وضعيفة، وينخرها الفساد وغالباً يكون الاقتصاد المتخفي أكبر حضور مقارنة بالاقتصاديات الأخرى.

وينمو اقتصاد منحرف مستفيد من الأوضاع الاقتصادية الهشة، وهو ليس اتجاهه محاربة الإرهاب، بل يخدم الإرهاب في كثير من أنشطته الاقتصادية بل يزدهر نشاطه لأنهم يعملون فيه من هم من خارج نطاق الدولة الهشة والفاسدة. والاقتصاد المنحرف يعرف الكثير من الشركات الخارجية التي تعمل على تضخيم الفساد وتوسيعه، ويدخلان في مصلحة مشتركة كي يستفيدوا من اقتصاد معتمد على مصدر واحد من الدخل القومي وهو (النفط)، لأن الاعتماد بكثافة على مصدر واحد للدخل يتحول البلد إلى فساد كبير.

أما العقلية الاقتصادية الملتزمة، فإنها تخدم البلد بشكل أفضل وينجز الأعمال وتقودها، أفضل من الذين يقودون السياسة، لأن بعض السياسات يقدّر وعي الناس، عن طريق الحكم السياسي بينما من الأفضل تعديل السياسات، وتوجيه الرغبات الاجتماعية.
لهذا من الضرورة بمكان تفهم واستيعاب السلوك الاقتصادي حتى يكون الناس على قدر كبير من القدرة على التصرف الاقتصادي، ولا ننسى في هذه البلاد الممزقة الأوصال ازدهار تجارة التحويلات وتجار العملة، الذين يسيطرون فعلياً على السوق الاقتصادية والتجارية والمالية.

وبإمكان هذه (الحيتان) التلاعب بأسعار العملة والبضائع والسلع، وبإمكانهم أن يجعلوا من يريد منافستهم أن ينهار اقتصادياً، ويبدو أن هذا الجو يحلو لهم، ولا يودون أن تمسه يد التغيير البتة.
وأخيرا هذا الاقتصاد الممزق يساعد على دفع الناس للهجرة من بلادهم إلى بلدان أخرى، وتلك الهجرة تكون سلبية على بلادهم من حيث خروج الكادر العلمي والفني والمهني يستفيد منه بلد آخر لم يسهم بأي شيء مقابل تعليمه وتأهيله.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى