كن وزيراً !

> في بريطانيا، على ما اعتقد، قدم أحد الوزراء استقالته على إثر إثبات أنه استخدم وسيلة النقل المخصصة لأعماله الحكومية لأغراض شخصية.
قلت في نفسي لو أن هذا المعيار يتم العمل فيه ببلداننا لوجدت أن كل من تعرض عليهم المناصب القيادية لا يرون فيها مكسباً ما يجعلهم يعتذرون عن قبولها في حين لا نجد اللهث والسعي لدى أي كان للحصول على منصب معين على اعتبار ألا مكاسب مالية يمكنه تحققها من ذلك.

لكن، في واقعنا، الحال مختلف تماما، فأبواب الغنى والثراء مرتبطة بالمنصب الذي لو عرفت به مرة سوف تكون بعد ذلك ضمن السلسلة التي يعاد تدويرها، فالوزير غالباً ما يكون لديه بدروم أو خزينة مال في منزلة تتسع لسلطات جاهه وعطاياه التي تلمع صورته وتنشر مثالية وفرط كرمه.

اللافت أيضا أن الاختيارات الوزارية غالباً ما تجد في أشخاص هؤلاء الأسماء المناسبة حتى إن كانوا بلا خبرة سابقة ولا تجارب تذكر في مجال العمل السياسي، فالشهرة المالية تجعلهم مؤهلين لكل شيء، فلو كنت في مجتمعاتنا مثلا ملك بيع وشراء الأسماك يمكنك أن تغدو وزيراً للخارجية، ولو كنت ملك الطماط والحبحب لا تستفيد أن تكون وزيرا للداخلية تأتي قفزاً إلى موقعك هذا بغض النظر عن باقي هذه الوزارة، وتلك من كفاءات ومؤهلات ورتب وخبرات عملية، وما عليك إلا أن تبدأ طموحك باختيار أهم السلع الغذائية لتمارس عليها الاحتكار والتحكيم بعد ذلك سوف تكون منافساً على أعلى منصب وزاري بغض النظر عن مؤهلاتك وسيرتك الذاتية وقدراتك أو حتى سلامتك العقلية.

"بدروم الوزير" المالي لا يكون لافتا لأحد، طالما هو وزير لا بد أن تكون من صلاحياته التي بلا حدود صرف الأموال كيفما يشاء، وكثيرا ما حدثني زملاء من مختلف التخصصات والرتب عن عطايا هذا الوزير وذاك ولم أجد في أحاديثهم من يسال من أين له كل تلك الأموال.

هؤلاء المحظوظون لا يحتاجون جهداً ولا وقتاً طويلاً لتحقيق الثراء، وحين يجاهرون بأملاكهم يفعلون ذلك بكل بجاحة لإدراكهم ألا أحد يحاسبهم، وكلما تميزوا مالياً زادت حظوظ خطوات التدوير التي تجعلهم ينقلون من موقع لآخر حتى يتملكهم اليقين أنهم خلقوا بمؤهلات وقدرات قيادية ومميزات فكرية عمن سواهم في حين أن كتابات المديح والثناء عليهم تزيدهم غروراً بل يدركون معها أن بالمال يمكنك تحقيق الثراء والشهرة ولا تحتاج للنزاهة مطلقاً.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى