الأكاديمي د. صالح طاهر: ما يحدث باليمن محاولة لتطبيق مشروع الشرق الأوسط الجديد

> «الأيام»غرفة الأخبار:

>
  • حل الأزمة يكمن في 3 منطلقات
قال الدكتور صالح طاهر سعيد، الأكاديمي في جامعة عدن بجنوب اليمن، إن ما يحدث في اليمن هو محاولة لتطبيق مشروع الشرق الأوسط الجديد، الذي بدأ بهدم الهياكل البنيوية الشعوبية والدولية للأمة العربية، والانتقال من بنية قوامها، وإحدى وعشرون دولة، إلى بنية قوامها ما يقرب من ستين دولة محكومة مكوناتها بالتناحر والصراع.

وأضاف صالح، في مقابلة نشرتها صحيفة الفجر المصرية أمس الأول الخميس، أنه في اليمن اختير عنوان الوحدة لتفكيك وإلغاء الدولتين في مايو 1990م، وهذا التاريخ برأيي هو بداية إعادة ترتيب العالم بعد سقوط الاتحاد السوفيتي وانهيار التوازن الدولي، فبخطوة إلغاء الدولتين في اليمن، المسماة خطأ الوحدة، تم الانتقال من حق محدد معترف به للشعبين إلى حالة اللا تحديد، حالة مشاعية عادت بمنطقة جنوب الجزيرة العربية إلى مراحل ما قبل الدولة، والدخول في فوضى الصراعات والحروب التي أريد لها أن تمهد لرسم خارطة سياسية جديدة للمنطقة، والحديث عن اختراع أقاليم وهمية، بعضهم يراها ثلاثة وآخر يراها أربعة وثالث يراها ستة ورابع يراها سبعة، جميعها أرقام وهمية لا صلة لها بحقائق الواقع، أريد إنتاجها من بوابة الصراع والحرب، ولتغذية الصراع جراء إذكاء واستخدام أدوات المذهبية والعرقية والجهوية، وشتى أنواع الأيديولوجيات، وعمل ليس له علاقة بمصالح الشعبين في اليمن، وهدفه التأسيس لتقاسم المصالح والنفوذ بين الأطراف الإقليمية والدولية.

وكشف أن هناك أطرافا حقيقية وأطرافا غير حقيقية، الأطراف الحقيقية هما أطراف الحق الذين يمثلون الواقع الحقيقي، وهما الشعبان في الجنوب والشمال، أو من اختاره أي من الشعبين ليمثله ويعبر عن مصالحه، مثل المجلس الانتقالي الجنوبي الذي تم تفويضه من قبل أوسع قطاعات الشعب في الجنوب ممثلا ومعبرا عن إرادته، وما عداهما أطراف لا تعبر عن واقع وشعبية في كل الجنوب والشمال، مثل الإصلاح الإخواني والحوثيين، وهما يستمدان قوة وجودهما من الدعم الخارجي الإقليمي، التركي للإصلاح والإيراني للحوثيين.

وأشار إلى أن هناك دعم خفي لإذكاء العرقية والعنصرية، وظهور أسماء مريبة، مثل الأحرار السود وكتلة المهمشين (الاخدام) وغير ذلك، فمشروع الشرق الأوسط الجديد يقوم على ضرب العمودين اللذَينِ تقوم عليهما الأمة العربية: العمود الإسلامي والعمود العروبي، فبالصراع المذهبي يتم ضرب وتفكيك العمود الإسلامي، وبالعرقية يتم ضرب العمود العروبي، كالقول كردي، عربي، أمازيغي، الأحرار السود، سني، شيعي، مسيحي، إسلامي ايزيدي، وبلوشي...إلخ من هذه المسميات التي تجمعهم مظلة العروبة والإسلام، والأمة العربية محاطة بأربع قوى إقليمية ايران وتركيا وإسرائيل، وانضمت إليهم أخيرا الحبشة، جميعها طامعة بتوسيع رقعة نفوذها وتقوية اقتصاداتها على حساب الأمة العربية وشعوبها، مما يستوجب صحوة ونهوضا عربيا يرقى إلى مستوى مواجهة هذه التحديات والأخطار المحدقة بالأمة.

وأكد أنه من واقع تقسيم الوظائف بين القوى الإقليمية المحيطة بالأمة العربية يبدو أن وظيفة تركيا وإيران ضرب العمود الإسلامي عن طريق تغذية الصراع المذهبي، فيما تتجه وظيفة إسرائيل والحبشة صوب ضرب العمود العروبي عن طريق تغذية وتفجير الصراعات العرقية، وسيأتي من خارجهم من يعيد رسم الخارطة الجديدة للمنطقة كلها.

دور الأمم المتحدة والمجتمع الدولي باليمن
وحول دور الأمم المتحدة والمجتمع الدولي في الأزمة اليمنية، قال الأكاديمي طاهر: يصعب الفصل بينهما؛ فعلاقتهما علاقة التابع بالمتبوع، فالأمم المتحدة تمثل لحظة المشروعية في النظام الدولي، وتستمد مشروعيتها من التشريع الدولي الذي قامت عليه مؤسسات الشرعية الدولية، المبني على الاعتراف بالهويات الوطنية المستقلة للشعوب وحقها في السيادة على أراضيها وتقرير مصيرها (قرارها السيادي المستقل)، فهي تمثل الحقوق الثابتة للشعوب وجاء التشىريع الدولي والهياكل البنيوية لمؤسسات الشرعية الدولية لشرعنة هذه الحقوق وتثبيتها وحمايتها، وحمايتها حماية للأمن والسلم الدوليين. وما يسمى بالمجتمع الدولي ينبغي أن يكون تابعا منفذا للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة المستندة إلى روح القانون الدولي، وأي دور تتولاه الأمم المتحدة لأمر ما يسمى المجتمع الدولي لا يستند إلى القانون الدولي والتشريعات الدولية لا مشروعية له، ودور الأمم المتحدة والمجتمع الدولي في اليمن ينبغي ألا يخرج عن نصوص القانون الدولي، أن يقوم على تجديد الاعتراف بالشعبين وبالهوية الوطنية المستقلة لكل شعب، وحقه في السيادة على أرضه وتمكين كل شعب من ممارسة حقه في تقرير مصيره.

الحل السياسي أم العسكري
واختتم حديثه قائلاً: يجيب أن نشير إلى ثلاثة منطلقات للحل المشروع الذي يعيد الحقوق الثابتة لطرفي الشرعية في اليمن، المتمثلة بشعبي الجنوب والشمال، وسلوك أطراف الصراع في اليمن والأطراف الإقليمية والدولية إزاء هذه المنطلقات، ونتصور ذلك بحسب الآتي:
أولا- الإقرار بحالة الفوضى واللا شرعية الموجودة على أرض الواقع.

ثانيا- الإقرار بالشرعيات الثابتة المتمثلة بالشعبين، والاعتراف بحقوقهم الثابتة (هوية وسيادة وتقرير مصير) والإقرار بضرورة التوصل إلى حل يستوعب ذلك.

وثالثا- الأطراف المعنية الثلاثة، وهما طرفا الحرب الجنوب والشمال، والطرف الإقليمي والأمم المتحدة ومؤسساتها الشرعية، وتتفق هذه الأطراف على خارطة طريق للانتقال من حالة الفوضى والصراع والحروب إلى إحقاق الحق وتمكين الشرعيات الثابتة المتمثلة بشعبي الجنوب والشمال وإعادة بناء دولهما الوطنية المستقلة على حدودهما السابقة قبل مايو 1990م، والسير بهذا المسار يجعل الحل السياسي أقرب وفي متناول اليد، أما تجاهل ذلك فيعني جعل الساحة مهيأة لاستمرار الفوضى والصراع، ويغلب فرض الحل العسكري ويجعل الأمن والسلام بعيد المنال.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى