بعد عاصفة سنواتها الست.. السعودية "لا اليمن موحد ولا جنوبه مستقل"

> "السعودية اتخذت قرارا بتمكين المجلس الانتقالي الجنوبي في المحافظات الجنوبية كسلطة أمر واقع، مستفيدة من ضعف الشرعية اليمنية"، بهذه العبارة أطلقت قناة الجزيرة صافرة البداية لوسائل الإعلام المؤيدة للشرعية لشن هجوم إعلامي ضد السعودية وسفيرها باليمن، الذي دعا الحكومة اليمنية الموجودة بعاصمة بلاده للعودة إلى عدن، وتنفيذ ما تبقى من اتفاق الرياض بينها وبين الانتقالي الجنوبي، فهذه الدعوة، هي الأخرى، ضاعفت من منسوب الغضب لدى ذلك الإعلام، مع أن الشرعية، وهي تتحدث عن انحياز السعودية للمجلس الانتقالي، تعرف جيدا الّا انحياز سياسي سعودي حقيقي جاد سواءً إلى جانب الانتقالي أو غيره من القوى بالجنوب، وبالذات في هذا الظرف الذي تسعى فيه الرياض إلى عدم استفزاز أي حزب أو كيان شمالي بموضوع الجنوب، بقدر ما ترى ، أي السعودية، في الانتقالي سلطة أمر واقع يصعب الصدام معها، فهي تتلمس طرق الخروج من ورطة هذه الحرب بمساعدة كل القوى الفاعلة على الأرض جنوبا وشمالا، وفيهم الحوثيون، برغم تمنعهم حتى الآن من أي تعاون مباشر مع المملكة لوضع نهاية لهذه الحرب قبل أن تنصاع لشروطهم. مع إقرارنا أن السعودية تتخذ من أية قوة جنوبية، بمن فيها الانتقالي، وسيلة ضغط مقابلة ضد الأطراف الشمالية، كما سبق لها أن استفادت، ووظفت منذ بداية هذه الحرب ورقة المقاومة الجنوبية ضد قوات الحوثي وصالح.

إعلام الشرعية الذي يتحدث عن مساع سعودية لتمكين الانتقالي من الاستقلال بالجنوب، يعرف تماما أن السعودية لن تجازف بموقف كهذا - على الأقل بالوقت الراهن- ولكن هذه المسماة بالشرعية تحاول بتذاكٍ وفهلوة ممارسة ابتزاز السعودية بشكل لئيم، كي تمكنها من بسط جناحيها على الجنوب، على حساب المشروع الجنوبي، ولتقويض الانتقالي، وتشديد الخناق حول عنقه بحبل سعودي متين، وقطع الطريق أمام أي محاولة لإشراكه في عملية التسوية القادمة- فالشرعية ترى معركتها بالجنوب معركة وجودية، اليوم قبل الغد- في قت تسعى فيه السعودية لإبرام صفقة مع صنعاء بمعزل عن هذه الشرعية. فلو كانت السعودية تود مساعدة الانتقالي مساعدة جادة لتحقيق تطلعاته الاستقلالية لفعلت ذلك منذ سنوات، ولكنها، وللأسباب آنفة الذكر، لم تفعل ولن تفعل في المدى القريب والمتوسط وربما البعيد، وإلا لكان علم دولة الجنوب يخفق فوق ساريات الهيئات الدولية والإقليمية. فمن ذا الذي سيقف بوجه ورغبة مملكة النفط الثرية، ومن ذا سيحول بينها وبين سحر مالها ونفوذها الدبلوماسي ورمزيتها الدينية بالمنطقة والعالم، فهي المملكة التي عُرف عنها كيف تروض حكام الدول العظمى، وتستميل مواقف بلدانهم بالمحافل الدولية لمصلحتها، وتنتزع منهم ما لذ لها وطاب من قرارات ومواقف وسلاح وتضامن بجرة قلم فوق شيك بياض مفتوح، يمتد من جُـزر القمر جنوبا، إلى لندن وواشنطن شمالا.

بالمجمل نقول: السعودية ليست حريصة على جنوب اليمن بقدر حرصها على جنوبها الذي يتوجع بصمت على وقع الهجمات الجوية والأرضية، كما أنها ليست حريصة على تحقيق أي غاية جنوبية، ليس هذا الموقف حيال الجنوب خصومة منها، بل لأن مصلحتها تتسق وهذا الموقف.

ولذات المصلحة نراها ليست حريصة على بقاء يمن موحد متماسك كما يعتقد بعض البلهاء، وهذا الموقف أيضا ليس حقدا، بل كما أسلفنا تقتضي مصلحتها، فالسعودية ترى أن مصلحتها هذه ستتحقق في يمن مهترئ يسهل الاستئثار به وبطاقاته وموقعه الاستراتيجي، يمن لا هو بالموحد كما كان بعد عام 1994م، ولا هو يمنين كما كان قبل عام 1990م. يمن بين بين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى