​مفاوضات اتفاق الرياض.. هل تُحيي عظامه وهي رميم؟

>
لم يعد لدى وفد المجلس الانتقالي الجنوبي الموجود في الرياض ما يقدمه للسعودية من تنازلات، ولا لهذه الأخيرة رغبة بتلبية مطالبه حتى تلك المتعلقة ببنود اتفاق الرياض المرتعش، خصوصاً فيما يتعلق بمطالب الانتقالي بشأن محافظة شبوة التي يحكم حزب الإصلاح باسم الشرعية السيطرة على معظم مديرياتها، والتي يطالب الانتقالي من السعودية إرغام الإصلاح على الكف عن تعسفاته بحق نشطاء المجلس وكل المناوئين له فيها، ورفع يده العسكرية والأمنية من قمع التظاهرات الشعبية المطالبة بتوفير الخدمات والوظائف والأمن بهذه المحافظة.

نحن إذاً إزاء مفاوضات تكرر نفسها عند كل جولة تفاوض، وتعيد نقاشاً حول بنود اتفاق لا تحتاج لتنفيذها سوى نوايا صادقة، بمعنى أوضح نحن إزاء مفاوضات الباب الدوار، ونشعر معه بحالة غثيان ودوار.
فالسعودية مثلها مثل هذه المسماة بالشرعية أو بالأصح حزب الإصلاح، ترى في شبوة جغرافيا غاية بالأهمية -كخاصرة دسمة للجنوب- يجب قصمها نصفين لسهولة ابتلاعها، وأهمية اقتصادية وسياسية، سعودية مُحرمة على الانتقالي وعلى غير الانتقالي من القوى الرافضة للمشروع المريب المسمى جزافاً بـ "الدولة الاتحادية"، فشبوة من منظور الأطماع السعودية هي مفتاح ذلك المشروع  الذي تم نسج خيوطه خلسة بإشراف أمريكي على منوال المصالح السعودية تحت سقف فندق موفنبيك عام 2014م، فمثل مخطط كهذا إن تم تمريره سيعني بالضرورة تقاسم الجنوب والسيطرة على ما فوق ثراه وما تحته بين السعودية وأمريكا ومعهما حزب الإصلاح وبعض القوى والشخصيات المتكسبة.

فهذا المخطط المسمى بدولة الستة الأقاليم يهدف سعودياً وأمريكاً وإصلاحياً لشطر الجنوب إلى قسمين لفصل عدن عن المكلا بعد أن تقاطعت المصالح هناك، بقوة الحديد والنار عسكرياً وسياسياً واقتصادياً لعزل شرقه الثري -المهرة وحضرموت وشبوة وسقطرى- عن غربه الفقير المسلح. والهيمنة على مقدراته الطائلة ومنافذه وجزره الإستراتيجية، وعلى قرراه السياسي ودفن قضيته الوطنية تحت رمال خديعة الدولة الاتحادية وكثبان أكذوبة الأمن القومي العربي.

ولهذا نرى الرياض ومن خلفها واشنطن تفرض فيتو على الانتقالي وعلى غير الانتقالي من القوى الجنوبية الحية، أن يتجه شرقاً نحو منابع النفط والثروة والمنافذ، كما تمنع القوات المسماة بالجيش الوطني من التوجه صوب عدن لإنجاح طبخة هذا المخطط. فالسعودية من قرابة ثلاثة أعوام على الأقل تعمل بدأب على تحقيق غاياتها المثيرة للتوجس، وقد شرعت من محافظة المهرة التي أضحت محافظة سعودية غير معلنة بعد أن طردت منها القوات الإماراتية لتكون نافذتها النفطية على بحر العرب ومنطقة نفوذ حيوية تعوضها عما فقدته في شمال اليمن، فضلاً عن اتخاذها من هذه المحافظة نقطة متقدمة بوجه سلطنة عمان التي ترى فيها خصماً غير معلن وحليفاً إيرانياً خطيراً، وعطفاً على هذه الحقائق سيجد فريق المجلس الانتقالي المفاوض في الرياض نفسه يحرث في بحر من الخديعة وهو يستجدي موقفاً سعودياً حازماً بوجه الإصلاح في شبوة وسيئون والمهرة، فمنع أي وجود للانتقالي في هذه المحافظات هي رغبة سعودية قبل أن تكون رغبة إصلاحية. فاتفاق الرياض يراد له من يومه الأول أن يقوم بمهمة طارئة ليس أكثر، وهي نزع فتيل التوتر في أبين وحسب، ما دون ذاك من البنود المتعلقة بمساراته الثلاثة: الأمني (العسكري والسياسي)، والاقتصادي فيراد لها أن تظل حبر على ورق لحاجة هي في نفس الرياض والحكومة اليمنية الموالية لها، القابعة بفنادقها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى