إن من لم يكن مع المجلس الانتقالي الجنوبي في قضية وطنه لا يجوز أن يكون ضده، لأنه لا بديل له غير المعاملة الاستعمارية التي اعترف بها علي محسن الأحمر، الرجل الثاني في حكم صالح الأول في حكم هادي "محمد حيدرة مسدوس".
كلما مضى بنا الزمن بعيداً تظهر حقائق كثيرة، وهي بمجموعها تؤكد، وبما لا شك فيه، أن من الخطأ الفادح لأي جنوبي أن يقف ضد قضية وطنه من منظور الموقف الواضح والجلي للقوى الأخرى التي لا تعترف بحق الجنوب ونديته، ولم تترك في ممارساتها المستحقة ما يمكن البناء عليه.

فهل سأل أنفسهم من يقفون ضد قضية وطنهم: ما المآلات والنتائج من وراء ذلك؟ أم أن فكرة تعارضهم مع الانتقالي تعرض عليهم اتخاذ مثل هذا الموقف غير المحسوبة نتائجها؟
صفحة ماضينا، لا شك، مليئة بالثغرات والأخطاء، و هي التي أدت إلى ما نحن عليه.

إلا أن ذلك يتطلب إعادة النظر في أمور كثيرة، وتجاوز ما كان على الأقل، كي لا يقع الوطن مرة أخرى في شرك الأفخاخ التي تعمل.

قد لا يكون البعض متفقاً مع الانتقالي، إلا أن ذلك الموقف يجب أن لا يجير ضد قضية شعبنا من قبل من هم جنوبيون، هذا ما ذهب إليه المفكر محمد حيدرة مسدوس في تغريداته المختصرة والمركزة التي تضع النقاط على الحروف، وتدعو لموقف جنوبي إلى جانب قضية الوطن بغض النظر عن التفاصيل الأخرى، والمواقف الشخصية، ربما بمقدور كثير من الشخصيات السياسية والمرجعيات القبلية الجنوبية إحداث تغيير جوهري في المعادلة الراهنة التي نواجه فيها تحديات كبيرة.

ونقاط ضعف مردها عدم وحدة الموقف الجنوبي على الأقل تحت عنوان عريض، ألا وهي قضية الوطن، إلا أننا، للأسف، نرى عمق الخلل واضحاً وجلياً، ومع ذلك لم تبادر جهود وطنية مخلصه لإصلاحه وتجاوزه والمضي بقوة تحت راية قضية الوطن أولاً.

فالحديث لأي جنوبي كان عن مشروع لا يتصل بالحق الجنوبي يعد خطأ فادحاً، ربما يدرك آثارها الموجعة بعد فوات الأوان، فما يجري على مدى عقود مضت من الطرف الآخر هو تعبير صارخ وجلي عن سياسة الضم والإلحاق، ولا شيء آخر، وهو إمعان صارخ يتجاوز قضية شعبنا، رغم التضحيات الجسام ورحى الحروب التي أقحمنا فيها بهدف الإخضاع والسيطرة.

قضايا ومخططات واجهها شعبنا بتحد وإباء، لنجد أنفسنا في نهاية المطاف أمام حالة من التوهان والإرباك بسبب بعض المواقف الجنوبية المتخاذلة، رغم أن ما يصيبها جراء ذلك لا يختلف في جوهره عما نعانيه جميعاً.
فهل الوقت مناسب لإطلاق مساعي جنوبية لخلق توافقات نتجاوز عبرها عقبات الراهن وما يعتمل من صور تفتيت وتتويه بحق قضيتنا؟
للأسف، دخلنا الوحدة بنفس مشهد الانقسامات والتباينات نستجر أخطاء الماضي، ونريد الخروج من شرنقة الوضع بذات النمط من الأخطاء.