من علماء المسلمين.. المراكشي

> هو محمد بن عثمان الأزدي، يُكنى بأبي عثمان، يُلقّب بابن البناء المراكشي، كان طبيبا وعالما رياضيا وفلكيا عربيا مسلما، قدم عددا من الإسهامات والإنجازات، التي كان لها دور واضح في تقدّم وازدهار الدولة العربية والإسلامية، إلى جانب دورها في زيادة مكانته وقيمته العلمية والثقافية. وقد عُرف عنه أنّه كان واحداً من أكثر العلماء علما ومعرفةً، أمّا السبب وراء تسميّته بابن البناء فقد يعود إلى جده الذي اشتهر في تلك الأوقات بمهنة البناء.

كان ابن البناء المراكشي من مواليد مدينة مراكش في المغرب، التي عاش فيها مُعظم حياته، كما أنّ أولى دراساته وأبحاثه كانت في مسقط رأسه في مراكش؛ وهذا هو سبب تسميته بالمراكشي، حيث ولد في حوالي عام"654″ للهجرة الموافق"1256" للميلاد، وكان ينتمي لواحدة من الأسر المعروفة التي اشتهرت بعلمها ومعرفتها؛ الأمر الذي جعله يبدأ تعليمه ودراساته في سنٍ مبكرة.

قضى أغلب فترات حياته في مسقط رأسه في مراكش، ولذا نسب إليها، وبها درس النحو والحديث والفقه، ثم ذهب إلى فاس، ودرس الطب والفلك والرياضيات.
وكان من أساتذته ابن مخلوف السجلماسي الفلكي، وابن حجلة الرياضي. وقد حظي ابن البناء بتقدير ملوك الدولة المرينية في المغرب الذين استقدموه إلى فاس مرارا. وتوفي في مدينة مراكش عام 721هـ/ 1321م.
صورة فضائية لفوهة المراكشي على سطح القمر
صورة فضائية لفوهة المراكشي على سطح القمر

تمكّن ابن البناء المراكشي من تحقيق نجاحاتٍ باهرة في كل ما توصّل إليه من علومٍ ومعارف؛ إذ ركّز في أبحاثه ودراساته بشكلٍ خاص على علوم الرياضيات والفلك والطب، فبرع في تلك العلوم بشكلٍ جعل منه واحدا من أهم الأساتذة والعلماء الذين بزغوا في ذلك الزمان، إلى جانب ذلك، كانت له اهتماماتٍ وميول في علوم أخرى كالتنجيم والفلك والعلوم الخفية، إضافةً إلى اهتماماته في علوم النحو والفقه والحديث، وغيرها عدد من العلوم التي كان قد برع فيها.

حظي ابن البناء المراكشي بمكانةٍ علميةٍ وعملية كبير في نفوس كل من عاصره من حكّام وملوك وأمراء؛ الأمر الذي جعله يحصل على العديد من المُكافئات والجوائز، إلى جانب أنّها زادت من مكانته وقيمته وشهرته، فقد حظي بالتحديد بتقديراتٍ جمة من أشهر ملوك مدينة المغرب.
فقد اكسبه اشتغاله بالرياضيات شهرة عظيمة بين معاصريه، فنال الحظوة في بلاط دولة بني مرين في فاس، فكانوا يستدعونه لإلقاء دروس الحساب والهندسة والجبر. واشتهر بالاعتماد على الأرقام الهندية والأرقام الغبارية، واشتهر بالجوانب التطبيقية في علم الحساب والموسيقي.

تلقّى ابن البناء علومه ومعارفه في كل من مدينتي مراكش وفاس، حيث التقى بعددٍ كبير من أشهر وأفضل علماء وشيوخ ذلك الزمان، وأخذ عنهم عددا من علومهم ومعارفهم، وكان أبو اسحاق الصنهاجي وأبو بكر الفلوسي وأبو موسى الشرناتي من أشهر العلماء الذين أخذ عنهم علوم اللغة والشريعة والفقه. أمّا علوم الرياضيات فقد تعلّمها على يد العالم "ابن حجلة".

وكان ابن البناء المراكشي يُقيم عددا من المُحاضرات والندوات، التي كان يحضرها عدد من كبار الشيوخ والعلماء والأدباء الذين بزغوا في زمانه، والتي كان يتناول فيها الحديث عن أهم العلوم والمعارف التي كان قد توصل إليها؛ الأمر الذي جعل العديد ممن يحضرون تلك المحاضرات يتتلمذون على يده.
تمكّن ابن البناء من تقديم نجاحاتٍ عظيمة بشكلٍ خاص في علوم الرياضيات ومجالاتها؛ الأمر الذي جعله يحظى بشهرةٍ ومكانةٍ عظيمة في مدينة فاس، إلى جانب شهرته التي كانت قد وصلت إلى جميع أنحاء العالم، إذ عُرف عنه أنّه كان كثير السفر والتنقل والترحال، ويُقال إنّه جاب مُعظم مناطق ودول العالم طلباً للعلم.

تولّى المراكشي العديد من المهام والمناصب التي كان لها دور كبير في تقدّمه وازدهاره، وبذل جهوداً كبيرة في سبيل إيصال علمه ومعرفته، ومن أهم المهام التي كانت قد وكّلت إليه مهنة التدريس في شتى علوم الرياضيات ومجالاتها، خاصةً علوم الحساب والهندسة الجبر؛ وذلك لتفوقه في تلك العلوم على من سبقه من علماء.
تمكّن ابن البناء من تحقيق العديد الاكتشافات في علوم الرياضيات والحساب، ويُعتبر واحداً من أهم العلماء الذين اعتمدوا في تجاربهم ودراساتهم على مبدأ التجربة والتطبيق، وكان قد اشتهر في اعتماده على الأرقام الهندية والأرقام العربية لإتمام أبحاثه.

تمكّن ابن البناء المراكشي من تقديم عدد من التوضيحات والشروح المُفصلة لجميع النظريات والقواعد الصعبة والمُستعصية التي كان قد قدّمها من سبقه من علماء. كان ابن البناء المراكشي من أوائل العلماء الذين اهتموا بدراسة كل ما يتعلّق بالكسور وعملياتها. وقد كان من إسهامات ابن البناء المراكشي في علوم الرياضيات أنّه وضع عددا من القواعد التي اختصت بجمع مربعات الأعداد ومُكعباتها، وكان ابن البناء المراكشي أول من استخدم قاعدة الخطأين لحل جميع المُعادلات التي تأتي من الدرجة الأولى، إلى جانب نجاحه في حل كثير من العمليات الحسابية. كان ابن البناء المراكشي واحداً من العلماء الذين قاموا بإضافة بعض التعديلات والتغيرات على طريقة الخطأ الواحد، التي وضع لها قانوناً خاصاً بها.

ترك لنا ابن البناء كثيرا من المؤلفات، بلغ عددها اثنين وثمانين مؤلفا، كان أكثرها في علم الحساب والرياضيات والهندسة والجبر والفلك والتنجيم، ضاع أغلبها ولم يبق إلا القليل منها، وأشهرها:

• كتاب تلخيص أعمال الحساب: يعتبره «سمث» و«سارطون» أنه من أحسن الكتب التي ظهرت في الحساب. وقد ظل الغربيون يعملون به إلى نهاية القرن السادس عشر للميلاد، وكتب كثير من علماء الإسلام شروحا له، واقتبس منه علماء الغرب، كما اهتم به علماء القرنين التاسع عشر والعشرين. وقد ترجم إلى الفرنسية عام 1864م على يد مار Marre، ونشرت ترجمته في روما. وقد أعاد ترجمته إلى الفرنسية الدكتور محمد سويسي، ثم نشر النص والترجمة مع تقديم وتحقيق سنة 1969.

• مقالات في الحساب، وهو بحث في الأعداد الصحيحة والكسور والجذور والتناسب.

• الأصول والمقدمات في الجبر والمقابلة.

• كتاب الفصول في الفرائض.

• رسالة في المساحات.

• كتاب الأسطرلاب واستعماله.

• كتاب اليسارة في تقويم الكواكب السيارة.

• منهاج الطالب في تعديل الكواكب، وقد حقق المستشرق الإسباني فيرنه خينس مقدمة الكتاب وبعض فصوله وترجمها إلى الإسبانية سنة 1952.

• كتاب أحكام النجوم.

• رسالة في الجذور الصم وجمعها وطرحها.

• قياس السطوح.

• مدخل إلي إقليدس.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى