مراقبون: معركة مأرب تشكل حاجزا أمام سعي أمريكا لإحياء عملية السلام

> باريس «الأيام» مونت كارلو/أ ف ب

> يدفع انخراط الولايات المتحدة في عملية إنهاء الصراع الطويل في اليمن إلى تنشيط عملية السلام، لكن القتال العنيف في شمال البلاد حول مدينة مأرب الإستراتيجية أقام حاجزا جديدا، على ما يرى مراقبون.

وبعد ست سنوات من القتال المتواصل، يبدو أن النزاع الذي أدى إلى دمار هائل في اليمن، قد بلغ نقطة التحول في الوقت الذي حذرت فيه الأمم المتحدة من أن البلاد قد تشهد مجاعة واسعة النطاق في أي لحظة.

وقد سحبت الولايات المتحدة دعمها لعمليات التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، بينما تقول مصادر مطلعة: إن مبعوثها الجديد لليمن تيم ليندركينج التقى وجهاً لوجه مع المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران.

ومع تسلم جو بايدن الرئاسة في يناير الماضي، بدأت الإدارة الجديدة بإلقاء ثقلها الدبلوماسي خلف مبعوث الأمم المتحدة لليمن مارتن جريفيثس الذي تتمثل مهمته المعقدة في دفع الجانبين للجلوس على طاولة المفاوضات.

ويأتي ذلك بوقت تتعرض فيه السعودية إلى ضغوط لإيجاد طريقة للخروج من المستنقع الذي غرقت فيه مع تدخلها على رأس التحالف لدعم الحكومة في مارس 2015، وسط تدقيق في سجلها الحقوقي من قبل إدارة بايدن.

وصرح مسؤول غربي مقيم في الخليج لوكالة فرانس برس إن "ليندركينج يقوم بجولات في المنطقة ويتواصل مع أطراف النزاع".

وأضاف أن "الانخراط الأميركي يجلب زخما جديدا لإنهاء حالة الجمود. أصبح الدعم لجريفيثس أقوى من أي وقت مضى".

ورغم التفاؤل، تلقّى ليندركينج ردا باردا على خطّته لإحياء عملية السلام، وقال مصدر مطّلع على جهود الأمم المتحدة في اليمن: إن المبادرة معلّقة فعليا حتى تنتهي المعركة المحتدمة خارج مدينة مأرب.

ويلقي الحوثيون بكل ما لديهم في القتال من أجل اقتحام عاصمة المحافظة الغنية بالنفط، ويتكبّدون خسائر فادحة وهو ثمن يرون أنه يستحق دفعه في مقابل آخر معقل في الشمال لا يزال في أيدي الحكومة.

ومن شأن الاستيلاء على المدينة أن يمنح المتمردين مصدر دخل، بالإضافة إلى موقع أقوى على طاولة المفاوضات، أو حتى أن يشجّعهم على محاولة التقدم نحو قضم المزيد من الأراضي.

وقال المصدر المطّلع على جهود الأمم المتحدة: إنّ المعركة "تعيق بدء المفاوضات، لأن الحوثيين يريدون معرفة المدى الذي يمكنهم الذهاب إليه".

وفي أعقاب جولته، أكّد ليندركينج أنّه سيعود إلى المنطقة عندما "يكون الحوثيون مستعدين للتحدث".

وأوضح في جلسة حوارية الجمعة الفائتة بعد رحلة استغرقت 17 يوما إلى الخليج "لدينا الآن خطة سليمة لوقف إطلاق النار على مستوى البلاد مع عناصر من شأنها أن تعالج على الفور الوضع الإنساني المزري في اليمن وبشكل مباشر".

وتابع "هذه الخطة معروضة على قيادة الحوثيين منذ عدة أيام"، لكن المتمردين "يبدو أنّهم يعطون الأولوية للحملة عسكرية للسيطرة على مأرب، وهذا أمر مؤسف ولا أفهمه".

ورفض كبير مفاوضي الحوثيين محمد عبد السلام، الذي قال مصدر مطلع: إنه التقى ليندركينج في عمّان التي تعتبر محطة محايدة، خطّة المبعوث الجمعة الماضية، ووصفها بأنّها لا تحتوي على "أي جديد".

لكن الصحافي الذي أجرى مقابلة معه على قناة "المسيرة" التابعة للحوثيين، أصدر في وقت لاحق "توضيحاً" عبر "تويتر" قال فيه: إنّ عبد السلام "لم يُعلن رفض صنعاء للحوار الذي ترعاه سلطنة عمان، بل طرح ملاحظات على خطة كينج في شكلها الحالي لا النهائي، وأكد أن النقاش حولها لا يزال مستمراً وقائماً".

ويقول مراقبون: إن الانخراط الأميركي يوفّر فرصة نادرة لحل سياسي هو السبيل الوحيد للخروج من الكارثة التي حلت باليمن، أفقر دولة في العالم العربي.

والوضع في البلاد أكثر تعقيداً مما كان عليه الحال عندما طرد الحوثيون حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي من صنعاء قبل حوالي ست سنوات.

ومنذ ذلك الحين، تفتّت البلاد حيث تقاتل الحكومة الانفصاليين الجنوبيين في صراع أُطلق عليه "حرب أهلية داخل حرب أهلية"، إلى جانب صعود الجماعات المتشددة وتبدّل أدوار القبائل اليمنية النافذة.

وتاريخ اليمن الحديث زاخر بالتدخلات الدبلوماسية الفاشلة، فيما أن الحكومة المعترف بها والتي يقيم غالبية أعضاؤها في الرياض، ضعيفة للغاية.

لكن المصدر المطّلع على جهود الأمم المتحدة وصفها بأنها "فترة مفعمة بالأمل للغاية، على الرغم من الخلفية الدراماتيكية لما يحدث في الصراع".

وفي حين أنه من السابق لأوانه تحديد ما إذا كان قد تم إحراز تقدم أم لا، فقد كانت هناك "الكثير من المناقشات المكثفة حقاً، وهذا أمر جيد دائماً".

وذكر المصدر أن الهدف هو أن يتبع وقف إطلاق النار إجراءات لفتح مطار صنعاء وتخفيف القيود على ميناء الحديدة، الممر الرئيسي للمساعدات، ثم الاستئناف السريع لمحادثات السلام.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى