نجيب محمد يابلي.. ذاكرة عدن وضميرها اليقظ

> صحفي قدير، وقلم ساحر، يمتلك مشرطًا حادًا، ومهارة نطاسي يستأصل العضو العليل دون شعور المريض بألم الجراحة.
إنسان البساطة والتواضع، يألف ويؤلف منذ الوهلة الأولى، كنت أقرؤه باستمتاع شديد كواحد من أهم كتاب المقال الصحفي.

بداية التعارف والتلاقي في منتدى الباشراحيل، وهو المنتدى الذي يضم النخب المثقفة والأدبية والصحفية والشخصيات العامة العدنية واليمنية.
قرأته قبلًا، قرأت كتاباته عن المدينة التي سكنته وسكنها.

أرخ لإرثها التاريخي العظيم، وعايش وتناغم في مووايل أفراحها، وبكى مآتم أتراحها، ومآسيها الكثيرة.

اختزنت ذاكرته مواويل عمال البحار، امتزج بألحان خليل محمد خليل، والشيخ سعد عبدالله، والقمندان، والمسلمي، والشيخ علي أبوبكر باشراحيل، وجمعة خان وعمر غابة، والماس، والعنتري، وبامخرمة، والزيدي، وفيصل، وفتحية الصغيرة، ورجاء باسودان، ونجيبة عبد الله، وعشرات، كما استوعب عميقًا نشأة الحركة النقابية العمالية: محمد باشرين ومن منا لا يعرف محمد باشرين العارف النقابي المثقف المتعدد المواهب.

قرأ الشهيدين حسين القاضي وعبدالله عبد المجيد السلفي وعبد الله علي مرشد وعبده خليل سليمان والأستاذ محمد سالم باسندوة والأستاذ عبدالله عبدالمجيد المجيد الأصنج ومحمد سالم علي عبده ومحمد عبده نعمان وعشرات غيرهم.
الرجل المتعدد الكثير في مواهبه، وفي الأعمال التي ارتبط بها وشغلها.

نجيب يابلي ليس ذاكرة عدن فحسب، بل وبصرها الزاري بزرقاء اليمامة، وبصيرتها التي تقرأ كف المستقبل وضمير الغيب.
قلم يغوص في أعماق الواقع ويستشرف آفاق الاتي.

قرأ المدينة عدن وامتداداتها في عموم الجزيرة والخليج.
درس البواكير الأولى للنهضة العربية التي امتد أثرها العميقة لليمن كله.

عمل في الغرفة التجارية العدنية التي تعتبر أول غرفة تجارية في الجزيرة والخليج، وانفتح على الفكر السياسي القومي في أفقه اليساري، الطليعة الشعبية، الفصيل التقدمي، وأحد الفصائل الثلاث المؤسسة للتنظيم السياسي، كما انفتح بوعي وإدراك على الفكر الإنساني.
بنى نفسه فهو الابن البار للشيخ الجليل محمد اليابلي، ورث منه مهنة التدريس، كما ورث من مدينته عدن الانفتاح على المعتقدات المتعددة التي شهدتها في عصورها الذهبية، وتعلم منها التعايش والتسامح والانفتاح على مختلف تيارات العصر الفكرية والسياسية، مثقف عضوي بامتياز، قرأ الصحافة، ودرس رموزها الخالدة، فتاة الجزيرة، ورائد الصحافة ورمزها الأبرز محمد علي لقمان. كما درس "الأيام" ورمزها الكبير الشيخ محمد علي باشراحيل، ومفرداتها الريكوردر والرقيب بالعربية والإنجليزية.

كما قرأ بروز الصحافة العدنية: البعث، الفاروق، الفضول، صوت اليمن والجنوب العربي، ورئيس تحريرها الصحفي الرائد أحمد عمر بافقيه، الذي رأس وأسس عدة صحف في المهاجر و الوطن والأمل ورئيس تحريرها المفكر العربي الكبير عبد الله عبد الرزاق باذيب والطريق والنهضة ومجلة المستقبل ومجلة الفكر والثقافة والأدب الحديث.

تربى في مناخ ازدهار المدينة وبروز الأحزاب السياسية والحركة النقابية والنشاط المدني الواسع والنشاط التجاري، والمواهب الأدبية والثقافية والفنية الكبيرة إنه الابن البار لنهضة عدن وازدهارها، نشأ وترعرع في مناخات الحرية والديمقراطية والتعددية السياسية والحزبية، فكان مثالًا يحتذى، وقدوة حسنة، السيرة العطرة للصحافي القدير والعلم المدني والثقافي تحتاج إلى وقفة أوسع وأشمل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى