كيف لا تستقر العملة في صنعاء والمنظمات تضخ مليارات الدولارات للمركزي هناك

> تقرير/ هشام عطيري:

>
  • 5 مليارات دولار إجمالي التحويلات المالية من المانحين عبر مركزي صنعاء
  • د.الزعوري: 30 % فائدة صنعاء من حجم تمويل مشاريع المنظمات
  • د.السقاف: نرفض تدخل المنظمات في لحج دون الرجوع إلينا كشركاء
  • الصماتي: 75 منظمة ومؤسسة محلية ودولية تعمل في لحج منذ 2020م وهي عامل مساعد وليست حل أساس
على الرغم من صدور قرارات عدة من جهات حكومية، بنقل المقرات الرئيسة للمنظمات الدولية من صنعاء إلى عدن، باعتبارها مقر حكومة المناصفة، إلا أن تلك القرارات لم تلقَ استجابة كاملة من قبل المنظمات، التي لازالت تشرف على أعمال فروعها في كل المحافظات، حتى المحررة منها من صنعاء.

وأسهمت المنظمات الدولية في ضخ مليارات الدولارات خلال سنوات عملها، منذ ما بعد الحرب إلى مركزي صنعاء إلى اليوم، مما ساعد في استقرار العملة المحلية وثباتها، في حين تشهد المحافظات المحررة حالة من عدم الاستقرار، جراء تدني سعر صرف العملة المحلية أمام العملات الصعبة بشكل مستمر، وبالتالي ارتفاع الأسعار وتضاعف معاناة المواطنين.

ويكشف مهتم بالشأن الاقتصادي أن حجم الأموال التي استلمتها المنظمات من الدول المانحة، والتي مرت عبر البنك المركزي في صنعاء، بلغت خلال الفترة من 2016م حتى العام 2020م 5 مليارات دولار أي ما يعادل 18.750 مليار ريال سعودي، بينما الأموال التي قدمها التحالف، خلال الفترة نفسها، على صورة رواتب للألوية المقاتلة في مختلف جبهات اليمن والمحافظات الجنوبية المحررة ومأرب، تجاوزت حدود 5 ترليونات ريال سعودي.

وزير الشؤون الاجتماعية والعمل في حكومة المناصفة د.محمد سعيد الزعوري قال بإن المقرات الرئيسة لمعظم المنظمات الدولية في صنعاء، وأن للبعض منها مكاتب فرعية في العاصمة عدن، مشيرًا إلى أن مسؤولية إبرام الاتفاقيات مع هذه المنظمات تقع على عاتق وزارة التخطيط والتعاون الدولي.

وأكد بأن الوزارة تقدمت في أكثر من مناسبة بالمطالبة بإلزام المنظمات الدولية بالانتقال إلى العاصمة عدن، باعتبارها العاصمة الرسمية التي يتواجد فيها البنك المركزي، والحكومة، ودواوين الوزارات، والمؤسسات والهيئات، والصناديق الحكومية المعترف بها دوليًا، "خلافًا لكل ذلك حتى اليوم مازالت المنظمات الدولية تمارس أعمالها من مناطق سيطرة المليشيات في صنعاء، وفي الوقت نفسه يتم منحها تصاريح مزاولة العمل من العاصمة عدن، وهو الأمر الذي يضع الحكومة أمام مسؤولية قانونية وأخلاقية، يجب الوفاء بها، منعًا للتداعيات الاقتصادية الخطيرة على الوقع المعيشي للمواطنين".

وأوضح الزعوري أن المخاطر التي تنتج عن بقاء المكاتب الرئيسة للمنظمات الدولية في صنعاء مع وجود فروع لها في عدن هو المساهمة بنسبة كبيرة في انهيار الريال مقابل العملات الأجنبية، يعزز ذلك انقسام السلطة النقدية، واعتماد الحوثيين للعملة القديمة، كعملة مستقلة مقابل الطبعة الجديدة في عدن، بمعنى وجود عملتين وفقًا للسياسة النقدية التي فرضتها المليشيات في مناطق سيطرتها.

وتستفيد صنعاء من المنح المالية التي تدير بها المنظمات أنشطتها ومشاريعها في مختلف المحافظات، ومنها المحافظات المحررة بما نسبته ٣٠ ٪ من حجم التمويل، حسب الوزير الذي شرح بأنه "في المرحلة الأولى، يتم تحويل المنح من الدول المانحة إلى هذه المنظمات عبر البنوك والمصارف التي يسيطر عليها الحوثي ومكاتبها الرئيسة في صنعاء، وفي المرحلة الثانية تقوم المنظمات بتحويل المبالغ المالية الخاصة بمشاريع المحافظات المحررة لفروعها بالعاصمة المؤقتة عدن بالإشعارات البنكية عبر عدة بنوك، منها بنك اليمن الدولي، وغالبًا تقوم هذه البنوك بصرف الحوالات بالريال اليمني الطبعة الجديدة بفارق صرف يزيد عن ٣٠٠ ريال للدولار الواحد، وهو فارق الصرف بين العملة القديمة في صنعاء والجديدة في عدن، وإن صرفت بالدولار فيتم من السيولة النقدية المتواجدة بهذه الفروع دون أي تعزيز مالي بين المقرات الرئيسة والفروع، نتيجة للقيود المفروضة على حركة نقل الأموال، بمعنى احتفاظ صنعاء بالنقد الأجنبي، بينما يتم تمويل الأنشطة في عدن والمحافظات المحررة من المخزون النقدي المحلي، وهذا هو أحد أسباب انهيار العملة المحلية لقلة المعروض النقدي من العملات الأجنبية".

ويرى وزير الشؤون الاجتماعية أنه لا بد من التحرك الجاد لوقف هذا العبث والاستهتار بحياة الناس، من خلال تنفيذ سياسات نقدية صارمة، تعيد للريال المحلي توازنه، وكذا تحريك عجلة الاقتصاد، وزيادة كميات النفط المصدرة، وتشغيل مصفاة تكرير النفط، وإلزام المنظمات الدولية والصناديق والهيئات الانتقال إلى العاصمة عدن، وإيداع المنح المالية الأجنبية في البنك المركزي عدن، أو أحد البنوك التي مقراتها الرئيسة في عدن، وإعادة ضبط موارد الدولة بمختلف مسمياتها، والعمل على محاربة الفساد وغسيل الأموال والتهريب، مشيرًا إلى حدوث كارثة إنسانية وشيكة يصعب تلافيها سريعًا ما لم يتم التحرك بصورة عاجلة.

وحسب تحليل المختص بالشأن الاقتصادي فإن الدور الحقيقي للتحويلات المالية متباينة بين صنعاء وعدن، إذ إن المواطن في المناطق غير المحررة يستفيد من تلك التحويلات التي خلقت جوًا من الاستقرار لأسعار الصرف والسلع الغذائية، لكن الأمر مختلف تمامًا في عدن، وذلك لأن جوهر مشكلة استقرار العملة برأي المختص ليس أموال المنظمات، إنما هو الهروب من العجز والفشل المريع لحكومة الشرعية وسلطتها التنفيذية.

وتابع: "عدم وجود سياسة نقدية واضحة وشفافة من قبل المركزي في هو السبب الرئيس في امتناع المنظمات الدولية عن نقل مكاتبها إلى عدن، ويكمن الحل في إيجاد إدارة اقتصادية في جانبين الأول وزارة المالية وسياسات الحكومة في السحب بالمكشوف لسداد رواتب الموظفين، والثاني وجود إدارة عليا للبنك المركزي في عدن تدرك وتستوعب ما هي وظائف البنك المركزي الجوهرية غير طباعة وإصدار النقود، ولديها قدرة على تفعيل أدوات السياسة النقدية".

هشام السقاف
هشام السقاف
مدير عام مكتب التخطيط والتعاون الدولي د. هشام السقاف، كان يأمل بأن تكون المنظمات مراكزها الرئيسة في مدينه عدن، ولكن طوال الفترة الماضية لا زالت غالبية المنظمات الدولية تحتفظ بمقراتها الرئيسة في صنعاء، مما يسبب بعض الإرباك بالعمل لدى المكتب، إلا أنه قال متفائلًا بإن فرص السلام ممكن أن تبلور رؤى جديدة للمنظمات الدولية، على الرغم من تأكيده بأن الموضوع لا يمكن أن يكون أمرًا بل متروكًا للأمم المتحدة.

ويفيد السقاف بأنهم يعملون في محافظة لحج بشكل مكثف مع المنظمات التي كان لها تدخلات منذ ما بعد الحرب، وقدمت أشياء كثيرة للمحافظة مع وجود ملاحظات له على بعض المنظمات التي تتدخل في المحافظة دون العودة للجهات المختصة وخاصة السلطة المحلية ومكتب التخطيط والتعاون الدولي.

السلطة المحلية بلحج عقدت لقاءً موسعًا ضم المنظمات والمؤسسات الدولية والمحلية العاملة في لحج، وسلمت لها خطة التدخلات للمحافظة، وفي هذا الشأن يبين السقاف بأن بعض المنظمات استجابت وتعمل بالشراكة مع السلطة المحلية ومكتب التخطيط والتعاون الدولي، كبرنامج الغذاء العالمي المتواجد في كل مديرية من مديريات المحافظة الـ 15 فيما بعض تلك المنظمات الدولية ترى نفسها مخولة بالعمل بلا تشاركية، مؤكدًا اتخاذ المكتب إجراءات ضد تلك المنظمات.

ودعا السقاف المنظمات والمؤسسات أن تتعامل بالنافذة الواحدة مع مكتب التخطيط كشركاء معهم وليس استشاريين أو موقعين على الاتفاقيات، مبديًا استعداد المكتب لتذليل الصعاب عند تدخلهم في مديريات المحافظة المختلفة.

وقال:" أحيانًا تحدث مشاكل مع منظمة عاملة في منطقة معينة بالمحافظة ونحن لا نعلم أصلًا متى تدخلت، وهذا مرفوض جملة وتفصيلًا.. المؤشرات تشير إلى أننا نمشي في الطريق الصحيح، لدينا محافظ يرعى هذه الأمور أول بأول ونرجو من المنظمات التي لا تتعامل مع مكتب التخطيط والتعاون أن تبدأ الآن عملها معنا ونحن سنكون لها عونًا وسنسهل لها الكثير من الأمور".

"خلال 2020م والنصف الأول من 2021م بلغ عدد المنظمات الدولية والمؤسسات العاملة بالمحافظة 75 منظمة ومؤسسة دولية ومحلية"، قال عمر الصماتي، مستشار المحافظة لشؤون المنظمات الدولية بلحج الذي أكد أن قضية نقل مكاتب المنظمات الى عدن ليس بالأمر الهين أو السهل؛ لأنها قضايا تخص المجتمع الدولي والأمم المتحدة هي من تقرر ذلك في إعطاء الموافقة بنقلها أو لا.

وأشار خلال حديثه لـ"الأيام" إلى أن "كل مكاتب المنظمات الرئيسة في صنعاء إلا أن هناك بعض المنظمات بدأت تنتقل إلى عدن، بسبب بعض الإجراءات التي اتخذتها المليشيات الحوثية، فنقل مقار المنظمات يعتمد على المنظمة نفسها التي تطلب موافقة مركزها الرئيس في الدول الأوربية".

وأضاف "المنظمات الدولية تعمل على توفير العملة الصعبة في المناطق التي تعمل فيها بحسب كمية المشاريع أكان في الشمال أو الجنوب، و ساهمت من خلال تلك المشاريع بتدفقات مالية تحسن الوضع المعيشي، ورفد العملة الصعبة في الشمال والجنوب، وتحسين بعض الخدمات نتيجة غياب وضعف الدولة، مثلًا المنظمات الدولية تعمل في الجانب الإنساني ونسبة السكان في المناطق الشمالية أكثر من السكان في المناطق الجنوبية فلا تستطيع أي جهة حكومية أن تلزم المنظمات بعملية النقل فذلك يعتمد على البيئة المجتمعية هل تقبل تلك المنظمات أم لا، فالبيئة المناسبة لتلك المنظمات أين ما وجدت فباستطاعتها إقناع المنظمات على العمل فيها أكان في الشمال أو الجنوب أما إذا وجدت أن هناك مجتمع طارد لعملها فأكيد إنها ستنقل إلى مكان آخر".

ولفت الصماتي إلى أنه لا يجب خلط الأمور فالمنظمات جاءت كعامل مساعد لجهود الدولة وليس كحل لمشاكلها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى