صياغة السلام في اليمن

> الجولات المكوكية التي يقوم بها مبعوث الولايات المتحدة الأمريكية إلى اليمن، تيم ليندركينج، في عدد من الدول التي لها صلة بمعالجة ملف الأزمة في البلاد، تشي برغبة الولايات المتحدة في وضع حد للحرب الدائرة في البلاد منذ ما يقرب من سبع سنوات، وإنهاء أزمة سياسية سبقتها، تزامنت مع ما يسمى «الربيع العربي» عام 2011.
وعلى الرغم من الجدية التي تتسم بها الإدارة الأمريكية في الآونة الأخيرة لحلحلة هذه الأزمة، فإنها لا تزال تدور في حلقة مفرغة، خاصة في ظل التشدد الذي تُبديه بعض الأطراف السياسية التي لم تعلن حتى الآن، موافقتها على وقف الحرب، والبدء بحوار سياسي شامل من دون شروط؛ لأن هذا هو المطلب الأول في تحريك ملف الأزمة.

لا شك في أن المواقف الأمريكية تنطلق من عدة اعتبارات أساسية، أولها الوضع الإنساني في اليمن الذي يتدهور بصورة مريعة، ويشكل تحديا للمجتمع الدولي بأسره، كما أن الولايات المتحدة تريد أن تترك بصمة على قضايا الصراع المختلفة في العالم، من بينها اليمن، وهي الوعود التي قدمها الرئيس جو بايدن، ووزير خارجيته توني بلينكن، بعد وصول الديمقراطيين إلى البيت الأبيض العام الماضي.

من المعروف أن للديمقراطيين نظرة مختلفة لأزمات العالم عن تلك التي يمتلكها الجمهوريون، وقد رأينا صراعات شديدة في بعض المؤسسات التشريعية في الولايات المتحدة حيال قضايا عدة، وهو أمر يعكس حدة التقاطعات في نظرة الطرفين للأحداث في العالم، لكن اللافت أن الديمقراطيين حاولوا هذه المرة إحداث قطيعة تامة مع السياسة التي اتبعها الجمهوريون في ولاية الرئيس السابق دونالد ترامب.

بالطبع لا يعني أن نظرة الديمقراطيين لأحداث العالم تختلف عن نظرة الجمهوريين، لكن هناك طريقة مختلفة في التعاطي مع هذه الأحداث وحلولها، وإن كانت في النهاية تصب في مصلحة الولايات المتحدة، التي ترغب في أن تبقى الرقم 1 في العالم، وأن تكون المرجع في كل أزماته، وأن تفرض هيبتها على الجميع، حتى إن كان من بينهم حلفاء لها.

في الملف اليمني، تسير الولايات المتحدة في طريق مملوء بالألغام، فالوضع في البلد ليس عاديا، وقد اختبرت جهود ليندركينج، التي بذلها خلال الأشهر القليلة الماضية، لكنها لم تنجح حتى الآن في إحداث اختراق جدي، يمكن أن يؤسس لسلام شامل ودائم في بلد يعيش أسوأ فترات وجوده.

لا شك في أن ملف اليمن ليس كما هو حال ملفات كثيرة، فهناك تقاطعات سياسية وقبلية ومذهبية، تحتاج إلى انتهاج سياسة مختلفة عن تلك التي تم اتباعها في بقية الأزمات، لكن إذا توافرت الإرادة السياسية الجادة لدى الأطراف المتصارعة في البلاد، فإن إمكانية حدوث مقاربات بينها ستكون هينة. وفي هذا الإطار لا يمكن التعويل على الجهد الخارجي لحل الأزمة، بل التعويل الأهم والأكبر يكون على الداخل، فهو صاحب القرار الأول في صياغة الحل النهائي للسلام.

"الخليج"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى