استشراف أفاق الصراع في اليمن والجنوب

> هناك تقنية تسمى تقنية التحليل المورفولوجي، وهي المحددة للشأن اليمني، فمشكلة اليمن وأزماتها تفجرت بعد أزمة انقلاب جماعة أنصار الله، التي كانت أساس لأزمة سياسية عميقة بين حزب التجمع اليمني للإصلاح وشركائه، وحزب المؤتمر الشعبي العام وحلفائه لتتطور فيما بعد إلى صراع عسكري يتأثر بالتدخلات الإقليمية، وقرارات ومخرجات دولية، وهناك أرث جيوسياسي لهذا الصراع ورث منذ أن اتفق حلفاء الشمال اليمني سابقًا أي المؤتمر والإصلاحي على إقصاء الحزب الاشتراكي من الشراكة في دولة الوحدة، الذي كان الممثل الحصري للجنوب يومها، وبالفعل لدينا اليوم خلطة سياسية من مؤتمر جنوبي، ومؤتمر شمالي، وإصلاح جنوبي، وإصلاح شمالي، وهي المحدد للأجندات السياسية، بينما المكونات الجديدة التي طفت على السطح قد تعد رقمًا صعبًا بقدر ما تحدث من تأثير يرجح كفة ميزان على أخرى أو حضورها ومقدار الترحيب الشعبي بها.

بناء التحليل المورفولوجي لا توجد آليات لفضِّ النزاع في اليمن بقدر ما توجد منافسة مستعرة على توسعة النفوذ الإقليمي، فمبادرة الحل أي كانت وأي كان يقف خلفها تواجه تعقيدات مستقبلية، وليس كما يتوهم البعض حلول ناجعة قد تصطدم بتعقيدات آنية بيد أن

معادلة التحليل المورفولوجي تتحدث عن معادلة الأرض والنفط والسلاح والإنسان في الشمال اليمني وجنوبه، سنجد ما وراء التحليل المورفولوجي لابد أن يقتصر حديثه عن البعد الجيوسياسي للصراع، الذي لا يفطن لكواليسه كم هائل من المحللين المهتمين بالشأن اليمني، أي أن اللاعب الرئيس والمؤجج للصراع ما يزال مستعر وهو ذاته الذي يدار الصراع الإقليمي الذي حوكم اليمن بشمالها وجنوبها ومازالت تنضوي تحته.

الأفق المستقبلي يتحدث بأن المبادرة السعودية لن تقبل من جماعة أنصار الله، ولا أنصار بصدد القبول لها بقدر ما تعد مخدر موضعي لما وراء النفوذ الإقليمي، وهو البعد الجيوسياسي للصراع، والمتحكم به ما هو أكبر من إيران ووكلائها أو المملكة العربية السعودية وحلفائها.

من يدير البعد الجيوسياسي سبق وضع عنوان عريض لليمنيين يسمى الفرصة للجميع، أي تشجيع السلام والنمو والشمول للجميع بما يراه هذا البعد ومدير الملف اليمني من وراء الكواليس يقف خلف مكتبه وواضع ساق على ساق وينفث دخان سيجارته الكابواي الأمريكي الأصيل ويتباحث من فوق طاولته، ويجري مخابرته الهاتفية بناء صراع القوى الكبرى والشراكة في الشرق الأوسط.

لن أطيل الحديث، بل أقدم الزبدة هنا عبر هذا التحليل الاستراتيجي لينشر كمقال رأي، وعبر منبر صحيفة "الأيام" وكما يقال والأيام بيننا بأن توجهات مستقبل اليمن والجنوب سينتهي مآلاتها على النحو التالي:
١. إعادة تشكيل مصبات النفط فعلى سبيل المثال فبدل أن يصب من مأرب نحو الحديدة ستحل مصبات شبوة بديلا، وقس ذلك إقليميًا في محافظة المهرة.

٢. انخراط عسكري دولي لتأمين الشريط الساحلي اليمني والجنوبي وملحقاتهما في باب المندب لفرض مناطق آمنة بالقوة ولتأمين الملاحة الدولية وخصوصًا من قبل الصين.
٣. الصراعات الداخلية ستنتقل إلى مناطق جماعة أنصار الله بفعل خسارتهم لإدارة المواني النفطية وغير النفطية فضلًا عن منابع النفط ومصباته.

٤. من المرجح تصاعد آليات الحكم الذاتي في إطار دولة جامعة صورية، وفي المقابل قد تنخفض حدة غياب الأمن والاستقرار وتردي الأوضاع الاقتصادية .
المستقبل يتحدث عن أزمة وطن خطيرة، ويجب تضافر الجهود للنهوض من الواقع المؤلم، وخصوصًا الركود الاقتصادي كي يقضي على الفقر والبطالة والتخلف وجميع المشاكل الاقتصادية، وانعكاساتها على المجتمع اليمني، وهذا يتطلب عدم الاعتماد على النفط والمساعدات الخارجية.

الأهم من كل هذا هو تقليص الاعتماد على النفط، وخلق دور فعلي للقطاع الخاص في النشاط الاقتصادي؛ إذ يجب أن تبدأ الحكومة بالقول إنها تريد أن ترى في نهاية السنوات الخمس، ارتفاع مساهمة القطاع الخاص الوطني والعربي والأجنبي في إجمالي استثمارات خطتها، وتحدد القطاعات التي تريد أن تتوجه إليها الاستثمارات العربية والأجنبية، ثم تحديد المعوقات التي تقف في وجه رفع هذه المساهمة، وأهمها الأمن والفساد اللذان يعوقان الاستثمارات الأجنبية في اليمن والجنوب بشكل خاص .

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى