"الأيَّام"

> يختار البعض منّا القيام بهجمة مرتدة، ولا أعلم هل من باب الدراما الرمضانية التي تعرض مسلسلاتها، أم من باب كما قيل (بيع الوهم). التجاوزات غير المدروسة أو اللا واعية، أو النفس الذي ينفخ في وجه كل صاحب رأي حر ومستقل يمارس المهنة الصحفية بإتقان وخبرة مدروسة وليست هلامية، والدولة الموعودة التي تخرج تصريحاتها بين الفينة والأخرى، وتريد أن توضح للآخرين أنهم بدأوا باتخاذ خطوات عملية أول ما تمثلت (بقمع الحرية الصحافية)، وهي بوادر قمع دفين متأصل منذ عهود مضت، وجب عليهم نسيانه عندما جاؤوا. (الاعتراف) بالحق اسمه (الأيّام) والاعتراف كلمة (تقرير قانونية) وهو سيد الأدلة، ولو كان للمتهم حق الرجوع عن إقراره فعندها يقع عليه (عبء الإثبات) من ناحية قانون الإجراءات، وعلى صاحب الدعوى إثبات دعواه، لكننا هنا أن نعني بالاعتراف هو ذلك الذي ينطوي على (حقّ) الآخرين بوجودهم ودورهم، وما يقدمونه عبر السنين ومحاولات (الالتفاف) على ذلك الحق هو من قبيل النكران ليس إلا. صحيفة "الأيام" كأنموذج حقيقي وكمؤسسة إعلامية مقروءة (عدنية المنشأ) مستقلة صنعت كلماتها نهج نضال لا يمكن لأحد نكرانه أو الاستهانة به، وبوقت غابت فيه العديد من القيادات الجنوبية عن الساحة وخُلقت قيادات أخرى، ولولا أصداء تلك الكلمات لما تعرضت "الأيام" وناشروها ومن معهم في ذلك اليوم للحصار والهجوم القمعي والمحاكمة الجائرة، فقط لأنها قالت: (إن الجنوب لأهله).

نعم.. لقد كُنا هناك من قبل ولم نكن نحمل أسلحة لنناضل فقط. أقلامنا وكلماتنا وأقلام آبائنا أصحاب الكلمة المجلجلة التي صدمت في وجه الظلم والجبروت العفاشي، ولم نكن إلا (وحدنا) أمام هذا الصلف والعتو في ليلة دامية شهدتها عدن بأكملها تهجمت فيها القوة العسكرية على مبنى مدني ومؤسسة صحفية اسمها "الأيام")، حتى منذ سنوات الحرب الأولى ما بعد عام 1994م التي شنت على أرض الجنوب كانت الكلمة التي تحملها "الأيام"، وغيرها من الرعيل الفعلي والحامل للقضية الجنوبية (كانوا بلا سلاح).

اليوم للأسف يتم القفز على كل ذلك باسم الجنوب، فشتان بين نضال وآخر، حتى أننا أصبحنا ننسب أسماء (الشهداء) لغيرنا، وما حدث لهم من غدر فيعمد على طمس وتغيير هذا التاريخ عن قصد. التواتر القمعي ما زال كامناً في بعض النفوس، وإذا ما تمكنت تلك النفوس من السيطرة على الجنوب بتلك العقلية فلا خير فيها والقادم أسوأ.

القضية أيها الإخوة أكبر من معالجة درامية في مسلسل، بل هي سياق تاريخي يجب الاعتراف به لأصحابه، وهم أصحاب الفضل في وضع اللبنات الأولى لهذا الحراك في الجنوب، فلا تبخسوا الناس هذا الحق، ولا تجعلوا من ردود أفعالكم مجرد نزوة سياسية. استمعوا للآخرين من أبناء هذا الجنوب، أو على الأقل كما كانت البداية في التصريحات (الجنوب ملك للجميع من أبنائه)، ودمتم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى