التعليم في عدن.. عبث ممنهج وتخاذل التربويين والآباء

> تقرير/ جمال مسعود:

> على مدار الثلاثين سنة الماضية وقع التعليم في عدن صيداً للمنافسة بين القوى والتنظيمات والأحزاب السياسية، وأدخلته ساحات الصراع وهي تردد شعار (لا دراسة ولا تدريس حتى يسقط الرئيس)، وهو أسوأ ما ردده البشر بحق التعليم على وجه الأرض، ولم تكن عدن ومدن الجنوب تقبل به قبل خمسين سنة.
التعليم العدني بالخصوص والجنوبي في العموم ضحية التنصل الحكومي المصحوب بالعجز والفشل في تلبية المطالب التعليمية سواء في حاجة المعلم أو المتعلم أو المدرسة والتعصب النقابي المناضل من أجل انتزاع حقوق المعلمين القانونية والإنسانية.

سنوات متتالية والتعليم في عدن يجثو على ركبتيه متوسلاً للمجتمع العدني والشعب الجنوبي وسياسيي العمل الجنوبي، يطالبهم بالبحث عن حلول شاملة تنقذ التعليم وتوفر له عوامل الاستقرار الطبيعية، وتبدأ سنة دراسية مضمون فيها الاستقرار الكامل للعملية التعليمية.

عملية تعليمية مهددة باستمرار
عبدالجبار سلام
عبدالجبار سلام
خلال أكثر من خمس سنوات على التوالي تعثرت العملية التعليمية بسبب تنصل الحكومة عن التزاماتها للمعلمين، وتعصب النقابة للمطالب الحقوقية، فيا ترى كيف سنتمكن من توفير استقرار دائم للعملية التعليمية تحت مبدأ لا ضرر ولا ضرار حول هذا الموضوع، الأستاذ عبد الجبار سلام وهو من مؤسسي نقابة المهن التعليمية، أجاب أن العملية التعليمية مهددة بشكل دائم، وأنه لا بد من عقد مؤتمر تربوي في عدن يشارك فيه الجميع دون استثناء لأي طرف ويطرح موضوع أزمة التعليم في هذا المؤتمر، ويناقش بين النخب والمثقفين والخبراء، ويخرج المؤتمر بتوصيات يلتزم الجميع بتنفيذها فيما يحقق الاستقرار الدائم للعملية التعليمية.

غياب الرقابة
عثمان مثنى
عثمان مثنى
الأستاذ عثمان مثنى عبد الكريم، مدير مدرسة متقاعد، أفاد أن أكبر مشكلة تعاني منها التريبة والتعليم وسببت لها كل تلك الأزمات هي فقدان الرقابة وغياب الضمير ‏وهذه واضحة وفيها صراحة. إذا انعدم الضمير والرقابة ينهار كل عمل، والمطلوب الرقابة الفعالة حتى نعيد العملية التعليمية إلى نصابها.
وأضاف: "نحتاج إلى المعلم المؤهل والإدارة التعليمية المؤهلة، وبيئة تعليمية تلبي حاجة المتعلم، وسياسة تعليمية واضحة، وتوفير هيكل أجور خاص بالمعلم دون الآخرين حتى يتحقق استقرار عام للمعلم والعملية التعليمية".

استحقاقات المعلم
عيدروس باحشوان
عيدروس باحشوان
من جهته، قال الأستاذ عيدروس عبدالله باحشوان، رئيس تحرير صحيفة عدن تايم: "في تقديري الشخصي أن الحكومة ملزمة بدفع أي مستحق للمعلم والمعلمة بعيداً عن أي تبريرات، بالمقابل ليس بالضرورة دفع الاستحقاق لمن هم خارج أسوار المدرسة، والنقابة ملزمة بتصحيح هذا الوضع وهي نقابة للمطالبات، لكن بتصحيح أوضاع العملية التعليمية والتربوية ستستقر كل أمور التربية والتعليم".

إبعاد السياسة عن التعليم
خديجة السيد
خديجة السيد
الأستاذة خديجة السيد، مشرفة تربوية في ثانوية أبان النموذجية للبنات، قالت: "العملية التربوية والتعليمية واجهتها سياسة خطيرة ومدروسة، بل منظمة من سنين طويلة.. هدفت من خلالها إلى القضاء على كل جميل في مسيرتنا التربوية والتعليمية، وما نعانيه اليوم انعكاس لهذه السياسة، إذ وصلت حد انهيار المنظومة التربوية والتعليمية، وتدني المستوى التعليمي، وتجهيل وضياع أبنائنا الطلاب شباب وجيل المستقبل".

وأضافت: "علينا التكاتف كلاً من موقع عمله للإصلاح والنهوض بالعملية التربوية والتعليمية، ومحاربة فاسديها وإبعاد السياسة عن مسرح العملية التربوية والتعليمية، ومُحاربة الفساد بكل أشكاله وبمختلف الطرق، والاهتمام بالمعلمين (ورثة الأنبياء) كونهم ركيزة هامة في العملية التربوية والتعليمية، وإعطائهم كامل حقوقهم ومستحقاتهم".

وتابعت: "يجب توفير بيئة مدرسية جيدة وملائمة للطالب وإعطائه كامل حقوقه (معلماً جيداً ومتخصصاً في منهج دراسي نوعي، وليس كمياً، كتاباً مدرسياً آثاثاً صفية سليمة وكافية، أنشطة لا صفية متنوعة إبداعية.. ترفيهية، فنية، رياضية، ودورات مياه مدرسية نظيفة، وإشراف صحي واجتماعي)".
وأكدت التربوية السيد على تطبيق مبدأ الثواب والعقاب (إدارات ومعلمين وطلاباً) توفير المعلمين وفق التخصص، وتزويد الصفوف الثلاث الأولى من التعليم الأساسي بأفضل المعلمين وأكثرهم خبرة وكفاءة.
صورة من الارشيف لاغلاق أحد مكاتب التربية بعدن من قبل معلمين محتجين
صورة من الارشيف لاغلاق أحد مكاتب التربية بعدن من قبل معلمين محتجين

محاربة الغش ورفض المعلم البديل
كما أكدت على رفض المعلم البديل كونه مظهراً وشاهداً على فساد قيادتنا التربوية (إدارات تربية ومكاتب المحافظة وإدارات مدرسية)، ومحاربة ظاهرة الغش بكل وسائله، ومحاسبة مشجعيها الواقفين ضد عملية الترفيع، لانعكاسها السلبي على الطالب والعملية التربوية والتعليمية.
واختتمت السيد حديثها بالتأكيد على ضرورة تفعيل المشاركة المجتمعية، للمساهمة في استقرار العملية التربوية ولتعليمية، وذلك من خلال إنشاء صندوق للدعم المالي تشرف عليه لجنة تربوية ونقابية مشهود لأعضائها بالنزاهة والأمانة والوطنية.

د. محسن الحيدري
د. محسن الحيدري
كما تحدث د. محسن حسين الحيدري، نائب العميد لشؤون الطلاب بكلية الحاسوب، مطالباً الجميع بأن يستوعبوا طبيعة المرحلة وممكناتها، وبالتالي أن تكون الأهداف والمطالبات والتوقعات منسجمة مع الواقع.

وأضاف "المرحلة الاستثنائية تتطلب من الكل تقديم جهود فوق المعتاد والإخلاص للمهنة ورسالتها، والبحث عن شراكات وتمويل من جهات محلية ودولية لتعويض القصور المادي واللوجستي من قبل الحكومة، بالإضافة إلى غرس الطموح والأمل عند الطلاب، والتركيز على دور المجتمع في دعم التعليم من خلال التشجيع والتكافل الاجتماعي. الكلام يطول في موضوع كهذا، ولا ننسى الأخلاق والأمانة لكل مدرس ومسؤول عن العملية التعليمية".

بداية الاختلال
عبدالله اليزيدي
عبدالله اليزيدي
أما الأستاذ عبدالله اليزيدي، مدير سابق لإدارة التربية بمديرية صيرة، وهو أحد المتضررين من الإحالة للتقاعد المتوقفة إجراءاتهم الإدارية بالنقل مالياً إلى التقاعد، وقد حرمه هذا التوقيف من مستحقات وتسويات مالية تحدث لـ "الأيام"، وقال: "الخلل في العملية التعليمية والتربوية بداياته منذ إعلان الوحدة، واتباع النظام التعليمي المعمول به حالياً ودمج مواد دراسية، وإضافة مواد أخرى، كما أن السياسة التعليمية والمتمثلة في تصنيف الوظائف وفقاً للوجاهات والبيوت، بحيث يقدم تعليم متميز لأبناء كبار القوم تختلف عما يقدم للعامة".

وأضاف: "أصبحت مهن معينة كالطب والمحاماة والهندسة والقضاء محصورة ببيوت معينة، وأن يكتفي أبناء العامة بالوظائف الهامشية، وذلك من خلال تقليص نفقات التعليم وتكدس الطلاب وسوء اختيار المعلمين بشكل مستمر، والمحدد بالفترة من 2015 حتى اليوم".

وتابع: "أعتقد أن السبب يعود إلى غياب الدولة وإهمالها المبرر، نظراً للحرب، العملية التعليمية والتربوية وتسيس الوظيفة القيادية والاختيار السيئ الناتج عن هذا، كما أن الحالة الاقتصادية للمعلم والأسرة جعلت الكل يسعى للبحث عن لقمة العيش، وتناسى الجميع الطالب، ولإصلاح هذا الوضع يجب اختيار كفاءات بنظام المفاضلة لقيادة العملية التعليمية من أعلى الهرم إلى أدناه، وكذا تطهير واتخاذ مبدأ الثواب والعقاب للمعلمين أولاً قبل الطلاب، وتعديل المقررات الدراسية وتنقيتها، والأهم من ذلك تفعيل دور التوجيه والعمل على تقليل الكثافة الطلابية في الصفوف المدرسية".

حقوق المعلم أولاً
أرسلان الدُبعي
أرسلان الدُبعي
من جهته، قال أرسلان محمد علي الدبعي، محامي ورئيس مجلس الآباء لمدرسة باحميش: "تستقر العملية التعليمية بتوفير الحقوق أولاً للمدرس ليمنح الاكتفاء لإعالة أسرته، ومن ثم تطوير المنهج بما يتناسب مع العمر للطالب والمرحلة العمرية التي يعيشها، والأمر الأخير هو تطهير التربية من الفساد والمحسوبية وتفريغ بعض المدرسين".

م. عوض محمد
م. عوض محمد
م. النفطي المتقاعد، عوض محمد علي سميح، المهتم بقضايا التعليم أفاد بإجابته قائلاً: "إن تلبية متطلبات العملية التربوية لا تتأتى إلا بوجود نظم وقوانين يتحمل مسئولية تنفيذها دولة مدنية بعيده عن التجاذبات السياسية.

مؤتمر تربوي لإنقاذ التعليم
تنوعت آراء الناس، وكلها كانت تصب في جانب مهم جداً وهو شعور الجميع بهذه الأزمة التي ألحقت الضرر بالعملية التعليمية، وأن الحلول والمعالجات لا يمكن أن تنحصر في جهة معينة فقط حكومية كانت، أو شعبية على الإطلاق.
إن قضية توقف العملية التعليمية وانقطاعها بين الحين والآخر بحاجة إلى عقد اجتماعي، ووثيقة مجتمعية توقع عليها كل المكونات والتكتلات الفاعلة في عدن، والدعوة إلى عقد مؤتمر تربوي في عدن ضرورة ملحة في هذه الفترة، تشارك فيه السلطة المحلية والتربية والتعليم والنقابات التعليمية وكل فئات المجتمع، ويتم عرض قضية أزمة التعليم وتدارس الأسباب، والبحث عن المعالجات للخروج بعقد اجتماعي يحمي العملية التعليمية، وينتزع حقوق العاملين بساحتها وإعادة الوجه الحقيقي للتعليم في عدن كما كان في السابق بجهود كل الخيرين من أبناء المدينة الخالدة عدن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى