إشكالية السعودية والإمارات مع القوى بالشمال

> أمس الأول المحامي محمد محمد المسوري، المعروف بمحامي الزعيم (الرئيس السابق صالح)، وهو أحد رموز المؤتمر الشعبي العام، قالها بصراحة ودون مواربة، وهو يتحدث عن وضع القوات الموالية للراحل صالح الموجودة بالساحل الغربي إن عليها أن تلزم مواقعها الحالية، ولا تتقدّم شبرا واحدا صوب الحوثيين، وألّا تفتح أية جبهات قتال هناك، كون تلك القوات وقيادتها لا تملك أمرها وقرارها بيدها بل هما بيد الإمارات، وأن أي تحرير للأرض سيفضي لمصلحة الإمارات ويعزز من سيطرتها على الأرض، بحسب المسوري.

هذه الدعوة – اختلفنا أو اتفقنا معها - تكشف بجلاء عن الموقف الحقيقي والنوايا الكامنة في نفس ليس فقط القيادي المؤتمري محمد المسوري، بل لدى كثير من القيادات الحزبية والعسكرية الشمالية تجاه التحالف، غير أن الكثير من هذه القيادات لا تجرؤ أن تجهر بها علنا، إمّــا خوفا على فقدان مكسب، أو رهبة من صفعة صولجان، أو اتباعا لأسلوب التقيّــة السياسية. وهي ذات القناعات الكامنة في نفوس معظم القيادات الحزبية والعسكرية الموالية لحزب الإصلاح في مأرب والجوف.

نؤكد مرارا أن إشكالية التحالف (السعودية والإمارات) مع حزبّـيّ: الإصلاح والمؤتمر، وإشكالية هؤلاء الأخيرين مع التحالف وغيرهما من القوى بالشمال تتمثل بغياب الثقة بينهما، واعتقاد كل طرف بأن بمقدوره استغفال واستخدام الآخر. فهذه القوتين بشقيها: المؤتمر والإصلاحي، تتوجسان من نوايا التحالف مستقبلاً في حال تم إسقاط الحركة الحوثية أو حتى إضعافها. فالإصلاح يرى في السعودية الخصم المستقبلي الذي ربطه بها منذ بداية هذه الحرب عدو مشترك اسمه الحوثيون، وعقد معها تحالفات الضرورة، يتوجس الإصلاح من النوايا السعودية بعد أن طفت مؤخرا أكثر وضوحا وعدائية على سطح الخطاب الإعلامي السعودي تجاهه وتجاه الحركة الإخوانية الدولية برمتها، فضلا عن تخوفاته من النشاط السعودي المحموم الرامي لترسيخ النفوذ السياسي والعسكري على الأرض اليمنية على حساب مستقبله، أي الإصلاح السياسي وعلى حساب نصيبه من الكعكة التي طال انتظارها، خصوصا بالجنوب، وخشيته أي الإصلاح من أن تذهب السعودية في إبرام صفقة أمنية مع الحركة الحوثية بشكلٍ منفرد، سواء تم هزيمة أو إضعاف الحركة الحوثية أو لم يتم، فالهاجس الأمني لدى السعودية يحتل أهمية قصوى، ومقدما على كثير من المصالح والأجندة لديها، وبالذات بعد أن كشفت هذه الحرب لصانع القرار السعودي بأس وصلابة هذه الحركة (الحوثية) واستحالة هزيمتها عسكريا أو حتى تقويضها، كما كشفت لها في الوقت عينه أكذوبة استئصالها من الخارطة ومن المجتمع اليمني، وبالتالي فإن أية تسوية مُــقبلة لن تمر سوى من صعدة، سيأخذ فيها البُـعد الأمني لدى السعودية أهمية بالغة، ومن خلاله ستأمن المملكة جانب الحركة الحوثية وتتقي به صواريخها وطيرانها المسيّــر الذي أدمى الخاصرة الجنوبية السعودية، ولن يتأتى لها ذلك دون أن يكون الحوثيون في صلب هذه التسوية إنفاذا للمقتضيات الجيوسياسية.

من جانبهما: (السعودية والإمارات اللتان فشلتا بإيجاد قوى حقيقية موثوق بها ذات ثقل سياسي وشعبي وعسكري موالٍ لهما في الشمال يمكن الاعتماد عليها مستقبلا كحلفاء محليين ولسد الفراغ في حال حدوث معجزة الانتصار على الحوثيين)، لم ولن يثقا أبداً بمواقف الإصلاح في الوقت الراهن ولا مستقبلا، بل حتى بمواقف كثير من قيادات وقواعد المؤتمر الشعبي العام في حال تمكنا من السيطرة على الشمال أو على أجزاء منه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى