المستأجر بين الخبز والسكن

> آهات وتأففات سمعتها من أحدهم كان بالقرب مني في الباص: آح آح قهري على زمن التأميم وزمن النظام والدولة، الذي ساوى بين الفقير والغني، فأعطى الفقراء من أموال الأغنياء وعماراتهم وبيوتهم، وجعل ابن الرئيس وابن المواطن العادي في مدرسة واحدة، أما اليوم فسارق واحد يستولي على مساحة مدينة ويعمرها من الحرام، ويؤجر بالسعودي والدولار، وإذا قدر الظرف فالعشة والحمام اللذان لا يصلحان لبني آدم بـ 80 ألفاً، أو 100 ألف.

ضاقت الناس، ومن عاش آمنا مطمئنا اضطربت نفسه واضطرب توازنه في هذا الزمن الاستثنائي العصيب.
ضعفاء النفوس من تجار الحروب وناهبي الأراضي والفاسدين، ومن ينشرون الفوضى والخراب يستلذون ويتلذذون بهذه الفوضى الحياتية العارمة، ويشرعون لأنفسهم ما لم يشرعه إبليس لنفسه.

صرعة الإيجارات تكاد تكون هي النار التي تلسع جلود الشرفاء، وممن لم ينغمسوا في مسلسل نهب الأراضي والبسط على أراضي الدولة والمخططات العامة والخاصة.
يا محافظ عدن، يا فارسها الطالع من خلف أفق ركام الغبن والإحباط، أنت من يعول عليك الناس، ومن يحيط بك من الشرفاء -بعد الله تعالى- في إيقاظ الناس من هذه الصرعة المجنونة للجشعين الذين بسطوا وباعوا، وصاروا رجال أعمال واستثمارات بين عشية وضحاها، الذين نسوا العملة المحلية، وفرضوا الإيجارات بالسعودي والدولار.

لم لا تسن القوانين التي تنظم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، ويعجل تطبيقها بإسناد ذلك لمدراء المديريات وعقال الحارات، ومن يخالف يودع السجن، أم أن من ينهب ويستولي ويبسط يحق له أن يتسلى بعذاب أهل الفضيلة والأخلاق ممن لا يحبذون هذه الأمور؟!
لقد صار الشرفاء والمساكين بين أمرين لا ثالث لهما:

إما أن يسكن المستأجر ويدفع راتبه لصاحب البيت، أو يأكل خبزا جافا وملحا بهذه الإعانة التي تسمى راتباً، ويعيش في العراء، أو يضطر لحرمان أبنائه من التعليم ويولي الأدبار في الصحاري والجبال البعيدة بدلاً من الموت غبناً تحت ضغط ضرورات الحياة وإلحاحها.
سيقول بعضهم: لم تحسدونا على ممتلكاتنا وبيوتنا، فنقول لهم: لكل شيء قانون، وفوق هذا وذاك فمعظم هذه البيوت والعمارات تم نهبها والبسط عليها في ظل عدم وجود النظام، والشرفاء لا يحبذون ذلك، فهل يعيش اللص والسارق، ويموت الشريف؟

حرك السلاحف وسن القوانين يا فارس عدن، وضع حداً لهذه الصرعة التي تجاوزت كل الحدود.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى