وتستمر الطرقات بحكايتها القديمة

> كلما تأتي حكومة تلو حكومة، ونحن نتأمل منها الأمل والخير، نقول لعل وعسى، فالذي لا يزال في الحكومة، سواء بنفس وزارته أو نقل لوزارة أخرى، نقول لربما أنه سجد سجدة الشكر لله، بأنه لم يتم وضعه على الرف، وعليه عمل أشعة مقطعية دقيقة عمّا قام به من أعمال ومنجزات خدمت المواطن والوطن بالوزارة السابقة، أما الوزراء الجدد الذين كانوا ينتقدون ويتمنون ويقولون الحلول والمعالجات لأنهم مواطنون مثل بقية أبناء الشعب لاحول لهم ولا قوة فإننا نرى بأن يفعلوا ذاكرتهم القديمة؛ لكي تعمل ليل نهار لأنهم اليوم بأعلى هرم السلطة التنفيذية بالدولة؛ ليتذكروا كلماتهم وانزعاجهم لما كانوا يرون المنغصات اليومية التي عاشوها مع أهلهم وجيرانهم وأصدقائهم.

فمن الطبيعي، أن أي إنسان يعيش في أي منطقة أو محافظة في الوطن سيتنقل بين مديرياتها وأزقتها، ولن يكون ذلك إلا عبر شبكة طرقات، إذا كانت في القرى والأرياف فنقول بأنها ترابية ممسوحة بشكل يسهل مرور السيارات عليها، وإن وجدت بعض الحفر والعوائق فهو طريق ترابي، وفي الريف، لن يكون له الأثر الكبير من الإنتقاد والإنزعاج من قبل سالكي هذا الطريق، لكن أن تكون بطريق سفلت وبالمدينة فهنا الطامة الكبرى التي تتكشف بقدرة الله عزّ وجل، والتي بسببها نسمع دعاء المقاولين والمشرفين على سفلتة الطرقات بأن لا يأتي الله تعالى نعمة المطر علينا؛ لأن قدرة الله تعالى بالمطر تكشف عبثهم ونهبهم لميزانيات المشاريع بعمل لا يكلف ربع الميزانية المعتمدة للمشروع، الذي يكون برداءة المواد المستخدمة، وبقصر فترات العمل بين المرحلة والمرحلة التي تليها، التي يجب أن تكون المرحلة السابقة أخذت وقتها من الدّك والتشبع والمسح الصحيح، وكذلك يجب الاهتمام بالميلان لتسريب المياه إلى المناهل بطرق صحيحة وفتحات مناسبة؛ حتى لا تتجمع المياه ويتآكل السفلت، وكذلك حتى لا تنغلق هذه الفتحات بالأوساخ.

دوما، نعلم بأن خمسين في المائة من نجاح المشروع ليس المهندس ولا المواد المستخدمة ولا معدات وآلات العمل، ولكنها النيات الصالحة والأمانة والصدق في العمل، فإن وجدت لن نجد بشوارعنا تجمعا للمياه، ولنا في شوارع دول أفقر منّا خير دليل، لا تجد لديهم تجمعا للمياه، ولا تجد طرقا مكسرة أو محفّرة بسبب رداءة العمل، ولكن يمكن أن تجد لديهم سيولا جارفة لأن المناهل التي أنشئت ذات سعة معينة للمياه المتدفقة، ومع شدة هطول الأمطار وارتفاع منسوبه، لا تستطيع هذه المناهل استيعابه؛ فيتحول المطر إلى سيول، مع أن المناهل تصرف مياه الأمطار بالنسبة التي لها القدرة عليها. والذي يهمنا هو بعد توقف الأمطار، ستجد أن شوارعهم نشفت وبدأ تنظيفها وكأنه لم يكن شيء.

ونحن ببلدنا لا يمكن أن ننسى الأمطار التي هطلت حتى بعد توقفها بسبب المياه المتجمعة (البرك)، التي تولد البعوض وتأتي بالأمراض، ومنها الاختلط بمياه المجاري، وعندما تجف هذه المياه يبقى المطر بذاكرتنا؛ لظهور حفر جديدة، أما الحفر القديمة فازدادت عمقا وخربت السيارات والباصات، وشكلت الازدحام غير المبرر.

كل ذلك يحدث لعدم الصدق والوفاء للوطن، ليس من المقاول، بل من الوزير والمسؤول والمشرف على المشروع، الذين كان عليهم استلام ثلثي قيمة المشروع بشيك مقبول الدفع، يوضع بالبنك المركزي لعام كامل، فإذا لم تظهر على المشروع أي مشاكل يعاد الشيك وفوقة نسبة عشرة في المائة مكافأة للمقاول، وإن ظهرت المشاكل يتم إعادة إصلاح المكان من هذا الشيك، ولكن من مقاول آخر، ويعاد باقي المبلغ للمقاول الأول بعد خصم عشرة بالمائة.

ونحن يوميا نرى سيارات الدفع الرباعي معكسة تسير بشوارعنا وأمامها وخلفها الأطقم، هل الذين هم بداخلها يرون أو يحسون بهذه الحفر والاختناقات المرورية، أم أنهم مع التكييف يستمتعون بسماع الأغاني، وليس لهم دخل بما هو خارج كبينة السيارة.

والمواطن المغلوب على أمره يبقى سنة بعد سنة وهو يرى طرقاتنا تزداد بها الحفريات، وتغلق بسببها بعض التقاطعات، ورغم أنه شعب مكافح مُحب للحياة لا يتوقف عن السعي خلف لقمة عيشة، ويدعوا الله تعالى، دوما وأبدا، أن يرزقنا الخير والنعم، ومنها نعمة المطر التي يعلم كل العلم بما ستخلفه عليه من أوجاع وآلام مختلفة، ورغم تأكده من أن الطرقات ستستمر في حكايتها القديمة دون حل يذكر لأن النيات الصالحة والأمانة والصدق والإخلاص للوطن لم يظهر.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى