الأمن الامتحان الصعب

> عرفناهم يأتون (معفصين) فيسمكرهم المنصب، ومفجوعين فتشبعهم السلطة، ولكن (لملس) جاء المحافظة (مربرب) والابتسامة تملأ ملامحه، ومن يراه اليوم يجد أن السلطة أخذت من وقته وجهده ووسامته الكثير، فقد احتل التعب والإرهاق وجهه، وحاصرت هالات السوداء عينه، وحتى نبرته اللينة باتت خشنة، وتشعر أن كل لحظة يعيشها تحدٍّ، وكل يوم في حياته فرصة.

* استلم عدن وهي أشبه بخردة، سلطة ملغمة ومسئولون معظمهم بضاعة فاسدة، وخزينة مصفرة، وعشرات المليارات ملحوسة من ميزانية المحافظة، كما يقال، ولم يردموا حفرة أو يركبوا كامبة في شارع أو يسدوا بلاعة بضمير، ولم يضبطوا أمن أو يزوروا مستشفى، وتركوا المدينة يسرح ويمرح فيها من هب ودب، وبسطوا على معالمها وما تبقى من متنفساتها، حتى أمسى النهب والعشوائيات شعار المرحلة، ناهيك عن مواقفهم التعيسة من أزمات الكهرباء والمياه وبعسست المشتقات النفطية، وكان كل همهم كروشهم.

* أكبر تحدٍّ واجهه (لملس)، هو أن كثيرين كانوا ومازالوا لا يريدون لعدن أن تستقر ومنهم من كان ينتظر فشله وآخرون كانت مواقفهم على حرف، والتحدي الآخر أن المواطن الذي كان يعيش في جحر الحمار ست سنوات أصبح أكثر (زنانة) ويريد من لملس أن يخرجه من ثاني يوم!

* كلنا يتفق أن عدن بدأت تتعافى، وتشهد شوارعها جهدا جبارا، واستقرت بعض خدماتها، وكانت البداية بتغيير مدراء المديريات زفة واحدة، وراهن المحافظ على شخصيات نظيفة وحتى اليوم لم يخيبوا ظنه، وبات المواطن ينتظر زفة أخرى.

* أمسى المحافظ (بعبع) للفاسدين، وإن (يغبش) ويزر مرفقا ويزح مديرا، فهذا أمر تكاد عدن لا تعرفه غير في العهد الأملسي، ولا نشك أن الوقاحة تستحق سلطة مبهررة، ولكن حتى نرى بعين العدالة نجد من المهم تفعيل دور الجهاز المركزي لرقابة وكذلك النيابة والقضاء، ونترك سلطة القانون تكشف ملفات فسادهم وتحاسب كل المتورطين فيها.

* كان (لملس) يدرك أهمية الأمن لعدن، وباشر مهمته بالاجتماع بقيادات الأجهزة الأمنية، ورغم التحسن الذي يلمسه المواطن، إلا أن كل اجتماعاته لم تتمكن من السيطرة على كامل مظاهر الفوضى، فهناك مناظر مازالت تخدش تحضّر وثقافة المدينة، وتجرح مشاعر ناسها.

* يظل الأمن الامتحان الصعب، نعي أن هناك قادة يرفعون الرأس وجنود يستحقون تقبيل جباههم، ولكن علينا أن نعترف بأن بعضهم أصبحوا في مناطقهم دولة، ويبسطون سلطتهم على الأسواق وخراجها إلى جيوبهم وعلى عينك يا سلطة، والمصيبة أن بعض الصغار خلفه كبير، فإذا كانت النوايا حسنة فإن الحل في هيكلة الأجهزة الأمنية وغربلة أفرادها.

* لكي تعود عدن مهد التحضر ومدينة السلام تحتاج إلى أكثر من الكلام، وأن يضحي الكبار بمصالحهم قبل الصغار.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى