أموال بلا حدود.. تاريخ الدعم القطري المشبوه للحوثي

> ​لم يكن الدعم القطري الواسع لمليشيا الحوثي باليمن والذي تعاظم خلال العامين الماضيين، وليد اللحظة، بل نتاج سياسات بدأت قبل عقدين.
وحتى في ظل مشاركتها القصيرة والمشبوهة ضمن التحالف العربي لدعم الشرعية خلال 2015 وحتى يونيو 2017، ظلت الدوحة في خندق واحد مع الانقلاب الحوثي، تقود المؤامرات من داخل التحالف وتقدم له المعلومات المخابراتية كما حدث في مجزرة صافر مطلع سبتمبر 2015.

ولم يعد الدعم القطري للحوثيين خافيا على أي مراقب للشأن اليمني، فبعد سنوات من التمويل المادي والإسناد الإعلامي لمسيرة الانقلاب التي بدأت باجتياح صنعاء أواخر 2014، تكشفت العلاقة بشكل أكثر سفورا مع اتجاه الدوحة لتدشين مرحلة التمثيل الدبلوماسي، واعتماد قنصلية للحوثيين في الدوحة بالتزامن مع إعادة فتح سفارتها بصنعاء.

ولا يبدو أن الدوحة بريئة من صفقات تهريب الأسلحة النوعية الأخيرة التي بدأت المليشيا الحوثية استخدامها ضد السعودية، وخصوصا الطائرات المسيرة بدون طيار والزوارق المفخخة والتي يتم تسييرها عن بعد.
وخلافا لعشرات الشواهد الملموسة، كشف فريق اليمن للسلام الدولي، وهو فريق قانوني يضم محامين من عدة دول عربية، عن دعم مالي تقدمه قطر لمليشيات الحوثي الإرهابية في اليمن خلال العامين الماضيين.

وقال الفريق، إنه حصل على معلومات من سلطات المليشيات الحوثية بصنعاء، تطلب صرف إكرامية قدرها 30 ألف ريال قطري (9 آلاف دولار) لجميع العناصر المرابطة في جبهات القتال من المنحة القطرية المقدمة لوزارة الدفاع التابع للانقلابيين.

كيف بدأت العلاقة؟
مع بزوغ التمرد الحوثي الذي كان يقوده مؤسس المليشيا الانقلابية، حسين بدر الدين الحوثي في جبال مران بصعدة، مطلع العام 2004، بدأت السلطات اليمنية، عملية عسكرية واسعة لإخماد التمرد، إلا أن الدوحة كانت تتدخل تحت مزاعم الوساطة بهدف إنقاذ الحوثيين.
حينها، كانت السلطات التابعة لحكومة الرئيس الراحل علي عبدالله صالح تستجيب للوساطات القطرية الغامضة، لكن التمرد الحوثي كان يعود لشن حرب جديدة على مؤسسات الدولة.

وفي العام 2006، وبعد مقتل مؤسس المليشيا على أيدي القوات الحكومية، وفي الوقت الذي كانت فيه الدولة أقرب إلى وأد بذرة التمرد بشكل تام، تدخل أمير قطر السابق حمد بن خليفة للوساطة، وكان الهدف الرئيسي وقتها هو إنقاذ ما تبقى من الحوثيين.  

أبرمت قطر حينها، صفقة ضمنت بموجبها وقف تقدم الجيش اليمني نحو منطقة "مطرة" الجبلية، آخر معاقل الحوثيين شمال محافظة صعدة، والتي كان يتواجد فيها زعيمهم الحالي عبدالملك الحوثي، مقابل أن يقيم شقيق مؤسس الحركة يحيى ووالده بدر الدين الحوثي وعمه عبدالكريم مؤقتاً في الدوحة، وأن تتولى قطر دفع مساعدات وتعويضات وإعادة الإعمار.

وخلال تلك الفترة، كانت مليشيا الحوثي، تستغل فترة التهدئة لإعادة ترتيب أوراقها لتتنصل من الاتفاقيات، وتشعل حربا جديدة في العام التالي.
وكشف تسجيل مسرب حديثا، تفاصيل تلك مؤامرة الدوحة، التي شارك فيها أمير قطر السابق حمد بن خليفة ورئيس وزرائه آنذاك حمد بن جاسم أو ما يعرف بـ"نظام الحمدين"، مع الرئيس الليبي السابق معمر القذافي بهدف "تقسيم السعودية إلى عدة دول".

ووفقا للتسريبات، فقد قامت القيادة القطرية السابقة، بالضغط على الحكومة اليمنية لإبرام اتفاق آخر لوقف الحرب الرابعة باتفاق ثانٍ، وما لبثوا أن تنصلوا من جديد من الاتفاق، الذي كانت الحكومة ترفضه.

وبدأت العلاقات القطرية الحوثية بالظهور إلى العلن ابتداء من هذه المرحلة، عندما تدخل وزير خارجية قطر حمد بن خليفة آل ثاني علناً في الأزمة بين الحوثيين والحكومة السابقة، خلال زيارة توجه فيها إلى صنعاء في مايو 2007، وتمكن خلالها من الضغط على النظام السابق، لإبرام اتفاق لوقف إطلاق النار بدأ في 16 يونيو من العام نفسه بعد احتضان الدوحة لتوقيع الاتفاق".

وساهم الدعم القطري في تعزيز نفوذ الحوثيين لمواجهة الدولة، حيث قامت المليشيا بشن هجمات مزدوجة على مواقع الجيش اليمني والأمن في صعدة، وهو ما تسبب باندلاع الحرب الخامسة، التي كانت المليشيا قد تمددت فيها إلى مديرية بني حشيش شرق صنعاء.
وخلال الحرب الخامسة، عاودت الحكومة القطرية اتصالاتها وأجبرت السلطات الشرعية آنذاك على إعلان وقف إطلاق النار أحادي الجانب في 17 يوليو 2008، في الوقت الذي استمرت فيه الدوحة في دعم الحوثيين بالمليارات تحت مبررات إعادة إعمار صعدة.

آخر المحاولات القطرية لإنقاذ الحوثيين، كانت في حرب صعدة السادسة، والتي اشتعلت عام 2009، وبدأت فيها المليشيا بشن هجمات على الحدود السعودية، لعدة أشهر، لتقوم قطر بالتدخل مجددا لإنقاذ المتمردين و توقيع ما سمي باتفاق الدوحة في 21 يونيو 2010.
ومنذ العام 2011 وما يعرف بالربيع العربي، بدأت المرحلة الثانية من الدعم القطري للمليشيا الحوثية، وذلك بدفعهم إلى الساحات للمطالبة بإسقاط النظام السابق، ثم توجيههم لاجتياح صنعاء آواخر سبتمبر 2014 ومنها إلى الحديدة وتعز ومدن الجنوب، قبل أن يتدخل التحالف العربي بقيادة السعودية لإحباط المؤامرة القطرية ـ الإيرانية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى