في الذكرى الثامنة لرحيله.. محمد مرشد ناجي موسوعة الفن والغناء اليمني

> سعاد العلس

> ثمة أرواح وإن غابت عنا يظل شعاعها ممتداً فينا يرسم ملامح زمن مختلج بكل صنوف الجمال.

لأكتب عنه أحتاج إلى أزميل ينحت في جدار اللغة، أحتاج لاستعارة كلمات من زمن الدفء والإبداع، زمن جزائره الخضراء تتبدى حاضرة في ألحانه وأغانيه وكلماته، ذاك الزمن الذي شهد أجمل اختلاف مؤتلف لمناطق عدن فكان رافداً للإبداع حين تحزّب سكان الشيخ عثمان لتشجيع المرشدي بموازاة مشجعي الفنان العملاق أحمد قاسم من كريتر وبقية المناطق، ذلك التنافس الذي أسفر عن رائعة ما زالت كلماتها وألحانها تدندن في أسماعنا، اليوم ونحن نتكئ وقت العطر والدفء. كم وقعنا في مأزق الحيرة ونحن نفاضل إلى أيهم نميل؟ والذائقة حيرى والعاطفة ملتهبة للانحياز تشعل ثورة فنية ظلّت هامدة تحت رماد ماض لم تفلح دمعة الحاضر في إطفائها.

تخاله مولوداً وبيده ريشة وعود، إن غنّى أطرب وإن قال أبدع، لكن الكتابة عنه ورطة حين تشهر اللغة عجزها عن الفوز بمفردة تهتك بلاهة العبارة حين تصاب بالوجوم.

أحتاج إلى منجل يثقب في صدر الأيام نستحلب منه عطر بوح الورد للفل في مساجلته الشهيرة "أغنية الفل والورد" تتسرب من أزقة النفس تعبث باختلاجات الجوانح كما شاءت لها الذكريات، الورد الذي زرعناه قد تصوّح وأدمانا أبو علي، ذبل الورد وصمت البوح يا سيد الطرب اليمني، وما بقي سوى رسم زمن سكن جدار العين، وأغنية تتعلق بأستار الذائقة:

"في بساتين في الجنة فسيــحة وحيطان"

نور ربي عــــــــــطاني

كل عاشق من البصـرة شراني بحمران

في مرش الصــــــياني

وانت يا ورد أحمر ليس في الحمر إحسان

خلي عنــــــــــك التماني

شوف انا مكتسي طـــول الزمن وانت عريان

فوقك الشـوك باني.

والشعب الذي غنيته حماساً وثورة:

أنا الشعب

على قبضةِ إصراري

سيفنى كلُّ جبار

ولن يقهر تياري

أنا النصرُ لأحراري

قد سقط عمداً وكلما سقط نهض من كبوته وانتشت في دمائه صرختك:

يا بلادي كلما أبصرت شمسان الأبي

شاهقاً في كبرياءٍ حرة لم تغلب

صحت يا للمجد في أسمى معاني الرتب

أبا علي.. استطال الدرب ونفد الصبر، والفجر الذي نرقبه غادرتنا سفنه إلى مرافئ الماضي ولوحّت بالوداع أشرعتها:

بكرت غبش

عاد الصباح ما حنش

قدام ضباب

نصف الطريق ما بنش

ومازلنا نطالع السماء ننتظر كرم غيمة تعيد للحياة اخضرارها وما برحنا نأمل بلحظة منتزعة من إضبارة الماضي، نرقب صباحك الموعود أبا علي:

شوق الصباح إشراقته شجونك

يمحي الغسق يمحي الضباب حنينك

تاج النهار ويعكسه جبينك

إلهام أحلامي بريق عيونك

بيْد أن الحلم صار على رصيف الإهمال ملقى، يهتف بهسيس الكلمات:

أنا الماضي.. تيقظتُ أرى مصرع آلامي

أنا الحاضر، أحلامي على مفرق أيامي

أنا المستقبلُ الزاحفُ في أرضي

أنا الشعب

هذا الشعب قد أصبح بين قوسَيْ (عين تدمع ونفس تتأوه) يتيقظ فقط على ذاكرة تختال بين أنس وطرب هي إرثنا من تلك السنين.

أبو علي الراحل عنّا المتخلّق فينا ثمة تاريخ لا يغفو أبداً كنت أنت أهم فصوله في "زمن الفن والطرب".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى