أحسنوا المعاملة في شهر الصيام..

> الإنسان كائن خلقه الله تعالى مثله مثل بقية الكائنات، التي خلقها الواحد الأحد الفرد الصمد، والذي لا يخلق شيئًا إلا بحساب، فتجد الكون بشكل عام، كم فيه من مخلوقات، وكيف حركتها، ومميزاتها، وخصوصياتها، فلا أحد يعلم عنها شيء، سوى الله سبحانه وتعالى فهو خالقها.

فالمولى عزّ وجل، كرَّم الإنسان دون بقية المخلوقات، وجعله يتعلم، ويتكلَّم، ويفكر، ويبدع، ويتميَّز عن بقية المخلوقات، فهو يصنع، ويطور، ويبحث، ويحلل كل شيء، فالإنسان مهما اختلفت ديانته، إلا أن الله تعالى قال في محكم تنزيله يقول: ( يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ فَانْفُذُوا )، وهذه الآية الكريمة تؤكد بأن الله تعالى اصطفى الإنسان، فإذا أراد أن يعمل شيئًا، فعليه أن يكون لديه العلم، والدراية، والبيِّنة الكاملة، قبل أن يتحرك بأي عمل يريد أن يعمله؛ لأن الله تعالى ميَّزه عن بقية مخلوقاته بالعقل، وجعل له صلة تواصل بينه وبين خالقه، من خلال عدة عبادات.

فالإنسان هو الكائن الوحيد الذي حمل الأمانة عند عرضها عليه، بعد أن أبت السموات والأرض والجبال من حملها، وأشفقن منها، إنه كان ظلومًا جهولًا، بسبب ارتباطه بالله عزّ وجل، حيث عرض الله تعالى طاعته، وفرائضه وحدوده على السموات، والأرض، والجبال، على أنها إن أحسنت أثيبت، وأجرت، وإن ضيعت عوقبت، فأبت حملها إشفاقًا منها أن لا تقوم بالواجب عليها، وحملها الإنسان إنه كان ظلومًا جهولًا، وعلى الرغم من ضعفه، إلا من وفقه اللَّهُ، فهو يدرك بأن التزامه بكتاب الله وسنة نبيه، لن تجعله يشعر بالضعف، لكنه سيزداد قوة؛ لأن لديه عقل يفكر، وصلته بالله تعالى لا تنقطع.

ومن هذه الصلات التي تربط الإنسان بخالق الكون، الصلاة، والزكاة، والصيام، وطالما نحن بشهر الخير، والبركة، والغفران، شهر الرحمة، والمغفرة، والعتق من النار، فإننا نريد أن يكون صيامنا مميز، وليس عن الأكل والشرب فقط؛ بل نريده أن يكون في فعل الأعمال الصالحة، وقول الكلمات الطيبة، والوفاء بالعهد، والالتزام بالعبادات، والتعاون، والتكاتف بنيات صادقة، لعمل الخير، والسعي بالمعروف، وليس في الصيام عن الأكل والشرب، فهذا يقوم به من هم ليسوا موحدين بالله تعالى، فتجدهم أيضًا لا يأكلون، ولا يشربون، ولكنهم ليسوا صائمين لوجهه تعالى، وتجد أعمالهم، وتصرفاتهم، وصدقهم، وكأنهم هم الموحدون لله.

لذا علينا كأمة مسلمة أن نلتزم بتعاليم الإسلام كما وردت في كتاب الله تعالى "القرآن الكريم"، وكذلك بسنة رسولنا ﷺ، في تصرفاتنا، وتعاملنا في أثناء الصيام، "ولا نقول سامحنا شوف الصيام ضحك علي"، بسبب ما نعمله، ونتصرف من تصرفات خاطئة، لا يقبلها أحد، أو تصدر منّا كلمات جارحة، وخادشة للحياء في شهر القرآن، لنضبط سلوكنا، ونقوي عزيمتنا، خلال هذا الشهر الفضيل، الذي لن نخرج منه بخفي حُنين؛ بل أننا سنخرج منه إن شاء الله، برحمة، ومغفرة، وعتق من النار، إن التزمنا بتعاليم ديننا، خلال هذا الشهر الفضيل، ولتكن معاملتنا، وكلماتنا هي من تؤكد على صيامنا، وليس الانقطاع عن الأكل والشرب.

فهل سينتصر سلوكنا الديني، على سلوكنا الدنيوي؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى