اللا دولة

> عمود الدولة الفقري هي الحكومة، ودولتنا التي على الخريطة بلا عمود فقري، وهي تنهار بجسدها وتلقي به إلى القبار فيواريها الثرى.
والحكومة التي تتلقى المليارات من المانحين حريصة كل الحرص على إغلاق ائتمان (صناديقها) المختلفة والمتعددة، لتديرها وقت ما تشاء في المكان الذي يذيق شعبها ويلات الحروب والازمات المتلاحقة، لكي لا يجد فرصة للبحث له عن بصيص أمل في سبيل (حياة كريمة).

قلنا وكتبنا قبل ذلك على صحيفة "الأيام" العدنية: إن حكومة (المُنا.. صِفَة) هي حكومة وقيعة ليس لها من غرضٍ سوى تعطيل إدارة الدولة، لتجعل منها (لا دولة) انطلاقاً من المناطق المحررة تحت بصر وسمع (التحالف العربي)، لكن هل التحالف العربي هو من نلقي عليه باللائمة دون المحاسبة لدور الحكومة (كمدير تنفيذي) وواجهة لمنظمة الشرعية، والحقيقة الماثلة للجميع أن لدينا حكومة (رخوة) غير قابلة وغير قادرة على الوقوف مرة أخرى. حكومة معلّبة في تفكيرها كمن يقول مثلاً "إن المجانين يندفعون حيث تخشى الملائكة أن تضع أرجلها"، فحين يتصل الأمر بموضوع يصعب حتى على الاختصاصي شرحه في كلمات قليلة، فتجده يندفع إلى القول: "المسألة بسيطة جداً.. إنها تتخلص في هذه الكلمات".

فإذا ما قلنا: إن النظام له محاسنه، لكنه ينطوي في الوقت نفسه على بعض المساوئ، وسيهز الآخرون أكتافهم ويقولون لنا: إننا لا نعرف ماذا نريد؟، وهذا شكل آخر من أشكال تحويل الانتباه عن الموضوع الحقيقي الذي يقوم على أساس المغالطة المنطقية الصريحة، ولعلنا نعرف قصة ذلك القاضي الذي أقيمت على شرفه حفلة تكريم بمناسبة اعتزاله الخدمة، فكان مما قاله في كلمة الشكر التي رد بها على كلمات المحتفين به: إنه كان "يسعى دائماً إلى إقامة العدل من غير أن ينحرف إلى التحيز من ناحية، أو التجرد من ناحية أخرى"، والحق أن قاضينا هذا إنما خرج في كلامه عن أبسط قواعد المنطق، فليس من منزلة وسطى بين المتناقضات، وهكذا فليس ثمة منزلة وسطى بين التحيز وعدم التحيز.

كذلك يحاول الحزبيون المتحمسون أن يقنعوك بأن سياسة حزبهم وسياسة خصومهم متناقضة بكل ما في الكلمة من معنى، وأن إحداهما عكس الأخرى بالكلية، وهم حين يخيرونك بينهما لا يغفلون عن النص، على أن حزبهم يمثل جميع الأشياء المستحبة في حين أن الحزب المنافس يمثل جميع الأشياء المستهجنة.

والواقع أن عجز الناس عن الوصول إلى تفاهم متبادل كثيراً ما يكون ناشئاً عن أنهم يؤولون الكلمة الواحدة تأويلات مختلفة، أو يصطنعون كلمات مختلفة للمعنى الواحد، وإذا كان للناس أن يتعاونوا على العيش والعمل بسلام، وإذا كان للمنازعات أن تحل من غير اللجوء إلى العنف، وإذا كان لمناقشة المشكلات أن تؤدي إلى نتائج مثمرة، فعندئذٍ يتعين على الفرقاء المعنيين بالأمر أن (يتكلموا باللغة نفسها)، أي عليهم أن يسموا الشيء الواحد باسم واحد، والحق أن الخلاف كثيراً ما يحل حال ما يتفق الفرقاء المتنازعون على تحديد بعض التعابير والمصطلحات.

أخيراً: "التعصب هو ذلك الشخص الذي لا يفكّر، ومجنون هو ذلك الذي لا يستطيع أن يفكر، أما الذي لا يجرؤ على التفكير فلا شكٍ في أنه عبد من العبيد". سير وليم درموند

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى